شبهات وردود
شبهات وردود .. لماذا لم يأمر النبى بتدوين السنّة مثل القرآن؟
الجمعة، 24 ديسمبر 2021 - 02:47 م
حسين الطيب
يقول أحد المستشرقين لو كانت السنّة جزءاً من الدين لوضع لها رسول الله منهجاً كمنهج القرآن من الكتابة والحفظ والمذاكرة، لأن مقام النبوة يقتضى أن يعطى الدين لأمته على شكل محفوظ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتاط بكل الوسائل الممكنة لكتاب الله، ولم يفعل شيئاً لسنّته، بل نهى عن كتابتها بقوله: «لا تكتبوا عنى غير القرآن، ومن كتب عنى غير القرآن فليمحه».
ويرد على هذه الشبهة البلهاء الداعية الصومالى عثمان بن معلم محمود بن شيخ على، فى كتابه «شبهات القرآنيين» الصادر عن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، يقول: ما هذا المنهج فى القرآن؟ وإذا لم يكن منصوصاً فى القرآن وليس منصوصاً قطعاً، فمن أين علمتم بوجود هذا المنهج، وقد رفضتم السنّة وجعلتموها مختلفة مفتراة؟ فكيف تستدلون بسنّة مختلفة مفتراة بزعمكم على أهم المطالب عندكم وهى ادعاء أن النبى صلى الله عليه وسلم، وضع للقرآن منهجاً فى كتابته وحفظه ومذاكرته، ولم يعمل للسنّة مثله.
فهذا تناقض وتضارب كتب الله على معاندى الحق ومشاغبى الحجج ومناوئى الدين أن يتورطوا فى أوحاله.
أما السنّة فقد رغّبَ الرسول الأمة فى حفظها فقال: «نضر الله امرئ سمع منا شيئاً فبلَّغه كما سمع فرب مبلغ أوعى من سامع» فهذا الحديث فيه أعظم حث على حفظ السنن، والمذاكرة من وسائل الحفظ وطرقه فليست مخالفة للحفظ، والوسيلة لها حكم المقصد.
وقال الرسول: «وليبلغ الشاهد الغائب» ففيه حض على الحفظ أيضاً إذ لا يمكن تبليغ ما لم يحفظ، إما اللفظ وإما المعنى.
فهذا كافٍ فى حفظ السنّة، مع علم الرسول بأنها من الذكر الذى تكفل الله بحفظه، وعلمه بحرص الصحابة على الحديث وأن بعضهم أحرص عليه من بعض، سأل أبوهريرة رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال: لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسألنى عن هذا الحديث أحد أوّل منك لما رأيت من حرصك على الحديث «أسعد الناس بشفاعتى يوم القيامة من قال لا إله إلا الله صدقاً من قلبه» والحديث الذى استدلوا به رواه مسلم من طريق همام عن زيد بن أسلم بن عطاء بن يسار عن أبى سعيد مرفوعاً بلفظ: «لا تكتبوا عنى ومن كتب عنى غير القرآن فليمحه».
وهو الحديث الوحيد الصحيح فيما أعلم الناهى عن كتابة الأحاديث النبوية، ووردت أحاديث صحيحة فى الأمر بكتابة الأحاديث النبوية والرخصة فيها.
قال البيهقى: «لعله إن شاء الله أذن فى الكتابة عنه لمن خشى عليه النسيان، ونهى عن الكتابة عنه لمن وثق بحفظه، أو نهى عن الكتابة عنه من خاف عليهم الاختلاط وأذن فى الكتابة عنه حين أمن منه».
وذكر الزركشى وجوهاً أخرى فى الجمع بينهما فقال: «أحدها: أن النهى عن الكتابة مخصوص بحياة سيد البشر النبى، لأن النسخ يطرأ فى كل وقت فيختلط الناسخ بالمنسوخ، ويشهد له حديث أبى شاه لما أذن له فى كتابة الخطبة التى خطب بها النبى.. الثانى: أن النهى لئلا يتكل الكاتب على ما يكتب ولا يحفظ فيقل الحفظ.. الثالث: ألا يتخذ مع القرآن كتاباً بضاهى به.
وهذا الخلاف كان فى العصر الأول، ثم أجمعت الأمة على تسويغ كتابة الحديث والعلم، واستقر الأمر على ذلك.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة