دير المحرق
دير المحرق


حكاية دير المحرق نذور.. ورسائل للمسلمين والمسيحيين

آخر ساعة

السبت، 25 ديسمبر 2021 - 11:07 ص

كتب: محمد خضير

كان دخول السيد المسيح أرض مصر بركة كبيرة لأرضها وشعبها، فبسببها قال: "مبارك شعبى مصر"، وبسببها تمت نبوءة أشعياء: "يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر"، فهو مذبح كنيسة السيدة العذراء مريم الأثرية بدير المحرق العامر، حيث مكثت العائلة المقدسة 6 شهور و١٠ أيام.

حسب التقليد القبطى المتوارث؛ أن دير المحرق هو المحطة الأخيرة فى رحلة العائلة المقدسة إلى أرض مصر، وتحتفل الكنيسة بتذكار تكريس كنيسة العذراء الأثرية فى يوم 6 هاتور من الشهر القبطي.

أيام فى رحاب السيدة العذراء بدير المحرق، الذى باركته العائلة المقدسة قبل 2000 عام، هى كفيلة بأن تشع سلاماً ومحبة لكل العالم ، فهو أحد أهم المزارات التى يتوافد عليها مئات الآلاف لزيارة المكان على مدار العام.

وهناك نظريات أربع عن أصل كلمة "محرق" ذكرها المتنيح الأنبا غريغوريوس فى كتابه العمدة "دير المحرق .. تاريخه وصفة كل مشتملاته"، تقول الأولى إن الدير كان بعيدا عن الماء؛ فى معظم أيام السنة؛ ذلك أن الحوض القريب منه كانت تنضب فيه مياه الفيضان؛ وتحصل تحاريق فسُمى بالحوض المحرق، أما الثانية فتقول إن الحوض الزراعى الذى أقيم فى وسطه الدير كانت تنمو فيه أعشاب الحلفاء؛ والحشائش الجبلية بغزارة؛ فكانوا يحرقونها بالنار ليتخلصوا منها، والثالثة تروى أن الدير قد اعتدى عليه اللصوص وهدموه وأحرقوه؛ ثم أعيد بناؤه بعد ذلك، والرابعة تقول إن حربا نشبت بين حاكم مقاطعة الأشمونين وحاكم مقاطعة القوصية؛ انتصر فيها حاكم الأشمونين؛ فأحرق قسقام فصارت المنطقة كلها تُعرف بالدير المحرق على هذا الأساس.

ويصف لنا القمص فليكسينوس المحرقى، المسئول عن الزيارات الإعلامية والأجنبية والتراتيل والألحان فى الكنيسة الأثرية بالدير المحرق، أن مساحة الدير داخل الأسوار 18 فدانا، والدير له أوقاف أراضٍ يتم تأجيرها نظير 3 آلاف جنية للفدان سنويا، والمنطقة الأثرية مساحتها 6 أفدنة، وهى عبارة عن سكن الرهبان والمناطق الأثرية، والـ12 فدانا مقسمة للخدمات وبيوت ضيافة وسلخانة النذورات وورش بسيطة لاستهلاك الدير، وفى الوضع العادى الدير مفتوح طوال السنة، إلا فى الصيام الكبير الذى يسبق عيد القيامة ومدتها 55 يوما انقفل الدير ويستنثنى الأجانبب، وعدد الرهبان بالدير يصل لـ130 راهبا.

عبارات وترانيم يرددها زوار ومرتادو الدير المُحرق طلبًا لبركة السيد المسيح والسيدة البتول، تختلف الهموم والأحزان والرغبة واحدة، ففى كل ركن من أركانه يحمل آلاف الرسائل من المسلمين والأقباط بين رجاء ودعاء ومحبة، رسائل كتبت بدمع العين من أجل الشفاء لأب وأم طعنا فى السن وأخريات لعودة الغائب وإتمام زواج من فاتهن القطار ونذور لسعة الرزق وطلب الولد، رسائل محبة على الأرض والجدران وجوانب الصور أصوات أنات وتضرع أمام المذبح بالكنيسة الأثرية ودعوات بالهداية والرشد والإقلاع عن التدخين وسهولة الامتحانات بالثانوية العامة بكنيسة السيدة العذراء بالجهة المقابلة للحصن الأثرى.

وفى دير السيدة العذراء المعروف بالمحرق يتوافد الأقباط وينذرون نذورًا لها تيمنًا بالبركة واستجابة لطلباتهم والشفاعة من العذراء مريم، فهو أحد الأبنية القبطية التاريخية التى تربط الماضى بالحاضر، إذ كان مقرًا لسيدة العذراء قديمًا ويضم أقدم مذبح فى العالم، وفى نفس الوقت يضم عددًا من الكنائس الحديثة ذات الطراز الإيطالي، وعلى قدر عظمته التاريخية صُمِّم هذا البناء الشاسع المساحة، الذى ترتفع أسواره كثيرًا لتشعر وكأنك بين جدران قلعة أو حصن منيع، إنه الدير المحرق بمركز القوصية محافظة أسيوط.

يخص كل زوار الدير السيدة مريم بتلبية الرغبات والدعوات، التى تتنوع ما بين شكوى ضيق الرزق وقلة العمل، وأخريات حول النجاة من ظلم العباد، وإنهاء الخصومة والثأر بين العائلات التى قد تضر بالأبرياء وتأخذ فى طريقها من ليس لهم ذنب، وهناك من الرسائل التى توحدت فى حب البلاد والدعاء لأمنها وأمانها فى ظل الجائحة التى كانت مثل الوحش الكاسر الذى يقضى على الجميع.

كان من ضمن الرسائل والدعوات التى تعتبر من أكثر الرسائل طلبا أمام المذبح رسائل الزواج وطلبا فى سرعته، الذى كان واضحا من بين الرسائل الشخصية لبعض الفتيات اللاتى ذكرن أعمارهن ما بين 24 عاما وأخرى كتبت أنها وصلت لسن حرج وقد يفوتها قطار الزواج بعد أن وصلت إلى عامها الخامس والثلاثين وأخرى تخطت الأربعين، وكانت هناك رسائل لأمهات يستغثن بالسيدة البتول والسيد المسيح بتلبية دعائهن بسرعة زواج بناتهن.

وتبركت إحدى السيدات بالعذراء ومذبح السيد المسيح وطلبت فى عجالة وسرعة أن يقلع ابنها عن التدخين وأن يعيده إلى رشده وصوابة والابتعاد عن شلة الفساد التى غيرت أحوالة ويرجع للصلاة مرة أخرى.

فى نهاية الجولة شاهدنا أحد الأشخاص وهو يلقى سلامه وتحيته الأخيرة وعيناه معلقتان بكل الأيقونات والصور يترجى قبول دعوته وسرعة تحقيقها بعد أن قام بإلقاء مبلغ من المال فى المذبح نذرا لما يتمنى ويأمل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة