الثلاثاء، 21 ديسمبر 2021 - 08:01 م

أصبحنا نعانى مما يسميه علماء النفس «زينو فوبيا» (فوبيا الغرباء)، أى الخوف من الغرباء. الغرباء بالنسبة لنا هم محصل الكهرباء وكاشير السوبر ماركت ومحاسب المستشفى وعامل محطة البنزين، فقد تحول هؤلاء إلى مصدر للذعر مما سيصدرونه من فواتير (دارى فاتورتك، فاتورتك بتلبش جتتى).
وحين تقف أمام أحد المرعبين الأربعة تبدأ فى تحسس جيبك أو تحاول أن تتذكر الرصيد المتبقى فى كارتك الإئتمانى من مرتب الشهر، وتبدأ تتصبب عرقا ويحمر وجهك وترتعش يداك حين تدرك أن المتبقى من المرتب لن يغطى أى فاتورة لهؤلاء رغم أننا فى الخامس من الشهر، فالمرتب طار فوق عش مجانين. وعبثا تحاول الاستعداد لكل واحد من هؤلاء المتسببين فى الزينو فوبيا، فتحمد الله أن أيام الصيف ولت وبالتالى ستغلق التكييف، لكن يقفز إليك سخان المياه الكهربائى الشره لاستهلاك الكهرباء ويخرج لك لسانه ومياهه الساخنة وكأنه قد باعك لشركة الكهرباء (حتى أنت يا سخان).

وتواصل الاستعداد لموقعة محصل الكهرباء بالتوقف عن استخدام «الكاتيل» (غلاية المياه) وتحضر الشاى على البوتاجاز، فترتفع فاتورة الغاز (قربة مقطوعة تسد من هنا، تخر من الناحية التانية). ويحضرك الفزع الأكبر فى مشوار السوبر ماركت فتحرص على ألا تشترى من العروض المغرية سوى ما تحتاجه، أو تقلل الكميات، وتبدأ لحظة مواجهة الحقيقة أمام شاشة كومبيوتر الكاشير، وتظل عينك مثبتة على الشاشة، ومع كل زنة للباركود يظهر معها سعر السلعة، تزداد ضربات قلبك مع كل مائة جنيه تضاف للحساب، وهنا تضطر للتدخل مع الكاشير لإلغاء بعض المشتريات، لأن ما فى جيبك لن يغطى كل المشتريات رغم التقييد الشديد الذى ألزمت به نفسك.

وفى طريق العودة للمنزل تضىء لمبة البنزين بالسيارة فتتوقف أمام محطة البنزين لتموين السيارة، ويبدأ هذا النوع من فوبيا عامل المحطة، وتبدأ معه حسبة دماغية (تمون 20 أو 30 لتر أو تكتفى بعشرة مع أول تكة حتى لا يصبحوا 11).

وتضغط كل هذه المعارك الحياتية على أعصابك فتصاب بأزمة لتدخل المستشفى وما تلبث أن تفيق حتى يباغتك محاسب المستشفى بفاتورة تعيدك للإغماء تضم بنودا غريبة مثل مصاريف فتح غرفة العمليات ومصاريف إغلاقها ورسوم فتح الجرح ومصاريف إغلاقه، ورسوم أخرى ما أنزل الله بها من سلطان. اللهم إنا نعوذ بك من المرعبين الأربعة.