عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


لعبة الحلال والحرام !

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 06 يناير 2022 - 06:12 م

نحن الآن فى مستهل عام ٢٠٢٢، أى بعد أن تخلصنا من حكم الإخوان بنحو  ثمانية أعوام ونصف العام، ومع ذلك مازلنا نحتاج لأن يخرج علينا شيخ الأزهر ومفتى الديار المصرية ومعهما عدد من علماء الأزهر ليؤكدوا لنا أن تهنئة المصريين المسيحيين بعيدهم حلال شرعا ولا تتعارض مع أحكام الدين الإسلامى ولا تنتقص من تدين المسلم!.. إن هذا ليس له سوى معنى واحد مؤسف ويتمثل فى ان الفكر الظلامى المتطرف دينيا ما برح يشوش  عقولا مصرية ويتحكم فى تصرفات بعض المصريين، لذلك مازلنا حتى اليوم  نحتاج لمن يذكرنا ان تهنئة المصرى المسلم للمصرى المسيحى فى يوم عيده حلال شرعا ولا تتعارض مع أصول الدين الإسلامى!

ولعل سبب ذلك يرجع الى ان عملية نشر التطرّف الدينى بدأت منذ وقت مبكّر فى البلاد من خلال لعبة الحلال والحرام التى مورست على نطاق واسع فى بلادنا.. لقد شاع أن التطرّف الدينى فى البلاد بدأ فى  السبعينيات من القرن الماضى، واقترن بإعادة جماعة الاخوان للحياة والنشاط  مجددا، واحتضان الجماعات الدينية داخل الجامعات.. وهذا ليس صحيحا، فإن مصر بدأت التعرض مبكرا لعملية ممنهجة ومخططة لنشر الفكر الدينى المتطرف فى عشرينيات القرن التاسع عشر، من خلال منابر مدعومة وممولة من الخارج.. وفى هذا المناخ تأسست جماعة الإخوان عام ١٩٢٨، الذى ساعدها هذا الفكر المتطرف على النمو السريع والانتشار الكبير فى غضون بضعة أعوام قليلة، حتى صارت فى الأربعينيات من القرن التاسع عشر أكبر وأغنى منظمة سياسية فى البلاد رغم شعبية حزب الوفد وقتها! .. اما فترة الخمسينيات والستينيات فإنها كانت استثناء مؤقتا سرعان ما استرد بعدها دعاة التطرّف الدينى قدرتهم على نشر دعواتهم وفتاواهم المتطرفة فى ربوع المجتمع لنحصد نحن ثمارها المسمومة التى صنعت لنا وحوشا آدمية ونفوسا خربة تكره ان يسود الإخاء والسلام والمحبة مجتمعنا.    

وهكذا.. لأن عملية غرس سموم التطرّف الدينى فى المجتمع قديمة وعمرها قارب القرنين، كما انها مستمرة ولم تتوقف رغم التخلص من حكم الإخوان وتصفية جماعتهم تنظيميا، فإننا   مازلنا نحتاج لمن يذكرنا بأن تقديم التهنئة للمصريين المسيحيين فى عيدهم حلال شرعا للمصرى المسلم.. غير أننا نحتاج اليوم لما هو اكبر من ذلك.. نحتاج لأن نقتلع التطرّف الدينى من جذوره فى مجتمعنا، وان نوقف بحزم  لعبة الحلال والحرام الفاسدة التى تهدد وحدة مجتمعنا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة