ياسر رزق
ياسر رزق


ورقة وقلم

المدينة المظلومة..!

ياسر رزق

السبت، 25 ديسمبر 2021 - 07:11 م

 

لا نبنى أهرامات عصرية، وإنما نبنى حياة، ونؤسس لتنمية تقطر البلاد، لا ننشئ منتجعًا للأغنياء، وإنما أرضًا للفرص لطبقات الشعب، ومنارة للثقافة، وعاصمة للحداثة

 أول مرة سمعت فيها عن وجود مشروع لإنشاء عاصمة جديدة لمصر، كانت فى حوار مع المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى فى منتصف مايو عام ٢٠١٤، قبيل أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية.
كان الأمر بالنسبة لى ولزميلى فى الحوار الكاتب الصحفى محمد عبدالهادى علام رئيس تحرير الأهرام السابق، حلمًا قد يرى النور بعد عقود آتية، لكنه كان للمشير عبدالفتاح السيسى أملًا عازم على تحقيقه فى غضون سنوات معدودة.


بعد ٩ أشهر، عرف الرأى العام بهذا المشروع أثناء انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى فى منتصف مارس عام ٢٠١٥. شاهد الناس على شاشات التليفزيون الرئيس وهو يتفقد ماكيتًا أعدته شركة عربية كبرى للعاصمة الإدارية.
لكن بدا أن النموذج لا يرضى طموحات الرئيس، وأن العرض لا يحقق ما يصبو إليه من فائدة وطنية.
وقرر الرئيس أن تتولى جهات الدولة ممثلة فى وزارة الإسكان والهيئة الهندسية تشييد العاصمة المصرية الجديدة.


منذ ٥ سنوات، كان المشروع -على حد قول الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء- مجرد خرائط على لوحات، وتصميمات فى ملفات.
وأذكر فى حوار آخر مع الرئيس السيسى بعد مشاركته خلال سبتمبر ٢٠١٦ فى قمة مجموعة العشرين بمدينة «هانغجو» الصينية، فخر التقدم الصينى فى التشييد والتكنولوجيا، أننى سألت الرئيس عما إذا كان رأى فى هذه المدينة الذكية الخضراء نموذجًا نقتدى به فى العاصمة الإدارية الجديدة، فأجاب مبتسمًا: «أطلب منكم أن تثقوا بى فيما ننجز، وسوف نقوم معًا بكل شىء، فليس عندى هدف أغلى من أن نرى مصر دولة نتباهى بها.
□□□
فى تلك الفترة، كانت الأوضاع الاقتصادية مازالت صعبة. ومثلما قال الرئيس فى ذلك الحوار: «إننا نعانى أعراض نقاهة من مرض مزمن، ومازلنا فى عنق زجاجة لكن فى سبيلنا للخروج».
لذا سألت الرئيس: كيف سننشئ العاصمة الإدارية وباقى المدن الجديدة؟.. من أين لنا التمويل؟
وكان فى ذهنى وأنا أسأل، رد الرئيس الأسبق حسنى مبارك على سؤال وجه له منذ سنوات عن مطالبات بإنشاء عاصمة جديدة.. حيث قال: من أين سنأتى بالموارد؟
أجاب الرئيس شارحًا: المساحة المخصصة للعاصمة والمدن الجديدة فى حدود ١٫٥ مليار متر مربع، فلو افترضنا أن متوسط سعر بيع متر الأرض. - وهى الآن مجرد رمال فى صحراء - يبلغ ألف جنيه «وهو بالقطع سيزيد بكثير لاسيما بعد إدخال المرافق»، إذن فإن حصيلة بيع أراضى العاصمة والمدن الجديدة، سيبلغ ١٫٥ تريليون جنيه، وهذا المبلغ يمثل ٧٥٪ من قيمة كل المشروعات التى أقمناها ونقيمها بما فيها المدن الجديدة حتى الآن «عام ٢٠١٦».
□□□
كانت لدى السيسى رؤية فى إنشاء العاصمة والمدن الجديدة، هى خلخلة الكثافة السكانية بالقاهرة التى تختنق بسكانها، وفى الدلتا والصعيد، وتوفير فرص عمل مليونية للشباب تمتص البطالة وتستوعب القادمين الجدد لسوق العمل، سواء من العمالة البسيطة أو الفنية أو المهنيين أو فى منشآت القطاع الخاص، وإتاحة السكن للأسر الجديدة فى تجمعات حديثة ذكية من مدن الجيل الرابع، تليق بالدولة المصرية الحديثة والجمهورية الجديدة التى كانت تختمر ركائزها فى ذهنه.
كانت عنده إرادة سياسية لتنفيذ تلك المشروعات القومية الكبرى وغيرها التى تحقق نقلة هائلة للاقتصاد المصرى وتغير خريطة العمران فى البلاد، وتلك الإرادة مسلحة بدراسات وافية تفصيلية لكل مشروع وجدواه، وبعزم لا يلين على التنفيذ وفق ٣ محددات هى أعلى جودة، وأقل تكلفة، وأقصر زمن.
الأهم أنه كانت لديه الأفكار البسيطة الخلاقة للتمويل، دون تحميل ميزانية الدولة المثقلة أصلًا بأى أعباء جديدة، فيكفيها أعباء خدمة الدين والدعم والأجور والمعاشات، كانت فكرته فى التمويل الذاتى لإنشاء العاصمة والمدن الجديدة من عائد بيع الأراضى، تستهدف أيضًا، تحقيق أرباح، وإضافة عائدات إلى الموازنة العامة ينفق منها على تحسين الخدمات وتطوير المرافق للمواطنين فى الحضر والريف، على نحو ما يتم فى مشروع القرن، لتوفير «حياة كريمة» لسكان الريف بتطوير كل القرى فى غضون ٣٠ شهرًا قادمة.
□□□
منذ ٦٠ شهرًا، دخل أول لودر إلى موقع العاصمة الإدارية الجديدة بين طريقى السويس والعين السخنة، لبدء تسوية الأرض.
ويوم الخميس الماضى. عقد مجلس الوزراء أول اجتماع له فى انتقاله التجريبى إلى مقره بالحى الحكومى فى العاصمة الإدارية بعد أن اكتمل إنشاؤه وتجهيزه، توطئة لانتقال مقر الرئاسة ووزارات الدولة ومؤسساتها الدستورية والجهات التابعة لها ومقار قيادة القوات المسلحة، إلى العاصمة قبيل افتتاح المرحلة الأولى لها رسميًا فى احتفال عالمى فى موعد يجرى تحديده ربما يكون فى منتصف العام الجديد.
كل من يزور العاصمة الجديدة هذه الأيام، وآخرهم السيدة فوزية زينل رئيس مجلس النواب البحرينية، يعبر عن انبهاره بما يشاهد من عمران وتنمية فى هذه العاصمة الذكية، وهو يكاد لا يصدق أن تلك المدينة كانت مجرد رمال منذ خمس سنوات فقط. وتسمع من المسئولين الأجانب الزائرين كلمات إعجاب بمقدرة المصريين أحفاد من بنوا الأهرامات.
الحقيقة أننا لا نبنى أهرامات عصرية، وإنما نبنى حياة، ونؤسس لتنمية تقطر البلاد كلها نحو تقدم منشود.
□□□
على الجانب الآخر.. تجد غدة الحقد تنشط فى صدور أتباع جماعة الإخوان، وتفرز سمومها على مواقع التواصل الاجتماعى، والغل يملأ قلوبهم فيما يدونون، يطمسون الحقائق كعادتهم، ويروجون لشائعات وأكاذيب عن العاصمة الجديدة بالذات، عسى تنطلى على جموع الناس أو قطاعات منهم، فتصيبهم بالإحباط وتدفعهم إلى الانفضاض من حول نظامهم الوطنى..!
فالعاصمة، كما يزعمون هى منتجع للأغنياء، أقيم من أموال دافعى الضرائب، اقتطعت من الموازنة العامة، وبدلاً من أن تنفق على الخدمات وتوفير فرص العمل للبسطاء، تبدد على إنشاء قصور للأثرياء..!
هدفهم خلق انطباع زائف يوارى الحقائق ليبدو وكأنه هو الحقيقة.
□□□
ولنتكلم بالأرقام..
المساحة الإجمالية المخصصة للعاصمة الإدارية ١٧٠ ألف فدان. أقيمت المرحلة الأولى للعاصمة على مساحة ٤٥ ألف فدان، أى حوالى ١٩٠ مليون متر مربع.
لم تنفق الدولة مليمًا واحدًا من الموازنة العامة على إنشاء العاصمة.
كل ما أنفق حتى الآن على المرحلة الأولى يزيد قليلاً على ٤٠٠ مليار جنيه.
نصف مساحة العاصمة أنشئت عليها الطرق والمسطحات الخضراء. إذن فالمساحة المخصصة للبيع تبلغ ٩٥ مليون متر مربع.
كان ثمن المتر المربع منذ 5 سنوات لا يساوى شيئًا، فقد كانت الأرض رمالًا فى الصحراء.
إذا قلنا إن تكلفة إدخال المرافق والخدمات الذكية للمتر المربع الواحد فى حدود 1500 جنيه.
وإذا علمنا أن سعر بيع المتر المربع كان يتراوح بين ٣ آلاف و١٥ ألف جنيه حسب الموقع.
فبحسبة بسيطة نعلم أن متوسط ثمن المتر المربع مخصومًا منه تكلفة المرافق، يبلغ ٧ آلاف جنيه.
إذن فإن ثمن الأرض التى بيعت والمخصصة للبيع فى المرحلة الأولى يبلغ أكثر من ٦٦٥ مليار جنيه، أى أن هناك فائضًا فوق التكلفة يبلغ ٢٦٥ مليار جنيه، للشركة التى تدير العاصمة الإدارية، وهى مملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية والقوات المسلحة.
نصف مليون من العمال والفنيين والمهندسين استوعبتهم مشروعات تشييد العاصمة التى تتولاها شركات عامة وخاصة مصرية تحت إشراف الهيئة الهندسية.
صناعة التشييد كما هو معروف يقوم وراءها أكثر من ١٠٠ حرفة وصناعة، كصناعات مواد البناء والزجاج والصحى والمفروشات والأثاثات والأجهزة الكهربائية والمنزلية وغيرها، وحرف البناء والنجارة والسباكة وعشرات من الحرف الأخرى.
أى أن أعمال الإنشاء ومد المرافق والخدمات فى العاصمة وكذلك المدن الجديدة، تسهم فى تشغيل المصانع القائمة وتشجع على التوسع فيها، ومن ثم تزيد فرص العمل بهذه المشروعات.
غير فرص العمل التى أتيحت وتتاح فى تشييد منشآت وخدمات ومرافق المرحلة الأولى للعاصمة، هناك مئات الآلاف من فرص العمل سوف تتوافر بعد افتتاح المرحلة الأولى فى غضون نحو ٦ أشهر، فى أفرع المصارف بحى البنوك، وفى مدينة الثقافة والفنون، وفى منطقة الأبراج المركزية التى تضم 20 برجًا تنشئها شركات صينية منها البرج الأيقونى الأعلى فى أفريقيا، وستوجد بهذه الأبراج مراكز إقليمية لشركات عالمية ومقار للشركات الكبرى والمتوسطة الخاصة المصرية وعيادات ومكاتب إدارية.
سوف تتوافر فرص عمل واسعة فى المطاعم والفنادق والمنشآت الترفيهية والمحال، وفى شركات الأمن والحراسة والنظافة وإدارة المبانى، ومشروع النهر الأخضر وهو أكبر حديقة مفتوحة فى أفريقيا.
كذلك فى المستشفيات والمدارس وغيرها من خدمات.
غالبية فرص العمل إذن سيستفيد منها أبناء الطبقة الوسطى والطبقات الأدنى.
□□□
ليست العاصمة مدينة للأغنياء، معظم الوحدات السكنية ومنها نحو 150 ألف شقة ستستفيد منها الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة، أى سيسكنها 750 ألف فرد.
الموظفون بالحى الحكومى ومقار جهات الدولة، أنشئ لهم حى سكنى فى مدينة بدر التى تبعد 15 دقيقة عن العاصمة الجديدة، انتهى إنشاء 10 آلاف وحدة، ويجرى العمل لإنشاء 34 ألفًا و500 شقة فى المرحلتين الثانية والثالثة.
العمالة من الطبقات البسيطة، ستجد فرص عمل مجزية بأجور أعلى مما تحصل عليه فى القاهرة الكبرى، ووسائل النقل متوافرة عبر القطار الكهربائى، والمونوريل، والأتوبيسات العامة، ومن يفضل الانتقال، هناك مشروعات الإسكان الاجتماعى فى مدينة بدر.
العاصمة الجديدة ستكون منارة مصرية للإشعاع الفنى والأدبى، من خلال مدينة الثقافة والفنون التى تضم أكبر دار للأوبرا فى الشرق الأوسط وأفريقيا، وتحوى متاحف ومكتبة ضخمة ومراكز للفن التشكيلى والإبداع واكتشاف وتنمية المواهب المصرية.
الضرائب والموارد السيادية، التى ستتحصل عليها الدولة من أرباح الشركات والمحال والفنادق والمنشآت الترفيهية وغيرها، سوف تزيد حصيلة إيرادات الموازنة العامة، بما يرفع قدرتها على تحسين حياة عموم المصريين فى مختلف أرجاء البلاد.
الحكومة لن تنتقل إلى مقرها الجديد بـ «عزالها القديم» على حد قول الرئيس. إنما الانتقال سيكون نقلة فى الفكر والممارسة والإدارة، يشعر بها المواطن فى كل مكان.
لست أظن أن المواطن سيكون مطالبًا بالذهاب إلى العاصمة الإدارية لمجرد توقيع ورقة أو بصم مستند بخاتم النسر.
فى عصر الرقمنة والإدارة الحكومية الإلكترونية، سيكون الحصول على الخدمة أو إنجاز المصلحة متاحًا فى تصورى للمواطن فى الحى أو القرية من خلال المراكز المجمعة للخدمات الحكومية.
□□□
جانب مهم للغاية فى انتقال الحكومة وأجهزتها إلى العاصمة الإدارية، هو فى استغلال مقارها القديمة بقلب القاهرة وأحيائها، وهو ما تعكف عليه لجنة وزارية مشكلة لهذا الغرض.
القصور ذات الطابع الأثرى التى تشغلها وزارات فى منطقة قصر العينى، سيعاد لها بهاؤها القديم، أما المبانى الأخرى فسيتم استغلالها كمنشآت فندقية أو بيعها، على غرار ما يتم فى مجمع التحرير الذى يتم تجهيزه كفندق عالمى.
إذن سيتيح الانتقال استعادة الرونق التاريخى للقاهرة وخلخلة الزحام من قلبها شديد الازدحام، والحصول على عائدات مالية ضخمة من استثمار مبانى الوزارات والجهات الحكومية، تئول للخزانة العامة، وينفق منها على استثمارات الخدمات والمرافق فى مشروعات تخدم المواطن وترفع من مستوى معيشته.
□□□
لا يزعجنى عواء جماعة الإخوان أو نعيق أنصارها على مواقع التواصل الاجتماعى وفضائياتهم، حقدًا على عاصمتنا الجديدة. فإذا اختفت أكاذيبهم استشعر أننا أخطأنا الطريق..!
فلا يحقد عدو على فاشل، ولا يحسد خصم إلا الناجحين.
مبروك علينا العاصمة الجديدة ، وفى انتظار احتفال عالمى فى افتتاح مرحلتها الأولى، تتحدث عنه الدنيا.

سن القلم

■ جامعة النيل هى أول جامعة أهلية فى مصر، ليست هادفة للربح، وإنما هدفها هو توفير خدمة تعليمية وبحثية فى المجالات العلمية المتقدمة والتخصصات البيئية. تعرضت الجامعة بعد تداعيات ثورة ٢٥ يناير وحتى عام ٢٠١٨ إلى مصاعب عدة منها انتزاع أرضها ومبانيها وتجهيزاتها ونقلها لمدينة زويل، وبعد ماراثون قضائى صدر حكم الإدارية العليا بإيقاف تلك الإجراءات، غير أنه لم يكتمل تمكين جامعة النيل من أرضها ومبانيها إلا فى نهاية عام ٢٠١٧ بعد انتقال مدينة زويل لمقرها الجديد.
وبرغم تلك العقبات، فوجئت جامعة النيل بصدور قرار من هيئة المجتمعات العمرانية بسحب جميع الأراضى المخصصة لها ومساحتها ١٠٢ فدان فى ديسمبر ٢٠١٩، ورفض الالتماسات التى قدمتها الجامعة معززة بالظروف القاهرة التى تعرضت لها. ثم انتهى الأمر بتقليص مساحة الجامعة الى ٣٨ فدانًا فقط ونقل باقى الأصول لهيئة المجتمعات.
هذه المساحة لا تفى باحتياجات الجامعة وهى -كما ذكرت - غير هادفة للربح، والموقف الذى تتعرض له لا يتسق مع سياسة الدولة فى التوسع فى التعليم الراقى المتقدم وتشجيع البحث العلمى.
أظن الأمر يحتاج إلى تدخل من الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، بما عرف عنه من حرص على تذليل أى عقبة تعترض أى مشروع بالأخص فى هذا المجال الحيوى الذى تحتاجه مصر.

 

■ هل تعرفون البطل محمد مهران ابن بورسعيد؟
منذ ٦٥ عامًا، وقع فى أسر قوات الغزو البريطانى بعد إصابته فى عملية فدائية ضد العدوان الثلاثى.
قام الغزاة المتوحشون بتعذيبه، ليظهر أمام الكاميرات ويقول إن شعب بورسعيد يرحب بالقوات البريطانية التى «ستحرره» من نظام ٢٣ يوليو، وإن مصر كلها تمقت عبدالناصر وأعوانه. لكنه رفض وسخر منهم.
نقلوه إلى القاعدة البريطانية فى قبرص، وهددوه بانتزاع عينيه إذا لم يتكلم، أو ترك عين واحدة إذا انصاع لهم، ونقل الأخرى إلى ضابط بريطانى فقد عينيه فى إحدى عمليات المقاومة ضد الغزو ببورسعيد، سايرهم البطل مهران، وعندما جاءوا بكاميرات التليفزيون هتف أمامها: «تحيا مصر.. يعيش عبدالناصر»!
نفذ البرابرة الغزاة جريمتهم الوحشية، واستأصلوا عينى محمد مهران.
كان الفتى محمد مهران حينئذ فى سن الثامنة عشرة من عمره!
حين أعيد مهران إلى مقر القيادة البريطانية ببورسعيد، تم تحريره فى عملية فدائية ونقله إلى مستشفى عسكرى بكوبرى القبة.
عاش مهران بعد تلك الجريمة الشنعاء ٥٥ عاما، شاهدًا حيًا على وطنية شباب مصر وبسالة أبناء بورسعيد، ورمزًا على وحشية عدوان الذين يلقون اليوم على شعوب العالم الحرة التى عانت من احتلالهم، دروسًا فى حقوق الإنسان!
التقيت عم محمد مهران منذ ٢٥ عامًا مضت، وأجريت معه حوارًا مطولاً عن بطولته فى أيام المقاومة الشعبية ضد العدوان وتضحيته بعينيه راضيًا ألا يكون ثمن بقائهما الإساءة لوطنه وقائده.
آخر مرة شاهدت فيها البطل مهران، كانت منذ ٤ سنوات حينما كرمه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأمر بإطلاق اسمه على حى سكنى فى بورسعيد.
منذ ٧ أشهر، رحل عنا محمد مهران، وأظن قصة بطولته الفريدة تستحق أن تروى فى كتب القراءة أو منهج التاريخ ضمن نضال الشعب المصرى ضد الغزو والاحتلال.
ربما تنتبه شركات الإنتاج السينمائى والدرامى إلى قصة البطل الفذ محمد مهران، وتحولها إلى فيلم أو مسلسل، يحفظ ذاكرة البطولات المصرية للأجيال المقبلة.

 

■ على مدار قرابة مائة عام من عمره، ظل فريق الإسماعيلى هو ثالث قطبى الكرة المصرية، بل كثيرًا ما تفوق عليهما بالفن الكروى واللعب الممتع حتى وإن لم ينصفه التحكيم وتسعفه النتائج!
الأجيال الجديدة ربما لم تتعرف على الإسماعيلى منذ كان يسمى بفرقة رضا للفنون الكروية فى سنوات الستينيات وما بعدها خلال العقود الأخيرة من القرن الماضى.


عانى الإسماعيلى من التجريف لفرقه الذهبية، وآخرها الفريق الذى انتُزع كل نجومه لفريق آخر بعدما حصلوا على الدورى والكأس ووصافة دورى أبطال أفريقيا ودورى أبطال العرب خلال موسمين.
ثم جاءت الطامة الكبرى بعد ثورة يناير، حينما توقفت الكرة، ودفع الاسماعيلى بعدها ثمن أحداث ستاد بورسعيد التى لم يكن له فيها ناقة ولا جمل، ومازال يدفع ثمن جريمة لم يرتكبها.
كابد الإسماعيلى سوء الإدارة، وعجز موارده المالية عن الوفاء بمتطلبات سداد أجور اللاعبين فضلًا عن إنجاز منشآته الرياضية والاجتماعية خلال السنوات الأخيرة.


فى العام الماضى.. نجا الإسماعيلى بأعجوبة من الهبوط، وفى هذا العام يقترب بشدة من مفارقة الدورى الممتاز، لتبقى أندية شركات بلا جمهور منها شركات عامة تهدر أموالها على توليف فرق من رديف الأندية الكبرى!
يحتاج وضع الإسماعيلى وهو أول فريق مصرى يحصل على كأس أفريقيا للأندية الأبطال إلى تدخل عاجل من الدكتور أشرف صبحى وزير الشباب والرياضة لتقديم الدعم المالى الذى يحتاجه النادى لترميم صفوفه هذا الموسم وبناء فريق جديد من الموهوبين أبناء الإسماعيلية، ولعلى أقترح عليه أن يلتقى بمجلس الإدارة الجديد، فالإسماعيلى -كما قلت -هو ثالث قطبى الكرة المصرية، بالأرقام وبالجماهيرية.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة