أميمة كمال
أميمة كمال


لذا لزم التنويه

الاقتصاديون ورائحة البشر

أخبار اليوم

الجمعة، 31 ديسمبر 2021 - 07:17 م

بقلم/ أميمة كمال

«هواة الحديث عن البورصة، وأسواق المال، والاستثمار العقارى والشمول المالى، يمتنعون». لأن هذا الحديث لن يستهويهم. لأننى أتحدث عن جيل من الاقتصاديين عاصرته، وقرأت له، وسمعت مناظراته يمينا ويسارا. مما يجعل العقل لا يهدأ من تقليب الأفكار، وتنقيحها، مناظرات جيل كنت أشتم منه رائحة البشر. كان الحديث يبدأ، ويحتدم من أجل تحسين معيشة الناس بالعدل. ولكن بعد أن ابتعد هذا الجيل بالرحيل، أو العزوف،  أصبحت أفتقده. أما ما سر هذا الإحساس بالفقد.

هو العثور بالصدفة ،أثناء ترتيب مكتبتى، على كتاب (فى وداع القرن العشرين). وكأنه كان يبحث عنى، وأنا الأخرى أفعل، هو كتاب للدكتور رمزى زكى أحد أبرز عظماء هذا الجيل. ولاأملك تعريفا يستحقه.هل جرب أحدكم مرة أن يقرأ مقالا اقتصادىا، فتدمع عينيه من إخلاص كاتبه، وتفرغ حياته لإسعاد البشر بحثا عن حل معضلة اقتصادية صعب على غيره حلها. أقول لكم الحق.

أنا جربت مع هذا المُتواضع العظيم. أمسكت بالكتاب، لاستعيد به لحظة خاطفة فى 1999، عندما التقيت بالدكتور رمزى زكى، حاملا لى كتابه بإهداء بخط يده . وقتها سرت فى شارع الصحافة، ممسكة بالكتاب بمنتهى الفخر. لإنه كتب فى صفحته الأولى أن كتابه إهداء إلى كل «الطيبين والشرفاء». وقتها أقنعت نفسى، أنه حتما يرانى من هؤلاء. فاسترحت لهذا التفسير. الذى أراه الآن عاطفيا، بأكثر كثيرا من تلك السنوات. الكتاب يحوى بين دفتيه مجموعة الأبحاث والمقالات التى نشرها فى التسعينات. وكلها تهتم بتناقضات النظام العالمى، وقضايا اللامساواة، وبمعضلات الاقتصاد المصرى. وفى إحدى مقالاته كان يتكلم عن أحلامه الوردية التى بدأت منذ أن كان معيدا فى معهد التخطيط. ومن غمرة حماسه لحل قضايا المجتمع كان يواصل الليل بالنهار فى المعهد.

ولايغادره إلا فى ساعة متأخرة من الليل. وقتها «كنا نتنفس أحلام التحرر الوطنى والتنمية المستقلة، والعدالة الاجتماعية ، ورفض الهيمنة الأجنبية على مقدراتنا». «سافرت لاستكمال دراستى، وأنا أحمل فى عقلى مشكلة الإدخار. وبحثت فى كل تجارب التنمية فى العالمين الرأسمالى والاشتراكى لحل المعضلة. وهى كيف نحمى الشعوب من أن تدفع ثمنا باهظا للتنمية. وأن تكون ثمارها من أجل تحسين حياة أغلبية البشر.. وكيف أنه كلما تحققت التنمية بالاعتماد على موارد القوى المحلية، قلت مخاطر الوقوع فى براثن المديونية الخارجية التى تؤثر على الأهداف الاجتماعية. ولازلت أستودع عاما آخر بحثا عن أمثال هؤلاء الطيبين والشرفاء.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة