فيلم الإنس والنمس
فيلم الإنس والنمس


بعد مرض 10 سنوات كاملة l السينما المصرية غادرت الإنعاش

آخر ساعة

السبت، 08 يناير 2022 - 11:55 ص

شريف عبدالفهيم

لم يكن عام 2021 عاماً سيئاً على السينما المصرية مثل سابقه، فقد بدأت الحياة السينمائية تنتعش بعدما قرر نجوم الصف الأول العودة إلى بلاتوهات التصوير، وشركات الإنتاج قررت أن تعود إلى الساحة من جديد بعد عشر سنوات عجاف منذ عام 2011، قضتها السينما المصرية فى غرفة الإنعاش دونما أمل فى عودة الحياة إليها من جديد، خاصة بعدما سحبت الدراما البساط من تحت أقدامها ليتجه جيل كامل من النجوم إليها ويتركوا السينما تعانى الموات.

يعد العام استثنائياً على مستوى السينما المستقلة؛ إذ كان للسينما المصرية حضور فى المهرجانات السينمائية الكبرى، بعدما شارك عدد كبير من الأفلام ذات الإنتاج القليل فى مهرجانات عالمية بل وتفوقها فى كثير من المحافل العالمية لتحصل على جوائز عدة، إذ بدأ العام بمشاركة فيلم «كباتن الزعتري» فى مهرجان صندانس، ومشاركة «ما لا نعرفه عن مريم» و«توك توك» فى كليرمون فيران، ثم اختيار «سعاد» فى برلين، مرورًا بمشاركة «حمام سخن» لمنال خالد فى ساوث باى ساوث ويست و«ريش» فى مسابقة أسبوع النقاد الدولية لمهرجان «كان» وفوزه بالجائزة الكبرى لها فى إنجاز غير مسبوق، تبع ذلك مشاركة «أميرة» لمحمد دياب فى مهرجان فينيسيا وفوزه بثلاث جوائز، وأخيرًا اختيار فيلم عمرو سلامة الأحدث «برا المنهج» ليكون فيلم ختام المهرجان العربى الوليد (البحر الأحمر السينمائي). 

أما على الجانب الاحترافي، فيمكن اعتبار هذا العام مبشرًا وواعدًا للغاية، بسبب عودة قاعات السينما للعمل بكامل طاقتها، حيث حققت بعض الأفلام فيها ما يقارب 60 مليون جنيه، لكن بعيدًا عن الأرقام، فإنه يمكن وصف معظم الأعمال هذا العام بالعادية، رغم وجود بعض التجارب الطموحة، ويرجع نجاحها معظم الوقت لغياب المنافسة القوية، وإقبال الجماهير على السينما نفسها كنوع من أنواع الترفيه بغض النظر عن الفيلم.

ولم يكن 2021 عاماً عادياً مثل باقى الأعوام فى المجال السينمائي، فعودة النجوم الكبار إلى الساحة أمثال محمد هنيدى وأحمد عز وكريم عبد العزيز وكريم فهمى جعل هناك مساحة كبيرة أمام الجمهور المصرى للاختيار بعدما كان الأمر مقتصراً على اسم أو اثنين يجبر عليهما الجمهور العاشق لدار السينما ليجلس على الكرسى ليشاهد تيمة تجارية لا يرى أنها تفيده فى شيء، وأصبح اختيار الفيلم العائلى المناسب أو ذى النجم الأشهر العاملين اللذين يمكن ملاحظتهما فى جميع الأعمال الناجحة تجاريًّا، سواء فى أفلام مثل «العارف» من بطولة أحمد عز، أو«البعض لا يذهب للمأذون مرتين» من بطولة كريم عبد العزيز، أو «الإنس والنمس» من بطولة محمد هنيدي، أو «وقفة رجالة» الذى هو فيلم عائلى يصلح للأسرة بأسرها، بينما لم ينجح «موسى» - رغم محاولته مضاهاة عوالم مارفل - الموجه للمراهقين فى تحقيق نفس النجاحات فى شباك التذاكر. 

ولم تكن السينما المصرية بعيدة عن العالم الافتراضى الذى يعيشه المجتمع المصرى الآن، فقد كان لعوالم الإنترنت تواجد قوى فى النصوص التى قدمت العام المنصرم، سواء على الشكل أو المضمون، ففيلم اوقفة رجالةب يعتمد بشكل ظاهر على تيك توك والمقاطع التى يصنعها أبطاله أثناء رحلتهم، والتى هى مقتبسة بالحرف من مقاطع تيك توك رائجة بالفعل، مع إضافة أداء الممثلين إليها ليس إلا. 

وفى فيلم الإنس والنمس يمكننا رؤية الزوجين المرحين اللذين يستخدمان تيك توك لتصوير مقالب عائلية، وهى التفصيلة التى تستخدم فى نهاية دراما الفيلم، وتستخدم للإضحاك أيضًا بشكل منفصل طوال أحداث الفيلم، ومقتبسة بالحرف من عوالم تيك توك أيضًا. أضف إلى ذلك الاستخدام الخلاق لوسائط التواصل الاجتماعى فى اسعادب لآيتن أمين. كما كان التركيز على خلق عوالم بصرية مهما اختلفت أنواع تلك الأفلام، أو سواء احتاج المخرجون لتلك العوالم أم لا، كما يمكن القول إن الاهتمام الأكبر كان لمصلحة تحقيق صورة خلابة - أو المحاولة - على حساب كتابة سيناريوهات متماسكة متناسبة مع الصورة المخلوقة، وهذا قد يكون السبب فى غياب جودة الأفلام التجارية هذا العام.  

وربما ساعدت عودة نجوم ابتعدوا منذ فترة عن الشاشة لأسباب عديدة أغلبها بسبب اختلاف ذوق المنتجين واتجاههم لأسماء معينة يرون أنها الأجدر لإعادة أموالهم التى أنفقوها على الفيلم فى أقصر وقت ممكن، إلا أن النجوم الذين عادوا أثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك أنهم مازالوا الكارت الرابح والحصان الكسبان فى مضمار المنافسة السينمائية، وهو ما تمثل فى الفيلم الكوميدى «الإنس والنمس» للفنان محمد هنيدى فارس السينما المصرية الحديثة بلا منازع وفاتح الباب أمام جيل كامل من النجوم، والذى يعد ثانى أعلى فيلم تحقيقًا للإيرادات فى عام 2021 السينمائي، فالكوميديا المستخدمة فى الفيلم معتمدة بالأساس على كل الفكاهات المتعلقة بعوالم الشياطين والإرث الثقافي، سواء الساخر أو غيره من تلك العوالم.

وبعيداً عن الكوميديا وتأثراً بالعوالم الافتراضية والقرصنة الإلكترونية يجيء فيلم «العارف» الأعلى تحقيقًا للإيرادات هذا العام، من بطولة أحمد عز، يستخدم عوالم الاستخبارات المعلوماتية وتفاصيل الاختراق الإلكتروني، إضافة إلى مشاهد معارك متنوعة الأساليب البصرية والقتالية، ومطاردات منفذة جيدًا ومواقع تصوير فى دول عدة، خلطة تذكرنا بأفلام جيمس بوند أو المهمة المستحيلة.

وعلى وتيرة أفلام مارفل أخرج بيتر ميمى صاحب سلسلة الاختيار أول جزء من تجربة طموح يحاول أن يحاكى بها التجربة العالمية لإنتاج أفلام الفانتازيا الرقمية فى عصر التحاور الافتراضي، والتى أطلق عليها سلسلة «المستضعفون»، وأولها فيلم «موسى» من بطولة محمود كريم عبد العزيز فى دور شاب جامعى مضطهد يصنع روبوتًا للانتقام من قتلة أبيه، ثم يبدأ فى استخدامه للانتقام من االعالم القديمب كما يُطلق عليه داخل الفيلم.

وربما تكون التجربة قد نجحت فى اجتذاب عدد لا بأس به من الجماهير، وتحقيق إيرادات متوسطة، لكن التجربة ينقصها عنصرا «الجودة» على مستوى الكتابة والتنفيذ، و«المصرية»؛ إذ لا وجود لعنصر واحد يمكن وصفه بالمصرى أو حتى العربى.

أما ختام العام فكان فيلم نادين خان «أبو صدام» الذى يقع ضمن نوعية أفلام اليوم الواحد، فهو يحكى قصة سائق التريلا أبو صدام وتابعه المراهق، فى رحلة طريق تركز على فحص تلك الشخصيات بدلًا من الاهتمام بحكاية تضمها من خلال ذلك اليوم، نراقب نوعين مختلفين من الذكور، أحدهما من النوع المسيطر، والآخر من النوع الخاضع.

السائق الذى يبدو مسيطرًا فى بداية الفيلم تتحطم صورته المتخيلة أمامه على مدى الرحلة، من خلال مواقف مع نساء أو محورها الحديث عن نساء، ليذكرك بنموذج من الرجال تكثر رؤيته يقود بسرعة جنونية على الطريق أو يسعى لفرض السلطة بشكل تعسفى أو بطرق ملتوية فقط ليثبت رؤيته لذاته فى المرآة للعالم بأسره مهما تكلف الأمر من جنون أو خسائر. 

لم يثر فيلم فى تاريخ السينما المصرية جدلاً مثلما أثاره فيلم «ريش» لعمر الزهيري، فرغم احتفاء الوسط الفنى به بعدما حصل على جائزة مهرجان «كان» السينمائي، إلا أنه قوبل بعاصفة من الرفض فى أول عرض داخل مصر، بعدما هاجمه عدد من الفنانين المصريين أثناء عرضه فى مهرجان الجونة السينمائى معتبرين أنه يصدّر فكراً خاطئاً عن الوضع العام فى مصر ويصور المجتمع المصرى على غير حقيقته فى الوقت الحالي.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة