الخميس، 23 ديسمبر 2021 - 07:22 م

كانت محافظات الصعيد طوال العقود الماضية محرومة من الخدمات الأساسية بكل أنواعها، وكان كل ما نعرفه عن الصعيد عن طريق الأفلام والمسلسلات وقضايا الثأر وتجارة السلاح والمخدرات، وكان العمل فى الصعيد عملية عقابية للموظف الفاسد أو المغضوب عليه. كان حلم ابناء أى قرية فى الصعيد هو مجرد إنارة القرية التى كانت تخضع للواسطة وتدخل كبار العائلات من أبنائها ممن يشغلون وظائف مرموقة.

أما المياه فكانت طلمبات أو آباراً إلا فى بعض المراكز بالمحافظات والمدن الكبرى وتركيب وصلة المياه مما كان يطلق عليه «عملية المية» وهى محطات تنقية صغيرة لامداد المدينة أو القرية فقط، أما الصرف الصحى فكان لايزيد على ٢٪ من اجمالى تلك المحافظات ووجود مدرسة ثانوية واحدة ببعض المراكز ووحدة صحية خالية من الأطباء والممرضين والأدوية.

المشروعات الخدمية التى تحتاج إليها محافظات الصعيد كانت تدرج فى ميزانية الدولة بصورة سيئة وترحل كل عام لعدم وجود تمويل وكان يتم تحديد مبلغ لا يمثل ٢٪ إلى ٥٪ من تكلفة تلك المشروعات على سبيل التذكار وأن المشروع قائم، لكنه لا ينفذ!

سنوات طويلة من التهميش والحرمان وكان الحصول على أصوات ابناء الصعيد فى الانتخابات البرلمانية أو المحلية فى العديد من الدوائر مقابل توقيع من وزير لمرشح بإنارة قرية أو توفير محطة مياه الشرب أو إنشاء وحدة صحية أو إضافة عدد من الفصول المدرسية أو تعيين موظف أو عامل!

كانت معظم هذه الموافقات يطويها النسيان بمجرد فوز المرشح بالعضوية، وتتكرر الحكاية مع كل انتخابات، لكن مع التطوير بإحضار المرشح سيارتين تحملان مواسير الصرف مع سيارتين محملتين بالرمل والزلط قبل عدة أيام من عملية الانتخابات فى مدخل القرية مع إعلان بالميكروفون عن بدء تنفيذ المشروع فوراً، ثم ينجح المرشح ويصبح عضوا ويختفى.. ومازالت هناك بعض بقايا هذه المهمات واللافتات التى تم زرعها فى مدخل بعض القرى!

لم يبدأ تنفيذ كل هذه المشروعات إلا بالمبادرة الرئاسية «حياة كريمة» فى كل محافظات مصر والتى ستنتهى بالكامل خلال ٣ سنوات بدلا من عشر سنوات..

وما حدث خلال ٧ سنوات من إنجازات هو معجزة بشهادة مؤسسات التمويل الدولية.. الدولة انفقت ١٫١ تريليون جنيه مقابل ٩٠٠ مليار جنيه طوال ثلاثين عاما فى محافظات الصعيد لتوفير الخدمات من كهرباء ومياه نظيفة وصرف صحى ومدارس وجامعات ومراكز طبية وبنية أساسية وإقامة مجمعات صناعية متكاملة واستصلاح الأراضى. ما تم تنفيذه كان يحتاج إلى عشرات السنين لتحقيق تلك المعجزات وليس معجزة واحدة!