صبرية السباعى
صبرية السباعى


الستات الشقيانة.. «الرزق يحب الخفية ولو المهن ذكورية»

الأخبار

الأربعاء، 29 ديسمبر 2021 - 09:55 م

كتب: دينا درويش وعمر يوسف

تستيقظ كل صباح، حاملة أعباء يوم جديدً لا تعرف ماذا يخبئ لها القدر من مفاجآت سارة أو قد تكون غير ذلك، فظروف الحياة الصعبة ألقتها فى مرمى المهن الشاقة أو ما يطلق عليه المهن الذكورية، بل وأجبرتها على احترافها، فأنوثتها لم تمنعها من العمل لتوفير حياة كريمة لأسرتها، لتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها امرأة «حديدية» لا تختلف عن الرجل.

«ألف عيلة وعيلة» قرر فتح ملف احتراف المرأة للمهن الشاقة والمجالات الصعبة، ليستمع إلى قصص كفاح تسجل بحروف من نور فى كتب التاريخ.

ولدت صبرية السباعي «43 عاما» فى قنا، وبدأت رجلة العمل الشاقة منذ السابعة من عمرها، حينما تركها والدها وأمها وشقيقاتها الثلاث، ليدفع ببناته لمواجهة الحياة بدلا من أن يكون سندا لهن.

وبدأت صبرية رحلتها على طريق مهن «الرجال»، غير عابئة بتعب ولا مجهود، فامتهنت تسلق النخيل لجمع الفواكه وحفر القبور ودفن الموتى.

وتقول صبرية لـ«ألف عيلة وعيلة»: طلبت من عمى مصاريف دراستى، فرفض، وحينها لم أجد أمامى سوى العمل فى تلك المهن، وتشرح: طلوع النخيل أمر شاق للغاية ويحيطه الكثير من الخطورة لأنك تكون معلقا بين السماء والأرض، وكنت أقطع سبائط البلح مقابل 20 جنيهًا.

وأضافت: خلال جائحة كورونا كنت أعمل فى حفر القبور ودفن الموتى، لأن الحفارين من الرجال كانوا يخشون دفن موتى كورونا، وتقول: كنت أحفر القبر وأساعد فى دفن الميت الذى يبتعد عنه الجميع، من أجل لقمة العيش.

أم بولا

عجلة وذرة

«ركبت العجلة وبدأت فى بيع الذرة المشوية لمساعدة زوجي».. بهذه الكلمات بدأت أم بولا شرح معاناتها مع مهن الرجال، وقالت: «فى بداية زواجنا كان زوجى ميسور الحال وبعدما رزقنا بالأطفال حدثت له ضائقة وجلس فى المنزل وهنا قررت النزول للعمل فى الشارع لمساعدته».

وأضافت: اشترينا عجلة وبعنا ذرة مشوية فى الطرق، كنت أستيقظ صباحًا أركب العجلة وأذهب لشراء الذرة من التاجر، ثم أضع الفرشة حتى يأتى زوجى لنقف معًا خلف النار، هو يقوم بالشواء وأنا أبيع للزبائن.

وأوضحت: كذلك عملت فى تنظيف المنازل، وحمل البضائع، وغسل السجاد في الأعياد، ومساعدة الأسر فى الأفراح والمياتم.

وأضافت: أعين الناس لا تتركنى، كونهم يشاهدون سيدة تركب العجلة وتسير فى الطرق، ولكن لا يشغلنى ذلك، كل ما يهمنى توفير الطعام والشراب لأبنائى، وتعليمهم على مستوى عالى.

الحاجة أم أحمد

هروب الزوج

«تركنى زوجى وهرب تاركًا لى ثلاث أطفال فى عمر الزهور وديون تقسم الظهر».. كلمات خرجت من الحاجة أم أحمد العتالة، وهى تحاول أن تمسك دموعها.

وأضافت: حينها لم أجد مفرًا من نزول سوق العمل لأحترف العتالة، تلك المهنة التى يهرب منها الجميع لقسوتها وشدتها، فحملت الطوب والأسمنت، دون كَل أو تعب لأوفر الطعام لأولادي.

وأضافت: لله الحمد تمكنت من  سد كل الديون، وتزويج أبنائي، وقالت: رغم كل ذلك إلا أننى عندما علمت بوفاة زوجى فى الاسكندرية، نسيت ما فعله طوال السنوات الماضية وحزنت بشدة على فقدانه، بل وشاركت فى دفنه وتلقيت مع أولادى العزاء.

مى جمال

الأسطى مي

فى الوقت الذى يعتبر المجتمع أن مهنة «السباكة» شاقة على الرجال، إلا أن الشابة العشرينية مى جمال، قررت امتهانها والنزول إلى سوق العمل باكرًا وهى فى الثامنة من عمرها لمساعدة والدها العجوز الذى لا يقوى على العمل، بعدما تعلمتها منه.

وتقول مي: شربت الشغلانة من أبويا وانا صغيرة لحد ما بقى عمرى 18 سنة، وبدأت أتعامل مع الأدوات والمفاتيح المختلفة واربط الاجزاء والمسامير، حتى عرفت وفهمت كل أسرار الصنعة، مضيفة: بعد سن 18 عاما بدأت فصل جديد فى حياتى مع هذه المهنة فبدأت فى العمل بمفردي.

وأوضحت: كان العملاء ينظرون إلى باستغراب ويشككون فى قدرتى نظرا لكونى فتاة، لكن بعد نجاحى فى إثبات ذاتى بدأ يطلبنى الجميع وخاصة ربات المنازل اللاتى لا يفضلن أن يتواجدن مع صنايعى راجل فى المنزل صباحا أثناء عمل الأزواج.

أم كريم

بائعة الأنابيب

فوق كتف بشيل الأنابيب وفوق التانى الرضا والصبر.. ومستعدة أعمل أى حاجه أشتغل أى حاجه عشان أوفر اللقمة الحلال.. بهذه الكلمات بدأت أم كريم بائعة الأنابيب فى سيدى بشر بالإسكندرية، فى سرد حكايتها، وقالت: بصحى مع آذان الفجر لأضع أربعة أنابيب على العجلة، وأتجه إلى الشارع داعية الله أن يرزقنى بالزبائن لأهبط من أعلى العجلة مسرعة بحمل الأنبوبة على كتفى، من أجل الصعود بها إلى الشقة.

وأضافت: كانت حياتى صعبة وعانيت لتربية ابنائى السبعة، واضطررت لمغادرة القاهرة لغلاء المعيشة وانتقلت للإسكندرية مع زوجى وابنائى، حرمانى من التعليم جعل هدفى فى الحياة أن ينهى أبنائى مشوارهم الدراسى، وكان مصروف المنزل 10 جنيهات فى اليوم فاضطررت للعمل لمساعدة زوجي.

وأوضحت: فى أحد الأيام توجهت لتغيير الانبوبة وكانت وقتها بـ 65 قرشا ولم اكن امتلك قرشا واحدا، وعرضت علي احدى العاملات فى المخزن أن أعمل فى هذا المجال، فى البداية لم اوافق وقلت لها لن استطيع حمل انبوبة، لكنها شجعتنى وبالفعل جمعت لى عددا من الانابيب وبدأت فى توزيعها على المنازل.

إقرأ أيضاً | «المواد البترولية»: رفع أسعار أنابيب البوتاجاز طفيف مقارنة بالتكلفة الحقيقية

وقالت: اشتريت عجلة كانت تحمل انبوبتين، وسط تشجيع وإعجاب جميع أهالى الإسكندرية، لم يكن العمل فى هذه المهنة سهلا بالنسبة لى خاصة فى الشتاء وأيام النوة.

وتضيف: حتى لا أتعرض لمضايقات غيرت مظهرى وقصصت شعرى ليطغى على الطابع الذكوري».. واختتمت: ورغم سنوات سنوات عمرى الـ 64، لا زالت أحمل الانبوبة وأصعد بها حتى الدور الـ 17 ولدى ابن أمين شرطة وابنة خريجة كلية العلوم وأخرى خريجة سياحة وفنادق، وتزوج جميع ابنائى ما عدا الأخير الذى لازال طالبا فى المرحلة الثانوية.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة