شعار مفوضية الانتخابات الليبية
شعار مفوضية الانتخابات الليبية


مسار الانتخابات الملغومة في ليبيا ولبنان والعراق

عمر عبدالعلي- إبراهيم مصطفى- حسام عبدالعليم

الأحد، 02 يناير 2022 - 05:32 م

فى كل الدنيا الشعار الأقرب هو الانتخابات هى الحل عندما تتأزم الأمور أو معالجة حالة من الانسداد السياسى ولكن العالم العربى هو الاستثناء فالوصول إلى صناديق الانتخابات مشكلة وضمان النزاهة والشفافية أمر صعب والقبول بالنتائج أزمة ولعل نظرة على عام ٢٠٢٢ نكتشف بسهولة أن هناك العديد من الدول تعيش على وقع استحقاق دستورى وفى انتظار إجراء انتخابات واستفتاءات كلها تحمل عوامل التفاؤل بعبور الأزمات.

وعلى نفس القدر هناك مخاوف من حالة عدم الاعتراف بالنتائج ولعل الانتخابات العراقية هى الأقرب حيث ظهرت فى أكتوبر الماضى ولم يتم اقرارها سوى بحكم المحكمة العليا. لبنان ليس أفضل حالا فرغم تحديد الموعد فى مايو القادم هناك خلافات بين المكونات السياسية ، أما ليبيا فقد تحول موعد الانتخابات إلى سراب كلما اقتربنا منه بعدنا عنه ، تم تحديد ٢٤ من هذا الشهر ولكن الأمر يبدو مستحيلا فى ضوء الخلافات السياسية بين مؤسسات الدولة ومناطقها وهذه نظرة أولية على عام حافل بالأحداث والتطورات .

ليبيا.. بين الحلم والسراب

تبخر حلم الليبيين على أطراف عام 2021 ولم يحققوا ما تمنوه وتعلقت به قلوبهم وأفئدتهم به وهو الاستقرار وإعادة البناء وطى صفحات الماضى الحزين عبر الانتخابات .. بين لحظة وأخرى تلاشت أحلام الليبيين قبل ان تصل سفينتهم إلى بر الأمان وتحطمت آمالهم قبل أن ينفرط عقد العام المنصرم بساعات !! ، وبقيت لهم بعض من ذكريات وأحاديث حول الجزم كما فى السابق بإجراء الانتخابات فى بداية العام الجديد 2022 بغض النظر ما طبيعة تلك الانتخابات ؟

أو ما تحمله فى طياتها من حقيقة أم ضرب من الخيال كما سابقتها ، فلا أحد يمكنه التهكن أو التوقع بما تسفر عنه الأيام القادمة عن طبيعة الأحوال على الأراضى الليبية ، لأن زمام الأمور لا يملكه طرف قوى يمكنه تغيير اللعبة إلى الصالح العام .. الخوف من القادم أن تستمر اللعبة كما بالأمس ولا يذهب الشعب الليبى إلا صناديق الاقتراع ، وحتى كتابة هذه السطور ، مازال الأمر لم يحسم بعد.

وما يتم فى الخفاء قبل العلن لا يبشر بخير ، طالما لم تتلاقى المصالح العامة بين جميع الفرقاء الليبيين..  الأمر ربما يتعلق بما تسفر عنه جولات الفرقاء فى ليبيا ومدى توافقهم على ما يناقشه مجلس النواب الليبى فيما اقترحته لجنة الانتخابات تحديد يوم 24 يناير الجارى موعدا جديدا للانتخابات على أن تجرى القسم التشريعى منها أولا ثم تجرى الانتخابات الرئاسية لاحقاً ، لكن ذلك هو من باب المناقشات ولم يحسم الأمر بعد حيث سيعقد مجلس النواب الليبى خلال الساعات القليلة المقبلة جولات أخرى بين أعضائه لبحث مسألة الانتخابات وفرص عقدها أو تحديد موعد لها لعرضه على لجنة المفوضية العليا للانتخابات الليبة بعد إزالة العوار القانونى الذى أصاب العملية الانتخابية ومرشحيها وهو ما جعل أمر تأجيل الانتخابات عن موعدها السابق أمرا محسوما وفق تصريحات عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات .. ويبقى التساؤل أيضاً : هل يحدد البرلمان الليبى موعدا جديدا للانتخابات الليبية أولاً ؟ أم يصوت على اختيار حكومة جديدة تقود الانتخابات المقبلة !

اقرأ ايضا | أزمة ليبيا.. لن تحلها البيانات

لبنان .. عقبات فى الطريق

يدخل لبنان عام 2022 محملاً بأثقال الأزمات السياسية والاقتصادية فى السنوات الأخيرة، إلى جانب بصيص من الأمل فى الإنقاذ يتمثل فى الانتخابات المرتقبة خلال العام الجديد، الذى من المفترض أن يشهد انتخابات بلدية ونيابية ورئاسية.

وكعادة كل شيء فى لبنان، استبق إجراء الانتخابات مناورات وخلافات سياسية عدة، حيث أقر مجلس النواب فى أكتوبر الماضى إجراء انتخابات مبكرة فى مارس المقبل، لكن الرئيس ميشال عون رفض التصديق على القرار، ودعا فى ديسمبر الماضى إلى إجراء الانتخابات النيابية فى 15 مايو المقبل.
جدل موعد الاقتراع سبقه خلاف حول تصويت المغتربين، حيث اقترح رئيس التيار الوطنى الحر النائب جبران باسيل أن تخصص 6 مقاعد للمغتربين، وتقدم بطعن على تعديلات قانون الانتخاب التى تنص على منح حق التصويت للمغتربين على مقاعد مجلس النواب الـ128 بحسب دوائرهم الانتخابية، لكن المجلس الدستورى لم يوافق على طعن التيار الذى يتبع رئيس الجمهورية.

ما دفع باسيل إلى مهاجمة الثنائى الشيعى حزب الله وحركة أمل، واعتبرت تقارير إعلامية ذلك مؤشراً على تباعد الحلف الثلاثى الذى بدا قوياً فى أكثر من موقف خلال السنوات الأخيرة، وما يعنيه ذلك من اتساع قائمة خصوم باسيل وحزبه، التى تضم تيار المستقبل وحزب القوات.

ويصل عدد المغتربين إلى أكثر من 225 ألف ناخب، من بين نحو 4 ملايين مسجلين فى قوائم الاقتراع الأولية، ومعظم هؤلاء المغتربين من المسيحيين الموارنة ثم السنة وبعد ذلك الشيعة، ما قد يجعل لأصواتهم أهمية فى ترجيح العديد من المقاعد النيابية، خاصة وأن خريطة التحالفات لم تتضح حتى الآن..

وتثور فى لبنان مخاوف من عدم إجراء الانتخابات فى موعدها، ولجوء الأحزاب للتمديد للمجلس الحالي، مثل ما جرى بين عامى 2013 و2015، على خلفية قلق القوى السياسية التقليدية من تصويت عقابي، يترجم الغضب الشعبى الذى ظهر فى مظاهرات أكتوبر 2019، وكذلك مؤشرات التدهور الاقتصادي.

واستباقاً لمحاولات تأجيل الاقتراع، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش خلال زيارته لبيروت الشهر الماضي، إنه حصل على ضمانات بإجراء الانتخابات فى موعدها، كما اتهم البطريرك المارونى بشارة الراعى السياسيين بالعمل على التأجيل لخدمة مصالحهم.

وأعلن أنه طالب جوتيريش بحل دولى يعكس إرادة اللبنانيين.. وبالإضافة لإرادة السياسيين، تقف عدة عقبات أمام مهمة إتمام الاستحقاق الانتخابى فى موعده، مثل جاهزية قوات الأمن لتأمين مراكز الاقتراع وتحرك المواطنين للإدلاء بأصواتهم، وكذلك تأمين تيار كهربى لنحو ألفى مركز اقتراع، فى ظل الأزمة التى يعيشها لبنان والظلام الذى يخيم على معظم ساعات اليوم، ما لم يوجد مولد للكهرباء لدى المواطن، إلى جانب ضمان انتظام خدمة الإنترنت لمراكز فرز الأصوات إلكترونياً.

اقرأ ايضا | «البيطار» يستدعى نواباً للتحقيق فى انفجار مرفأ بيروت

العراق .. معاناة توابع الزلزال
بعد مرور ما يقرب من 80 يوماً من اجرائها، صادقت المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية العراقية فى 26 ديسمبر الماضى، لتتجاوز البلاد عقبة الاعتراضات على نتائج الانتخابات.

وتبدأ فصلا جديدا من مفاوضات ومشاورات شاقة تخوضها الكتل السياسية الفائزة للتوصل الى تفاهمات بشأن حسم «الكتلة الأكبر»بالبرلمان والفوز بتشكيل للحكومة الخامسة منذ عام 2006، حيث لم يتبق أمامهم سوى أسبوع فقط، بعد مرور أسبوع على المصادقة النهاية للنتائج النهائية وفقاً للدستور العراقى.

وذلك لتحديد الملامح الأولية للحكومة المقبلة التى ستقود البلاد للسنوات الأربع المقبلة، فى ظل ظروف سياسية واقتصادية وأمنية صعبة.حيث أصدر الرئيس العراقى برهم صالح، الخميس الماضى، مرسوما جمهوريا بدعوة البرلمان الجديد إلى الانعقاد يوم التاسع من الشهر الجارى..

من واقع الانتخابات السابقة، ليس هناك سبيل فى انفراد تيار أو حزب بعينه، ولابد أن يرتبط التشكيل الحكومى على نحو كبير باتفاق كل الأطراف والتوافق بين الشيعة والسنة والأكراد على الرئاسات الثلاث كحزمة واحدة، وهى البرلمان والحكومة ورئيس الجمهورية.

وفى ذات السياق، لايزال هناك انقسام داخل البيت الشيعى نفسه، بين قوى حصلت على أعلى المقاعد مثل الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر بعدد 73 مقعدا، وبين «الاطار التنسيقى» .

ويسعى المالكى إلى الحصول على مقاعد الخاسرين فى محاولة تشكيل الكتلة الأكبر عبر التحالف لاحقاً مع الأكراد والسنة وذلك لترشح من بين أعضائها رئيساً للوزراء. إلا انه وفقاً لمراقبين سياسيين ،لا يستطيع الاطار التنسيقى تخطى التيار الصدرى وجمهوره العريض بتشكيل حكومة من دون أن يكون طرفاً فيها.


بعد ثلاثة أيام من مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية، أعلن مقتدى الصدر تمسكه بـ»حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية»، وجاء هذا الاعلان بعد لقاء جرى بين الصدر ووفد من «الإطار التنسيقي» ضم زعيم «تحالف الفتح»هادى العامرى وزعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلى ورئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض فى منزل الأول فى مدينة النجف..

وأشارت تقارير اعلامية ومراقبين للمشهد العراقى، وان اجواء اللقاء كانت إيجابية مع الاشارة الى الحاجة لعقد مزيد من الاجتماعات للوصول لأرضية مشتركة. وتظهرمؤشرات وجود نية لمقتدى الصدر بعزل رئيس الوزراء السابق نورى المالكى لكون عدم وجود انسجام بينها.

يسير الصدر فى اتجاه حكومة أغلبية، بمشاركة أطراف كردية (الحزب الديمقراطى الكردستانى والاتحاد الوطني) وسنية(حزب تقدم وتحالف العزم)، وجزء من قوى «الإطار التنسيقي».

لكن القوى الرئيسية فى «الإطار» ترفض مقاربته هذه لكونها ترمى إلى إجبار طرف شيعى أو أكثر على الذهاب إلى المعارضة. وبحسب مراقبون ان هذا خيار ليس لصالح القوى السياسية التقليدية لأنه يحرم المعارضين من كعكة السلطة والنفوذ.

الأيام القليلة القادمة، سوف تبين ما ستتوصل إليه نتائج المفاوضات والتفاهمات  فى سبيل تشكيل حكومة عراقية توافقية خلال السنوات الأربع المقبلة.

 

اقرأ ايضا | صالح والكاظمي يؤكدان على دعم الأجهزة الأمنية لملاحقة بقايا الإرهاب​​​​​​

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة