جلال عارف
جلال عارف


في الصميم

تجنب العالم الأسوأ.. لكن المخاطر تتصاعد

جلال عارف

الجمعة، 24 ديسمبر 2021 - 08:09 م

كان عاماً صعباً على العالم.. وها هو يغادرنا تاركاً وراءه أزمات طاحنة تكاد تعيد أجواء الحرب الباردة.. فصراع أمريكا والصين يتصاعد، وأزمة أوكرانيا تهدد بتفجير الموقف بين روسيا من ناحية، وأمريكا وأوروبا من ناحية أخري، وأزمات المنطقة من حولنا ما زالت على تعقيدها وخطورتها.. بدءاً من ملف إيران النووى وحتى تحالفات القوى الإقليمية غير العربية مع قوى التطرف لإبقاء حالة الفوضى والحروب الأهلية فى العديد من أقطارنا العربية.

ومع كل هذه المخاطر ينتهى العام وشبح «كورونا» يهيمن على العالم الذى يكافح حتى لا يعود لأيام الإغلاق أويواجه العجز أمام موجات «كورونا»  وسلالاتها المتعاقبة، والتى لن تكون «أوميكرون» آخرها أو أخطرها!!

ورغم قسوة المشهد العام ومخاطر كل هذه الأزمات على عالم لا يعيش أفضل أيامه الاقتصادية أو السياسية.. إلاأن الواقع يقول إن العام الذى نشهد أيامه الأخيره شهد تراجعا فى منسوب الخطر وفتح آفاقاً لتبريد الأزمات أو منع انفجارها حتى وإن كانت لم تحقق الكثير حتى الآن.

العام الماضى شهد تراجعاً لنفوذ اليمين المتطرف الذى كان يتصاعد بصورة هائلة فى أمريكا وأوروبا متبنياً سياسات عنصرية، ومستغلا أزمة النظام العالمى لكى يهدم المنظمات الدولية ويدعو لغلق الحدود وفرض حروب التجارة بديلاً  للتعاون على أسس أفضل تصلح ما أفسدته هيمنة الرأسمالية المتوحشة و غياب العدالة فى نظرتها للعلاقات بين الدول أوفى توزيع الثروات والأعباء داخل كل دولة.. الأسوأ بلاشك كان يمكن أن يحدث لو استمر صعود اليمين المتطرف مع الآثار السلبية الخطيرة لأزمة «كورونا» التى أغلقت أسواق العالم وفرضت أوضاعاً اقتصادية واجتماعية بالغة الصعوبة على كل الدول وألحقت بها خسائر يقدرها الخبراء حتى الآن بثلاثين تريليون دولار. كان هذا الوضع الأمثل لصعود اليمين المتطرف ليقود العالم إلى كوارث أكبر كما فعل من قبل، لولا أن أخطاء هذا اليمين و سياساته العنصرية جعلته عاجزاً عن امتلاك أى رؤية حقيقية للتعامل مع التحديات الجديدة سوى المزيد من دعوات الكراهية، فى وقت كان العالم كله فى حاجة لتوفير الحد المطلوب من التعاون لمواجهة الأزمات التى أصبحت تهدد وجود الجميع.

تراجع اليمين المتطرف منع الأسوأ عن العالم. لكن الأزمات باقية، والخطر باق، وها نحن على أبواب عام جديد وأكثر من أزمة تهدد بالانفجار، وصراعات القوى الكبرى تتصاعد لكنها حتى الآن محكومة برؤية تتجنب الصدام وتعرف عواقبه الكارثية، وتدرك أيضاً إنها لا تملك المغامرة فى ظل أوضاع اقتصادية صعبة حتى على الاقتصاديات الكبرى التى تتصارع على الصدارة التى مازالت فى حوزة أمريكا وإن كانت المسافة تقترب بينها وبين الصين.
ينتهى العام و«كورونا» تهدد الجميع، وتذكر أطراف الصراع بأن  عليهم أن يستمروا فى حصارها ثم أن يلتفتوا للتعامل مع آثارها التى ستحكم العالم لفترة لن تكون قصيرة.. مع تراجع لمعدلات التنمية، وعقبات فى التجارة العالمية، واضطرابات فى الصناعة والزراعة، وارتفاع فى أسعار السلع الأساسية، وأعباء اقتصادية لن تستطيع الدول الفقيرة أن تتحملها لفترة طويلة.

اليمين المتطرف كان دوما لا يرى حلا للأزمات إلا بتصعيد الأزمات والحشد للحروب. تراجعه لا ينهى الأزمات، لكنه يعطى فرصة لإدارة هذه الأزمات بعقل يبحث عن الحل ويقدم التنازلات.

تفادى العالم - حتى الآن - الأسوأ، لكن الطريق مازال طويلا حتى يتقبل الجميع بنظام عالمى لا تنفرد فيه قوة وحيدة بالهيمنة عليه، ولا يدار لمصلحة الأغنياء والأقوياء حتى وهو يواجه «كورونا» التى قالت بوضوح إنه لا أمان للعالم إلا إذا شمل الجميع.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة