أكد عمرو الجارحي وزير المالية أن الحكومة تعمل الآن على صياغة سياسة ضريبية مستقرة بعد تغيرات وتقلبات في الفترات الماضية وذلك لبناء الثقة بين دافعي الضرائب وبين الإدارة الضريبية .

وأضاف خلال كلمته أمام الغرفة التجارية الأمريكية بواشنطن أن الحكومة تعمل على إصلاحات جمركية مدروسة مع تعزيز الشفافية والوضوح في كل الإجراءات، وتتطلع إلى تحسن سريع يلمسه المواطنون والمستثمرون ليتأكدوا من ايجابية الاتجاه الجديد الذي نمضي.
جاء ذلك خلال المؤتمر الذي نظمته الغرفة التجارية الأمريكية بواشنطن لبعثة طرق الأبواب المصرية برئاسة أنيس أكليمندوس، والتي تزور الولايات المتحدة حاليا بحضور عدد كبير من رجال الأعمال والمستثمرين الأمريكيين.
وأوضح "الجارحي" أنه أمضى سنوات طويلة في العمل بمؤسسات المال والاستثمار والتمويل مما أعطاه فهما جيدا لما يمكن عمله وما يجب عمله لإصلاح الاقتصاد المصري .
وقال إن لدينا فريقا حكوميا قويا ومتناغما لديه خبرة في الإصلاحات بعد أن مر على مصر دورات من النمو والتراجع امتدت لـ 35 عاما .
وأكد وزير المالية أن عددا كبيرا من المستثمرين العالميين يرغبون في الاستثمار بمصر، في العديد من القطاعات المختلفة ولدينا ثقة أن المستثمرين قادمون إلى بلادنا لان الإصلاحات مستمرة وتمضي على الطريق السليم
وأوضح أن هناك مشاكل وتحديات نواجهها ونعمل على حلها بحلول ذكية وسريعة مثل مشكلة النقد الأجنبي والجميع يعلم أنه يوجد نقص تاريخي للعملة في مصر بدرجات متفاوتة، لكنه وصل إلى مستوى واضح منذ نهاية العام الماضي وحتى الآن بسبب تراجع عوائد مصر من النقد الأجنبي .
وأشار إلى أن تراجع التجارة العالمية أدى إلى خفض صادرات مصر، وقد لعب عدم وجود عملة بشكل كاف دورا آخر في تأخير استيراد الخامات اللازمة لمصانع التصدير مما أدى إلى زيادة التراجع في توفير العملة, وفي تلك الأثناء كانت عملات الدول تتحرك هبوطا في الفترة من 2010 إلى 2015،غير أنه حدث تأخرا في التجاوب مع هذه الموجة.
وتابع: أنه في النهاية تم خفض الجنيه المصري بشكل ملحوظ ، بعد أن كان الدولار يساوي نحو 5 .5 جنيها في بداية 2011 ، وأصبح الآن يساوي 8.88 جنيها، وهي خطوة جيدة أثرت على خفض تكلفة الصادرات المصرية من جهة كما أدت إلى تفضيل بعض المشاريع الجاري العمل بها للمنتجات المحلية بعد أن زادت تكلفة الوارد، مشيرا إلى أن عجز الميزان التجاري سيقل بمرور الوقت بسبب ما تم في سعر الصرف .
وأضاف "الجارحي" أن التشاور والتنسيق مستمر مع البنك المركزي ولكن الأخير يتخذ قراراته بشكل مستقل فيما يتعلق بالأمور النقدية مثل سعر الصرف وسعر الفائدة .
وأوضح أن سعر الفائدة في مصر لو كان صفرا أو بالسالب كما هو الحال في الولايات المتحدة وبعض الدول الكبرى لما كان هناك عجز في الموازنة المصرية لأن ما يتم إنفاقه على فائدة الديون يكاد يقترب من مبلغ العجز في الموازنة .
وأكد الجارحي أن لدينا في مصر سياسات موثوقة نعمل عليها لتحفيز النمو والاستثمار والتشغيل وفي نفس الوقت العناية بكل قوة بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أننا لا نؤمن بنظرية تساقط الثروة من أعلى إلى أسفل ونفضل عليها الاستهداف المدروس لمجموعات من الفقراء وكبار السن ومحدودي الدخل .
وأشار إلى أننا نريد عجزا بالموازنة لا يزيد عن 9 % ونمو بين 5 و5.5 % في العام المقبل لكن لدينا طموح إلى ما هو أبعد ونريد أن نصل إلى 6 أو 7 % وربما 10 % في السنوات المقبلة حتى يتمكن الاقتصاد من استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل والسحب من رصيد البطالة وتوفير مستوى حياة جيد للمواطنين .
وأكد الوزير أن رسالتيه الأساسيتين إلى الحاضرين هما أن العدالة الاجتماعية مهمة جدا والنمو مهم جدا، مشيرا إلى أن ما يجري من تطوير للبنية التحتية وتوفير للطاقة ورفع كفاءة الطرق وزيادتها والنهوض بالخدمات المقدمة مع ما يوليه الرئيس بنفسه من عناية للمشروعات الكبرى وعلى رأسها شرق بورسعيد ومنطقة قناة السويس، كل ذلك يجعلنا على ثقة أننا سنحقق النمو والعدالة معا .
وأوضح الجارحي في رده على أسئلة الحاضرين أن اهتمام الحكومة المدروس بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يمكن من خلال تشجيعها تحقيق قفزة اقتصادية، وقال إنه لا يستطيع التنبؤ بما إذا كان البرلمان سيغير في برنامج الحكومة أم لا.
كما أكد الوزير علم الحكومة باهتمام المستثمرين بشكل خاص بموضوع أسعار الصرف وإتاحة العملة ولذلك فإنه يتم العمل على هذا الملف بكل قوة بتعاون الحكومة مع البنك المركزي ورفض تحديد إطار زمني لإصلاح أسواق الصرف ، مشيرا إلى أن البنك المركزي هو الذي يدير هذا الملف، مؤكدا أن الحكومة ستفعل ما تراه صحيحا فيما يتعلق بإصلاح الدعم كما أنه يعتقد أن المدرج في الموازنة للتعليم والتعليم العالي يمثل نسبة جيدة تصل إلى 6%.
من جهة أخرى قال الوزير في تصريحات صحفية عقب الانتهاء من كلمته أن الحكومة تدرس كل الخيارات فيما يتعلق بالاقتراض طويل الأجل من الخارج في شكل سندات ورفض التعليق على قانون الخدمة المدنية المرتقب قائلا إن الملف بيد وزير التخطيط ويديره بكفاءة .
وأضاف أن مصر ليس لديها أي حساسية للتعامل مع أيا من مؤسسات التمويل الدولية، مؤكدا أن مصر لم تطلب حتى الآن أي قروض من صندوق النقد الدولي، وأنها ترحب بأي مؤسسة ترغب في تمويل المشروعات التي تقام في مصر .
وقال إن الوزارة تدرس حاليا وضع الأطر اللازمة لإنهاء المنازعات الضريبية وحل النزاعات في اللجان الداخلية ولجان الدخل وأمام المحاكم بشكل سريع وفعال من أجل تنقية مناخ الاستثمار، كما تراجع الوزارة حاليا بعض الإجراءات بما فيها تعديل قانون الضرائب على الدخل إذا تطلب الأمر ذلك .