يوسف القعيد
يوسف القعيد


يوميات الأخبار

المُضـلِلِون

يوسف القعيد

الإثنين، 20 ديسمبر 2021 - 05:19 م

 

أعرف أن الدولة المصرية الراهنة لديها مشروع كامل ومتكامل لإعادة بناء الوطن على أسس جديدة. ربما لم تحدث من قبل.

فى موسوعته المهمة: المضللون، وثائق كشف أكاذيب الإخوان للدكتور محمد الباز، الباحث الجاد الذى لم يشغله العمل الإعلامى سواء فى الصحافة الورقية، أو الإليكترونية، أو تقديم برنامج تليفزيونى يومى، عن أن يستكمل مشروعه الخاص بكشف الجماعة الإرهابية. وأوشك أن أقول مشروع عمره.
 فالأجزاء الخمسة التى صدرت مؤخراً عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وأرسلها لى الدكتور هيثم الحاج على رئيس مجلس إدارة الهيئة. تكشف الكثير عن هذه الجماعة.

وأتمنى من الدكتور هيثم أن يطبع هذه الموسوعة فى مكتبة الأسرة لكى تُباع بأسعار رخيصة جداً ويتمكن المواطن العادى من اقتنائها. ذلك أن سعر الجزء من الموسوعة يتراوح بين 30 جنيهاً و40 جنيهاً. وهو مبلغ كبير جداً بالنسبة للقدرة الشرائية لدى القارئ المصرى. الذى ربما اعتبرت فئات منه أن اقتناء الكتاب مسألة كمالية وليست جوهرية. مع أنه اعتقاد خاطئ. فالكتاب لا يقل أهمية عن رغيف الخبز. هذا إذا اعتبرنا أن محو الأمية أو ما تبقى من الأميين المصريين معركة وجود.

الموسوعة تقع فى خمسة أجزاء، ولها عنوان واحد عن الذين يحاولون تضليل أمتنا وأخذها إلى الطريق الخطأ. وهو ما لن يتم إطلاقاً. فالرهان على وعى الأمة جزء جوهرى بالنسبة لى.

الجزء الأول من الموسوعة عنوانه: معركة الأزهر ضد الجماعة الإرهابية. والجزء الثانى: دعاة ومصلحون. والجزء الثالث: مفكرون وأدباء. والجزء الرابع: شهادات المنشقين عن ضلالات الإرهابية. والجزء الخامس: سياسيون فى مواجهة انحرافات الإرهابية.

أعتقد أن المعركة مازالت مستمرة. وأن المضللين يسعون بكل الإمكانات للتسلل إلى عقول الناس. خاصة الذين لا يهتمون بالشأن العام. ولا يعرفون خطرهم. لذلك فإن وجود نسخة من هذه الأجزاء الخمسة فى مكتبة كل بيت مسألة مهمة وحتمية ولابد منها. فالمعركة مازالت مستمرة، وعلينا أن ندرك هذا وأن نتصرف على أساسه.

الأجزاء الخمسة ضرورية. وكان بودى أن أتوقف طويلاً أمام الجزء الثالث، الذى عنوانه: مفكرون وأدباء ضد الجماعة الإرهابية. فأنا لا أتصور كيف يتجاهل المفكر والأديب خطورة هذه الجماعة لأنه يُدرك ويعرف ماذا تعنى؟ وماذا تريد؟ وإلى أى الأمور تهدف من عملها الذى تقوم به؟.

عندما أحلم، والحلم أمرٌ مشروع فى حياتنا ولابد منه، بل وهو ضرورى جداً. فإن حُلمى يتركز حول مصر التى لا يوجد فيها شخص واحد يؤمن بهذا الكلام. ويُعطيه أى قدر من اهتمامه. فخلاص مصر الحقيقى أن ينتقل إلى صفحات الماضى، وأن نقرأ عنهم باعتبارهم ماضياً مرفوضاً.

أعرف أن الدولة المصرية الراهنة لديها مشروع كامل ومتكامل لإعادة بناء الوطن على أسس جديدة. ربما لم تحدث من قبل. وأنها مستمرة فى هذا المشروع آناء الليل وأطراف النهار. وأننا بالفعل أصبحنا على مشارف مصر الجديدة. التى تخلو من هذه الخزعبلات الآتية لنا من الماضى السحيق. ويجب ألا يكون لها مكان فى حياتنا أبداً.
تحية للدكتور محمد الباز صاحب هذه الموسوعة الذى استطاع أن يوفر وقتاً لكتابتها، وقبل الكتابة البحث والدرس والاستقصاء وراء هذه الظاهرة المدمرة. التى أعتقد أن الوعى هو السلاح الأول ضدها. وأشكر أيضاً الدكتور هيثم الحاج على رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب على هذه الموسوعة. وأكرر أننى مازلت وسأظل أحلم بأن نجدها فى مطبوعات مكتبة الأسرة.

بناء مصر بالعلم
انظر معى لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لجامعة كفر الشيخ. وأعتقد، بل إننى متأكد أنه أول رئيس لمصر يزور جامعة إقليمية ويقضى فيها يوماً كاملاً بين الطلاب والأساتذة. وعقد اجتماعاً بالمجلس الأعلى للجامعات بمصر هناك فى كفر الشيخ.

لدرجة أننى أتصور أن الجامعات الإقليمية فى مصر وما أكثرها حسدت كفر الشيخ على زيارة اليوم الكامل الذى قضاه الرئيس هناك. تفقد أماكن كثيرة بالجامعة والتقى بالطلاب وأجرى معهم حواراً مفتوحاً تحدث فيه الطلاب بحرية تامة عما يريدون الكلام حوله. سواء ما يخص الجامعة، أو العملية التعليمية، أو ما يدور حول الوطن وما يجرى فيه من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه.

جرى هذا فى وقت تحسن فيه ترتيب مصر فى مؤشرات المعرفة العالمية، لتحتل بلادنا المركز 53 من أصل 154 دولة بعد أن كانت لا تحتل سوى المركز 95 من أصل 131 دولة. وقد جرى هذا سنة 2016، أى منذ خمس سنوات مضت. وفى هذه السنوات الخمس فقط جرى التقدم فى مؤشر مصر العالمى فى ميدان مهم جداً، ألا وهو المعرفة. التى يُعد العلم أول مكوناتها.

قال الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال زيارته المهمة أن «الرقمنة» هى المستقبل. ودعا شباب مصر جميعاً الذين كان يحدثهم من جامعة كفر الشيخ للإلتحاق بكليات الذكاء الاصطناعى التى تُشكل مستقبل العلم والمعرفة وبناء الإنسان الجديد فى حياتنا.

لم تكن جامعة كفر الشيخ مجرد مكان زاره الرئيس. فخلال الزيارة قدم الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى شرحاً مُهماً لتطورات ومكونات جامعة كفر الشيخ. وأكد أن المحافظة بها 75 ألف طالب. وبها أيضاً ـ وهذا هو الأهم  ـ 22 كلية ومعهداً. ويقوم بالتدريس فيها والبحث العلمى بها أكثر من 1700 عضو هيئة تدريس، وهيئة معاونة.

أكد الوزير أنه يتخرج من الجامعة سنوياً حوالى 12 ألف طالب وطالبة. ومن المؤكد أن الجامعة شهدت تطويراً مهماً خلال السنوات الماضية. وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى بالعمل على اكتشاف مواهب مصر ورعاية النوابغ والمتفوقين من الطلاب وتقديم الدعم المطلوب لهم بلا حدود، وبغير حساب. كما أنه خلال اجتماعه بالمجلس الأعلى للجامعات تحدث عن تطوير الأنشطة الجامعية وذلك لبناء شخصيات الطلاب وتعزيز الوعى والفهم الصحيح لديهم لما يجرى فى مصر والعالم.

الحب والزمن
هذه رواية سعيد سالم الجديدة. ومن المؤكد أننى أحسده على الاستمرار فى كتابة النص الروائى بعزيمة وإصرار. أرسلها لى الأستاذ حسن غراب صاحب دار غراب للنشر والتوزيع. والكتاب غير مدون عليه سعره. مع أن تلك مسألة مهمة. حتى لا يتلاعب الباعة بالسعر الذى تُباع به الرواية.
 وهى ليست نصاً صغيراً. فالرواية تقع فى أكثر من ثلاثمائة صفحة من القطع المتوسط. وكانت قد نُشرت على حلقات فى جريدة الدستور عام 2007، أى منذ خمسة عشر عاماً مضت. وهى فترة طويلة ظل النص عند صاحبه ينتظر النشر فى كتاب. مع أن الكتاب هو الجوهر والأساس. أما فكرة النشر فى الجرائد فهى مهمة جداً وتصل إلى أعداد هائلة من القراء، ربما تقترب من حدود الملايين فى الأرقام. لكن شهادة ميلاد العمل الأساسية هى صدوره فى كتاب.
 لا أعرف إن كانت هذه طبعة جديدة من الرواية وسبق صدورها، أم أنها الطبعة الأولى؟ فهذا غير واضح، ويجب أن يكون فى وضوح الشمس. وإن كنت من خلال متابعتى الدءوب لحركة النشر فى مصر وإلى حد ما فى الوطن العربى، أعتقد أنها الطبعة الأولى لرواية تحكى عن هموم المصريين. حيث يسترجع بطلها مذكراته القديمة عن المشاهد الماضية.

تدور الأحداث بين بيت البطل والمقهى. حيث شلة الأنس القديمة التى لم يفارقها. وتجرى الوقائع فى السياق الذى يعيش فيه سعيد سالم. ولم يفكر فى هجرتها إلى القاهرة. مثلما يفعل غيره من الأدباء والكُتَّاب والفنانين الذين يتصورون أن كونك أديباً معناه أن تترك مكانك الذى تعيش فيه وتجرى إلى القاهرة. مثلما فعلت أنا فى ستينيات القرن الماضى. وربما كان هذا خطأ.
 لكنى مازلت أذكر ابن الصعيد الجوانى محمد الخضرى عبد الحميد، القصاص والكاتب الذى رفض رفضاً قاطعاً جامعاً مانعاً مغادرة قريته والمجيئ إلى القاهرة. سعيد سالم، أسعد حظاً منه لأن الإسكندرية فيها واقع ثقافى، لا أقول إنه يساوى واقع القاهرة. ولكنه أحياناً لا يقل عنه.

نوبل 2021
منها لله جائحة كورونا. وأنا أكتب كلمة جائحة رغم اعتقادى أنها وباء. وربما كانت كلمة الوباء هى الأدق فى وصف ما فعلته بنا. وما تفعله. لأنه ما من يوم يمضى إلا وتأتى لنا أخبار مزعجة ـ كلها مزعجة ـ عن ذلك الفتَّاك الذى يحصد أرواح البشر كل صباح، وكل مساء.
 هذه الجائحة ألغت حفل تسليم جائزة نوبل للفائز بها هذا العام. وتم عمل إجراءات نتيجة للتباعد الاجتماعى الذى فرضته علينا. إنه عبد الرازق قرنح، ابن تنزانيا، إحدى دول قارتنا السمراء إفريقيا. والمقيم فى بريطانيا. وإن كان التباعد لم يمنعه من أن يلقى كلمة. نشرتها جريدة أخبار الأدب فى عددها الأخير بعد أن ترجمتها إلى اللغة العربية بسمة ناجى.

قال فى كلمته:
- لطالما أسعدتنى الكتابة حتى عندما كنت طفلاً فى المدرسة. كنت أنتظر الحصة المخصصة لكتابة قصة أو ما يرى مدرسون أنه سيثير اهتمامنا أكثر من أى حصة أخرى فى جدولنا اليومى. بعد سنوات حين صرت مُدرساً حظيت بالتجربة ذاتها بشكل عكسى. كنت أجلس فى فصل هادئ أثناء انغماس التلاميذ فى إنهاء التمرين. أستدعى فى ذهنى قصيدة لديفيد هيربارد لورانس، ويقتبس منها بعض الأبيات.

ويقول: لكن لا يمكن للكتابة أن تكون مجرد اشتباك ومجادلات. مهما كان ذلك مُحفِّزاً ومُريحاً. الكتابة لا تتعلق بمسألة واحدة، لا هذه القضية ولا تلك. أو هذا الشأن أو ذاك. وبما أنها تُعنى بحياة الإنسان بشكل ما فإن القسوة والحب والضعف تصير موضوعاتها الأساسية. عاجلاً أو آجلاً..  أعتقد أن الكتابة يجب أن تُظهر الوجه الآخر للأحداث. ما لا تراه عين القسوة والاستبداد. ما يجعل المستضعفين يثقون بأنفسهم. بغض النظر عن ازدراء الآخرين. رأيت أن أكتب عن ذلك أيضاً. وأن أكتب بصدق. كى تتعرض الكتابة للمآثر والنقائص. وتُظهر الإنسان بعيداً عن التسطيح والقوالب النمطية. حين ينجح الأمر يُنتج الجمال.
 ولأن نوبل بنوبل تُذكر، فإن أديبنا وتاج رأسنا نجيب محفوظ لم يسافر لتسلم جائزته عندما حصل عليها سنة 1988، وإنما سافرت ابنتاه والأديب الموهوب محمد سلماوى لتسلم الجائزة نيابة عنه.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة