صورة موضوعية
صورة موضوعية


«محكمة الأسرة»: لا نفقة للمجنونة!‎‎

علاء عبدالعظيم

الجمعة، 24 ديسمبر 2021 - 09:48 م

طويلة القامة، ليست بدينة لكنها ممتلئة الجسد، ناصعة البياض لها أنف صغير، وعينين عسليتين غائرتين في محجريهما بسبب الأرق، فيهما نظرة لامعة، وحاجبين كثيفين يظللانهما، وأهدابهما يميل لونهما إلى  الأحمر خفيفاً.

اقرأ أيضاً| صرخة زوج في محكمة الأسرة l أخدت شقا عمرى وخلعتنى بعد سنين الغربة

وبابتسامة يغلب عليها الحزن وقفت أمام قاضي محكمة شبرا للأحوال الشخصية تحكي قصتها مع المرض قائلة: لقد فضلت زوجها على كثير مما تقدموا إليها، فقد كانت تراه وهي في طريقها إلى المدرسة، فأسره جمالها، وأخذ يلاحقها بعبارات الغزل، واستمالها إليه بكلماته، وعندما تقدم للزواج منها وافقت على الفور.

واندفعت الكلمات من فمها، وأصابتها حالة من الهذيان لبضع دقائق وهي تكمل حديثها، وما إن رجع إليها عقلها بعد أن شردت، واستطردت بسرعة قائلة:  إنها لم تكن تشكو من أي مرض قبل زواجها إلا من التوتر العصبي، ومعاملة زوجها  الشاذة لها هي التي حولت التوتر العصبي إلى مرض عقلي، ودخلت على إثره مستشفى الأمراض العقلية، ومكثت بها ٤ سنوات، وبعدها تركت المستشفى بعدما تحسنت حالتها.

وأخذت تفرك يديها وتقول: بأنها فوجئت بأن زوجها تخلص منها وقام بتطليقها أثناء فترة مرضها والتي كانت منعزله فيها عن رؤية أحد، وهو لم يفكر ولو مرة واحدة في زيارتها، وعاد لها جمالها مرة أخرى، وما أن رآني زوجي صمم على إعادتها لعصمته مرة أخرى، وكان له ما أراد، وتزوجها بوكالة أخيها.

وبابتسامة يشوبها رعشة تملكت شفتيها قالت: لقد عشت سنتين من السعادة الغامرة، لكنها لم تدوم لأن المرض اللعين أخذ يطاردها، وعادت إلى المستشفى مرة أخرى، فما كان من زوجها إلا أن قام بتطليقها للمرة الثانية.

وبصوت وكلمات خافتة تختتم حديثها قائلة: إنني مازلت أحبه بالرغم من إنه تخلى عني وأنا في أتعس لحظات حياتي، وطلبت الحكم لها بالنفقة.

أرسلت المحكمة لمستشفى الأمراض العقلية تستطلع حقيقة مرض الزوجة، وجاء التقرير بأن الزوجة مصابة بحالة جنون ويخشى منه على من يخالطها.

وبعد المرافعات أصدر المستشار، عبدالرءوف علي، وأمانة سر مصطفى عويس، حكمه بوقف سير دعوى النفقة، وقالت لثابت أن مرض الزوجة يرجع إلى ماقبل زواجها، ولو أنه ظهر عليها بوضوح بعد الزواج إلا أن مرضها مستمر معها  وأن جنونها مطبق، والجنون المطبق كما عرفه الفقهاء وهو مالازم صاحبه أكثر من شهر، ومع إن الزوج عاشرها معاشرة الأزواج إلا إنها معاشرة غير مشروعة لأن الزوجة مجنونة، وأن الخلاف بين الطرفين يقوم على إن المريضة شفيت من مرضها عند العقد هذا لا ينهض دليلا على سلامة عقلها.

والعقد الثاني إذن غير صحيح شرعا لإنه صدر والمعقود عليها مجنونة، ومحجور عليها والعقل شرط صحة الوكالة، والمجنون لا يملك التوكيل شرعاً، فالتوكيل باطل وبالتالي فإن العقد المبني عليه باطلا.

 وأمرت المحكمة أيضا المدعي عليه بعدم التعرض للمدعي في أي أمر من أمور الزوجية، وسلامه بمصاريف الدعوى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة