أحمد الإمام
أحمد الإمام


عصير القلم

القرد لسه بيتنطط

أخبار الحوادث

الخميس، 06 يناير 2022 - 03:46 م

في‭ ‬كل‭ ‬عصر‭ ‬من‭ ‬العصور‭ ‬هناك‭ ‬دائما‭ ‬شخص‭ ‬متسلق‭ ‬يجيد‭ ‬التلون‭ ‬والرقص‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الحبال‭ ‬والأكل‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الموائد‭.‬

في‭ ‬زمن‭ ‬الملكية‭ ‬تجده‭ ‬ملكيا‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬زمن‭ ‬الثورة‭ ‬تجده‭ ‬ثوريا‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬عهد‭ ‬الناصرية‭ ‬تجده‭ ‬اشتراكيا‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬الحقبة‭ ‬الساداتية‭ ‬تراه‭ ‬انفتاحيا‭.‬

هذا‭ ‬الشخص‭ ‬يطبق‭ ‬دائما‭ ‬مبدأ‭ ‬‮«‬يا‭ ‬حلو‭ ‬قولي‭ ‬طبعك‭ ‬وأنا‭ ‬امشي‭ ‬عليه‮»‬‭ ‬ولديه‭ ‬دائما‭ ‬بوصلة‭ ‬خاصة‭ ‬توجهه‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الاتجاه‭ ‬الرائج‭.‬

اذا‭ ‬كان‭ ‬الاتجاه‭ ‬غربا‭ ‬تجده‭ ‬يتفنن‭ ‬في‭ ‬إبراز‭ ‬مزايا‭ ‬الاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬الغرب‭ ‬والفوائد‭ ‬التي‭ ‬ستجنيها‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬الاتجاه‭ ‬غربا‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الشرق‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يجلب‭ ‬لنا‭ ‬سوى‭ ‬الخسارة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭.‬

وبنفس‭ ‬السرعة‭ ‬إذا‭ ‬اتجهت‭ ‬البوصلة‭ ‬نحو‭ ‬الغرب‭ ‬تجده‭ ‬يدير‭ ‬رقبته‭ ‬ويتخلى‭ ‬عن‭ ‬قناعاته‭ ‬السابقة‭ ‬ويطيح‭ ‬بها‭ ‬بعيدا‭ ‬بطول‭ ‬ذراعه‭ ‬ويتجه‭ ‬نحو‭ ‬الشرق‭ ‬ويعدد‭ ‬مزايا‭ ‬الانحياز‭ ‬للمعسكر‭ ‬الشرقي‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينسى‭ ‬أن‭ ‬يصب‭ ‬لعناته‭ ‬على‭ ‬الغرب‭ ‬والغربيين‭.‬

هذا‭ ‬الشخص‭ ‬لا‭ ‬يعدم‭ ‬حيلة‭ ‬ولا‭ ‬وسيلة‭ ‬في‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬مبادئه‭ ‬بنفس‭ ‬السرعة‭ ‬التي‭ ‬يبدل‭ ‬بها‭ ‬ملابسه‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬يخجل‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬اقناعك‭ ‬بعكس‭ ‬الشيئ‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحاول‭ ‬اقناعك‭ ‬به‭ ‬منذ‭ ‬ساعات‭ ‬قليلة‭.‬

هذا‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يسبح‭ ‬بحمد‭ ‬مبارك‭ ‬ويعدد‭ ‬مزايا‭ ‬وريثه‭ ‬جمال‭ ‬،‭ ‬ظهر‭ ‬عقب‭ ‬ثورة‭ ‬يناير‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬المعارض‭ ‬الشرس‭ ‬للتوريث‭ ‬ومؤكدا‭ ‬ان‭ ‬ثورة‭ ‬يناير‭ ‬أنقذت‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬نفق‭ ‬مظلم‭ ‬ومن‭ ‬نظام‭ ‬ملكي‭ ‬مستتر‭.‬

ومع‭ ‬صعود‭ ‬نجم‭ ‬الاخوان‭ ‬ارتدى‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬عباءة‭ ‬الدين‭ ‬ووضع‭ ‬العمامة‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬وأطلق‭ ‬لحيته‭ ‬بسرعة‭ ‬البرق‭ ‬حتى‭ ‬يحظى‭ ‬بفرصة‭ ‬مع‭ ‬الاخوان‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صعود‭ ‬نجمهم‭ ‬وهيمنتهم‭ ‬على‭ ‬مفاتيح‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وقتها‭.‬

‭ ‬وبعد‭ ‬ثورة‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬التي‭ ‬أزاحت‭ ‬الاخوان‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬مصر‭ ‬خرج‭ ‬يهاجم‭ ‬الاخوان‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التليفزيون‭ ‬ويصفهم‭ ‬بأبشع‭ ‬الصفات‭ ‬ويعدد‭ ‬جرائمهم‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الوطن‭.‬

هذا‭ ‬الشخص‭ ‬يراهن‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬ضعف‭ ‬ذاكرة‭ ‬المصريين‭ ‬ونسيانهم‭ ‬لمواقفه‭ ‬القديمة‭ ‬ويعتمد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شخصية‭ ‬جديدة‭ ‬يتقمصها‭ ‬على‭ ‬اتقانه‭ ‬للتمثيل‭ ‬ومهارته‭ ‬في‭ ‬التلون‭ ‬ويساعده‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬بلا‭ ‬مبدأ‭ ‬وبدون‭ ‬أيدولوجية‭ ‬ثابتة‭.‬

هذا‭ ‬الشخص‭ ‬قرد‭ ‬حقيقي‭ ‬يجيد‭ ‬التنقل‭ ‬بين‭ ‬الاشجار‭ ‬بخفة‭ ‬ومهارة‭ ‬وكلما‭ ‬وجد‭ ‬شجرة‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬الأولى‭ ‬اتجه‭ ‬اليها‭ ‬غير‭ ‬نادم‭.‬

لا‭ ‬يتمسك‭ ‬بالشجرة‭ ‬التي‭ ‬منحته‭ ‬الظل‭ ‬صيفا‭ ‬وأهدته‭ ‬الدفء‭ ‬شتاءا‭ ‬وأطعمته‭ ‬من‭ ‬ثمارها‭ ‬،‭ ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬شيمته‭ ‬التي‭ ‬خلق‭ ‬عليها‭ ‬،‭ ‬يجذبه‭ ‬اللون‭ ‬الأصفر‭ ‬البراق‭ ‬لأصابع‭ ‬الموز‭ ‬ويسيل‭ ‬لعابه‭ ‬لرائحته‭.‬

لا‭ ‬تنتظر‭ ‬من‭ ‬القرد‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬التنطيط‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬تتوقع‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يتصرف‭ ‬كالأسود‭ ‬مثلا‭ ‬،‭ ‬فالملوك‭ ‬لا‭ ‬تجيد‭ ‬الرقص‭ ‬والتنطيط‭ .‬


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة