سينما رشيد
سينما رشيد


مجلس الدولة يقرر عدم الاختصاص.. نزاع بين الثقافة والمحليات أضاع سينما رشيد!

أخبار الحوادث

السبت، 25 ديسمبر 2021 - 12:42 م

أسماء سالم - سعد زيدان

 دور العرض السينمائية هي مكون رئيسي من مكونات القوى الناعمة، وهي منذ الربع الأول من القرن الماضي نشرت الثقافة والفن المصري في العالم العربي والكثير من دول المنطقة، فلسنا في حاجة للتأكيد على أن السينما المصرية هى أقدم وأعرق السينمات فى منطقة الشرق الأوسط، فهى أول بلد انطلقت منها السينما، على أيدي محمد بيومي ومحمد كريم في الربع الأول من القرن الماضي، وبعد أن أسس طلعت حرب باشا «ستوديو مصر» في العام 1935.

 ومازالت السينما المصرية- رغم الإهمال وقلة الإمكانيات- تخطو خطوات قوية فى المهرجانات العالمية، وتحقق نجاحات كبرى وقفزات ضخمة، فكثير من الأفلام السينمائية نالت الجوائز في المهرجانات العالمية، وأشهرها مهرجان كان السينمائي.

المؤسف في الأمر أن الإهمال طال الكثير من دور العرض التي تم هدم بعضها وإغلاق البعض الآخر، ومنها «سينما رشيد» التي وقعت ضحية لنزاع بين المجلس الأعلى للثقافة، والمحليات بالبحيرة. وكأن الجميع تناسى أن»دار سينما رشيد» ظلت واحة للبهجة وزرع الوعي على مر عقود،  فقد شهدت عروضًا لأروع الافلام القديمة، ومنها في التسعينيات فيلم «البيضة والحجر» للفنان احمد زكي، و»الراقصة والسياسي» بطولة الفنانة نبيلة عبيد. 

ولكن مع مرور السنين صارت سينما رشيد، مثل دور بعض السينمات القديمة، مغلقة وجدرانه تشكو الإهمال، حتى قرر رئيس مركز ومدينة رشيد خلال عام 2017، إخلاء دار السينما ووضع يد الوحدة المحلية عليها، وذلك لانها مغلقة لسنوات طويلة.

  ووصل النزاع أمام قسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، بين الوحدة المحلية، والمسئولين بشركة مصر للتوزيع ودور السينما. وقررت الجمعية العمومية بعدم الاختصاص لنظر النزاع.

بلازا ودوللي

لم تكن سينما رشيد، الوحيدة التي تحتاج إلى انعاش، بسبب الإهمال، بل هناك الكثير من السينمات القديمة، التي اقيمت في العصر الذهبي للفن المصري، مازالت مغلقة، والتي منها سينما «بلازا» هي واحدة من أقدم هذه السينمات التى أنشئت قبل مائة عام، تقع بجوار دار الأوبرا بشارع فؤاد بالإسكندرية، والتي مازالت قائمة حتى الآن، إلا أن الإهمال تسبب في إغلاقها قبل سنوات، وسط مطالبات من المواطنين السكندريين بتحويلها إلى متحف سينمائي، لعرض تاريخ دخول السينما فى مصر منذ الأخوين لوميير، حيث أنها السينما الفريدة الباقية على حالها من تلك الحقبة الزمنية.

وكذلك الأمر في»سينما دوللي» من اقدم السينمات في القاهرة، بل أنها من أهم معالم شبرا الثقافية، التي كان يتجمع أهالي الحي أمامها في المناسبات والأعياد فقد كانت وسيلتهم للترفية، ولكنها مغلقة ومهملة منذ سنوات، وهناك قائمة طويلة بالسينمات القديمة المهملة التي تنتظر من ينقذها ويعيد لها رونقها ودورها في نشرالبهجة وزرع الوعي. 

لكن يبدو أن هناك من يستمتعون بالإهمال والتسيب الذي يؤدي إلى إطفاء أي شعلة للتنوير وتجديد الوعي، فالكثير من بيوت وقصور الثقافة بلا فاعلية حقيقية، وكذلك الطامة الكبرى في إهمال دور السينما التي كانت شعلة التنوير طوال قرن كامل داخل مصر وخارجها، وبالسينما والإذاعة ونتاج أدبائنا ومثقفينا تبلورت صورة مصر وقوتها الناعمة خارج الحدود، لك أن تتخيل فداحة الكارثة؛ أنه وإلى وقت قريب كان كل ما تبقى من دور العرض السينمائية حوالي 425 دارًا للعرض، ولكنه بأيدي آثمة انخفض إلى 69 سينما فقط! وتستأثر القاهرة بـ 29دارعرض، بينما هناك11محافظة بلا سينمات!، ومن هذه الصور المؤسفة ما تعيشه مدينة رشيد التاريخية؛ حيث تسود حالة من الفراغ الثقافي والفنى جنبات المدينة الأثرية وسط دهشة من مثقفي المدينة عقب إغلاق دار السينما الوحيدة بميدان الحرية بكورنيش النيل!  

أملاك دولة

  دار سينما رشيد تم افتتاحها عام 1986، و افتتحها وقتها محافظ البحيرة آنذاك الوزير لبيب زمزم وبحضور رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة رشيد فى ذلك الوقت محاسب جميل زايد وسط حضور جماهيري حاشد من أهالى مدينة رشيد وكان أول عرض سينمائي بها هو فيلم سلام يا صاحبي للنجم الكبير الفنان عادل إمام، والمؤسف هي حاليا مغلقة بسبب نزاع قضائي بين الوحدة المحلية في رشيد من جهة، وهيئه الاستثمار الثقافي والدور السينمائي من جهة اخرى.

وتقع دور سينما رشيد بميدان الحرية بكورنيش النيل وتبلغ مساحتها حوالي 550 مترا مربعًا، ومكونة من طابقين وتتبع الهيئة العامة لدور السينما بوزارة الثقافة ثم ضمتها الشركة القابضة للسينما برئاسة الراحل أحمد بهجت، وتم التوقف عن سداد الإيجار الشهرى منذ سنتين وبسبب الإهمال وسقوط عدة أجزاء منها منذ سنوات، أصدرت الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية برشيد قرارًا بهدم المبنى.

 وتوضح منال الابيارى مدير عام الشئون القانونية بمجلس مدينة رشيد قائلة؛ أن أرض السينما هي من أملاك الدولة وكانت مؤجرة لشركة مصر للتوزيع ودور العرض السينمائى وتوقفوا عن دفع الايجار، وطالبناهم بالإخلاء، ورفعت دور العرض دعوى عدم استحقاق الوحدات المحلية لمراكز ومدن البحيرة للقيمة الإيجارية برقم 460 لسنة 2017 الصادر بإخلاء دار سينما رشيد ووضع يد الوحدة المحلية عليها.  

آيل للسقوط

يعبر محمد درويش المحامي عن دهشته الكبيرة لخلو المدينة التاريخية العريقة من دور سينما وعدم تطويرها لاحقا وإغلاقها منذ سنوات بعد أن كانت متنفسًا لأهل المدينة والمدن المجاورة لها، وحاليا تؤول ملكيتها إلى الوحدة المحلية لمركز ومدينة رشيد.

   أما المهندسة سلوى زكى رئيس مركز ومدينة دمنهور فتقول: إن دار السينما صادر لها قرار هدم وهى منشآة آيلة للسقوط، وخطر على المواطنين والأرض املاك دولة.

   وتقدَّم النائب أمين جابر الصيرفي عضو مجلس الشيوخ بالبحيرة بطلب لمحافظ البحيرة اللواء هشام أمنه بتخصيص ارض دور سينما رشيد لإقامة قصر ثقافة برشيد يليق بمكانة المدينة الأثرية والتاريخية نظرًا لعدم وجود قصر ثقافة برشيد، وفى نفس السياق فإن بيت ثقافة برشيد على بعد أمتار من دور سينما رشيد بمحافظة البحيرة يعاني من سوء حالته وستتم دراسة الموضوع.  

  ويؤكد رضا مهنا مدير ثقافة رشيد؛ على أهمية تخصيص قطعة أرض مساحتها حوالي 1250 مترا مربعا لإقامة قصر ثقافة برشيد يليق بمكانة المدينة الأثرية والتاريخية بمحافظة البحيرة حيث تعد المدينة العاصمة الأثرية بالمحافظة على غرار إنشاء قصور الثقافة بمراكز كفر الدوار ووادى النطرون ومركز أبي المطامير بمحافظة البحيرة، واضاف مهنا؛ بأنه قد سبق تخصيص قطعة الأرض لإقامة قصر ثقافة بتل أبى مندور الأثرى منذ سنوات ولكن للأسف لم يتم عمل شيء! 

 

 

وتقول ماجدة سلام رئيس نادى أدباء رشيد السابقة؛ إنهم تقدموا بطلب إلى رئيس مجلس الوزراء بسرعة تخصيص قطعة أرض لإقامة قصر ثقافة برشيد نظرا لأن قصور الثقافة خدمية تعنى بتقديم الأنشطة الثقافية والفنية والأدبية للرواد والمبدعين لاكتشاف المواهب الشابة والصاعدة.

ويشدد محمد ابو سليم مكتشف المواهب الشابة بالمدينة؛ على ضرورة سرعة تخصيص قطعة أرض لإقامة قصر ثقافة ودور عرض سينمائي برشيد يلبق بمكانة المدينة الأثرية والتاريخية، ويتساءل: كيف يعقل أن تكون مدينة بحجم مدينة رشيد الأثرية والتاريخية بدون قصر ثقافة أو دور سينما؟ خاصة فى ظل اهتمام القيادة السياسية بتطوير المدينة وجعلها متحفًا مفتوحًا عقب قراره الرئاسي رقم 117 بإنشاء مدينة رشيد الجديدة وتطوير المدينة القديمة بمؤتمر الشباب الرابع بالإسكندرية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة