عقد مؤخراً في روما المؤتمر الدولي الثاني للتغذية والذي نظمته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بمشاركة وفود حوالي 147 دولة من بينها مصر . ولاحظ المؤتمر أنه بالرغم من أنه قد حدث في السنوات الأخيرة بعض التحسن النسبي في قضية الجوع وسوء التغذية إلا أن مسار خفض الجوع وسوء التغذية كان ولا يزال متفاوتاً ومتواضعاً وبطيئاً بصورة غير مقبولة ومازال العدد المطلق مرتفعاً. فقد وصل عدد من يعانون من الجوع في العالم إلي حوالي 805 مليون نسمة في الفترة 2012 -2014 ويقع معظمهم في الدول النامية ومن بينهم عدد كبير من النساء والأطفال كما كان نقص التغذية السبب في حوالي 45 % من مجموع وفيات الأطفال دون سن الخامسة في عام 2013. وبالنسبة لسوء التغذية فإن حوالي 160 مليون طفل يعانون من التقزم وحوالي 50 مليون طفل يعانون من الهزال كما أن أكثر من ملياري نسمة يعانون من نقص المغذيات الصغري مثل فيتامين أ والحديد واليود والزنك. في حين يعاني حوالي 540 مليون بالغ وطفل من زيادة الوزن والبدانة. وإن المشكلة يمكن أن تتفاقم في عام 2050 عندما يصبح عدد سكان العالم حوالي 9 بلايين نسمة بالمقارنة بحوالي 7 بلايين نسمة حالياً ما لم تتخذ السياسات والخطط لزيادة انتاج الغذاء في العالم عام 2050 بحوالي 70 % وما يتطلبه ذلك من استثمارات زراعية عالمية كبيرة حيث أوضحت قمم الغذاء العالمية أن انهيار الغذاء العالمي قد جاء عقب تراجع نسبة الاستثمارات الزراعية في الاستثمارات الحكومية عالمياً من حوالي 20 % في الثمانينات إلي حوالي 4 % فقط حالياً كما أن المساعدات الرسمية الدولية للزراعة قد انخفضت من حوالي 17 % عام 1980 إلي حوالي 5 % فقط حالياً. ولهذا فإن المؤسسات الدولية توصي بألا تقل نسبة الاستثمارات الزراعية في الاستثمارات الحكومية عن 10 % وذلك جنباً إلي جنب مع تشجيع القطاع الخاص علي الاستثمار الزراعي والغذائي. وقد أعتمد المؤتمر الدولي الثاني للتغذية وثيقتي نتائج المؤتمر وهما اعلان روما عن التغذية واطار العمل للفترة 2016-2025. وأكد أعلان روما للتغذية علي حق كل فرد في الحصول علي أغذية آمنة وكافية ومغذية بما يتماشي مع الحق في الحصول علي غذاء كاف وسليم والحقوق الأساسية لكل فرد في التحرر من الجوع بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما ركز الاعلان علي عدم استخدام الغذاء كوسيلة للضغط السياسي والاقتصادي وعلي زيادة وتشجيع الاستثمار الزراعي والغذائي المسئول والمستدام في مجالات الانتاج النباتي والحيواني والداجني والسمكي بما يشمل أصحاب الحيازات الصغيرة والزراعة الأسرية والمرأة. كما أكد المؤتمر علي الالتزام بالقضاء علي الجوع وسوء التغذية علي مستوي العالم فليس من المعقول أو المقبول بل من العار أن يموت ملايين البشر من الجوع في الوقت الذي ينعم فيه آخرون بالوفرة علاوة علي هدر الغذاء كما أن الجوع والبؤس والحرمان ليس أمراً محتوماً والانسان الذي يعاني من الجوع وسوء التغذية يطالب بالكرامة والعدالة والمساواة ولا يطلب صدقة.. هذا وقد ركزت كلمة وفد مصر في المؤتمر علي أن قضية التغذية قد تصدرت أوليات الحكومية المصرية بعد اندلاع ثورتي 25 يناير، 30 يونيو حيث كان المطلب الأساسي للشعب المصري عيش حرية كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية كما نص الدستور المصري لسنة 2014 في المادة 79 علي أن لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكاف وماء نظيف وتلتزم الدولة بتوفير الموارد الغذائية للمواطنين كافة كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام وتضمن الحفاظ علي التنوع البيولوجي الزراعي واصناف النباتات المحلية للحفاظ علي حقوق الأجيال. وأن استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة في مصر تستهدف تحقيق درجة أعلا من الأمن الغذائي والتغذوي. كما شكلت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي مجموعة عمل Task Force تضم ممثلين لكافة الوزارات والهيئات ومراكز البحوث والمنظمات الدولية في مصر المعنية بقضايا انتاج وتداول وتصنيع وتجارة الغذاء وذلك لمتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر الدولي الثاني للتغذية وتحديث خطة عمل النهوض بالتغذية في مصر.