محمد العزبي
محمد العزبي


يوميات الأخبار

حكـايات عمـره كلـه

الأخبار

الإثنين، 10 يناير 2022 - 05:15 م

بقلم/ محمد العزبي

كل هذه الحكايات هرباً من عجزى عن الاستمتاع بكتاب «حكايات عمرى كله» بقلم وذكاء وإحساس «سمير صبرى»..

عمرى من عمره يمكن أكبر كام سنة..
ما تفرقش!
أول مرة قابلته كانت من أكثر من نصف قرن «٥٠ سنة» وفى تنجانيقا بعد استقلالها وقبل اتحادها مع جزيرة «زنزبار» ليصبح اسمها تنزانيا.. زنزبار هذه الأيام هى المكان المختار لشهر عسل العرسان المصريين بعد قفل أبواب أوروبا بسبب قيود الكورونا!
 كنا على موعد وكثيرون من مصر ومن كل أفريقيا وعدد من الدول الآسيوية فى «دار السلام» عاصمة تنجانيقا لحضور مؤتمر لمنظمة «تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية» وكان مقرها القاهرة وسكرتيرها العام الضابط الروائى «يوسف السباعى».

وصلت ليلا وحدى ليستقبلنى ضابط جوازات تنجانيقى. فرحت بتولى المواطنين زمام الأمور بعد الاستقلال. ولكن الفرحة لم تتم لأنه بدلا من الترحيب بالصحفى المصرى عاملنى أسوأ معاملة تنتهى برفض دخولى. حتى ظهر شاب أبيض اللون مبتسما يدعونى إلى مكتبه وإيه الحكاية واتفضل ادخل!.
 فى الفندق نأسف مفيش مكان ومالكش حجز مع أننى جئت مدعوا من المنظمة. أسقط فى يدى وأنا فى غاية اليأس والغضب والإرهاق.

تقدم منى شاب مصرى لا أعرفه يسألنى بحماس وترحيب «إيه المشكلة» وقدم نفسه: اسمى «جميل عارف».. صحفى مصرى أتابعه  دون معرفة شخصية وحل المشكلة وأصبحنا أصدقاء حتى ترك الدنيا رحمه الله.. وكان آخر ما كتبه «أنا وبارونات الصحافة» بالغ الإثارة بحكاياته وصدقه وجرأته؛ مختلفا عن آخر كتب الصحفى الفلسطينى «ناصر الدين النشاشيبى» الذى عاش وعمل فى مصر حتى اختاره «جمال عبد الناصر» أحد رؤساء تحرير جريدة «الجمهورية» رمزا لموقف مصر من القضية الفلسطينية فلما عاد إلى «القدس» أصدر كتابا عن  الصحفيين المصريين يصفى حسابات قديمة ويحكى قصصا مسلية تعتمد على شائعات بما يشبه السب والإفتراء.. فجاء كتابه «حضرات الزملاء المحترمين» مختلفا تماما عن كتاب جميل عارف!.
 سرحت عن كتاب «حكايات العمر كله» الذى أهداه الفنان «سمير صبرى» لمحبيه وعشاقه المشتاقين لأيام الزمن الجميل.

أخذنى لقائى الأول به فى «دار السلام» شابا أنيقا منتشرا فى كل مكان خفيف الظل صديق الجميع متحدثا مجاملا رشيقا حتى أثناء القيام بعمله مترجما من وإلى الإنجليزية التى درسها فى جامعة الإسكندرية حيث كانت تعيش أسرته.

لم ألتق به مرة أخرى إلا ضيفا فى برنامجه التليفزيونى الشهير وسر سعده «النادى الدولى» كنت ضيفا ثقيل الدم فتحاشيت طول عمرى وقدر استطاعتى الظهور فى التليفزيون إلا عندما أغرانى «جابر القرموطى» وكان زميلا لابنى فى جريدة «الأهرام» كما أن برنامجه الناجح كان عن الصحافة -هوايتى وغوايتى-
لمزيد من الإغراء قال القرموطى: نسجل فى بيتك وهو ساكن قريبا منى فى «الميريلاند».. سألته: وانتو كام واحد؟.. قال: أنا والمصور والمخرج ومعدة البرنامج..
 قبل أن يحين الموعد دق جرس الباب ثم دق ودق ودق.. خرجت من غرفتى أرحب بالضيوف فوجدتنى تائها فى شقتى التى امتلأت بالعشرات لدرجة أننى طلبت من أحدهم: والنبى تعمل لى كوباية شاى معاك؟!
 رغم أن الدنيا فاتت على خير إلا أننى قررت بجد أن تكون المرة الأخيرة.. لأننى خسرت صداقة صحفى مرموق مع أنه  كان ساكن قصادى.
 فى دردشة قبل التسجيل سألنى «جابر: انت من شيوخ الصحافة؟.. ضحكت وقلت: هيه فيها شيوخ وطرابيش!.. ظننته كلام وانتهى ولكنه أعاد السؤال أثناء التسجيل ومضطر أجاوب: «مكرم محمد أحمد وصلاح منتصر».

بعد كام يوم سألنى ابن عمى الذى يقول لى يا عمى: «فلان زعلان منك شوية».. وفلان صحفى معروف صديقى وصديقه أكثر قلت: ليه؟ كمان هوه لما يزعل يبقى كتير!.. أما السبب هو أننى لم أذكر اسمه شيخا للصحافة. ومازال مخاصمنى!.

حتى لا يأكلنى الأسد!
 تبعدنى حكاياتى عن «سمير صبرى» لا أذكر أنى رأيته مرة أخرى أثناء جلسات المؤتمر ولا حتى عندما أرادوا الترفيه عنا برحلة «سفارى» فى الغابات.
 لم أجد لى أيضا مكانا فى الفندق الصغير على حدود الغابة، احتل غرفاته الجنس الناعم والذين معهم زوجاتهم.. وإلى إحدى الخيمات المنصوبة قرب الفندق.. أمرى لله.

تعبان نفسى أنام ولكن أروح فين من زئير الأسود والأصوات المرعبة.. ارتعدت مفاصلى وانتظرت دخول الأسد. لن أقاومه. حلال عليه.
 جاء الفرج بمن أطل من فتحة الخيمة. لم أصدق عيونى ولابد أنه أسد لئيم مستخبى فى ثياب رجل. لم أهدأ إلا عندما قال «جود نايت».. مرحبا وتكلمت كثيرا وكان مواطنا تنجانيقيا يعمل فى المنظمة سألته عن الأسد فلم ينزعج أو يهتم إذ كان عنده الحل: نشعل نار فتهرب كل الوحوش.. وأشعلها وسرعان ما سمعت شخيره عاليا فأصبحت أكثر قلقا بين أن يأكلنى الأسد أو أموت بالنار، فالشعلة التى أوقدها ونام تؤرجحها الرياح!.

البنات الساحرات
 كل هذه الحكايات هربا من عجزى عن الاستمتاع بكتاب «حكايات عمرى كله» بقلم وذكاء وإحساس «سمير صبرى».. حتى أنقذنى الكاتب الناقد المحترم «محمود عبد الشكور» بما قال أغرانى بأن أطلب منه المزيد عن الكتاب الذى أحبه وكان ينتظره لتعود به الذكريات الجميلة فى حكايات أنيقة عن زمن عشناه جميعا يرويها واحد ممن اسعدونا.. كان مذيعا وممثلا ومنتجا ومغنيا وصاحب فرقة استعراضية..
 أحببنا «النادى الدولى» منذ عصر الأبيض والأسود.. وأدواره الكوميدية فى (دقة قلب) و(البحث عن فضحية) و(بتوقيت القاهرة).. صديقا للجميع بمواقفه الإنسانية.

«اهتم بفعل الخير ويتصف بالجدعنة»..
   بدأ مشواره قبل تخرجه من كلية الآداب جامعة الإسكندرية وكانت بدايته فى الإذاعة مع «لبنى عبد العزيز» فى ركن الطفل، تعلم سمير البساطة من «آمال فهمى».. وتقديم الحفلات على الهواء من «جلال معوض»..
 وتعلم من كل من التقى به وهو فى طريقه من الإذاعة إلى التليفزيون إلى السينما.. وحديثه الإنسانى عن «تحية كاريوكا» و«سعاد  حسنى».  
 عرف كثيرون من المطربين والمطربات وممثلين وممثلات ورجال سياسة مصريين وعرب من الموجى وبليغ وسراج الدين وداليدا والإمام موسى الصدر واليزابيث تايلور والسلطان قابوس والشيخ زايد ووردة وصباح ونادية لطفى.
 .. كتب « مفيد فوزى» أنه حدوتة مصرية، ملك الأفراح وسفير البهجة ونجم الشاشة الكبيرة وفتى الشاشة الصغيرة.. إن مواهب سمير صبرى مثل بحر الإسكندرية لا يعرف الصمت!.
 وكتب «د.زاهى حواس» أنه قدم النجم العالمى «عمر الشريف» بعد أن أصيب بألزهايمر واحترمه وقدره مقدما النجم العالمى فى أبهى صورة له.
.. «سمير صبرى من عائلة عريقة مثقفة».
... كريم إلى درجة الزهد، فيما يملك
.. أروع ما فيه رعايته للفنانين القدامى واحترامه لفنه وجمهوره.. فارس كبير من فرسان الزمن الجميل.
لميس الحديدى نكشت المؤلف المغنى كعادتها فى أحاديثها المتميزة على شاشات التليفزيون.. ولا أعرف إن كان سمير صبرى قد روى حكايات جديدة أم أنه غش الحوار كله من كتابه!     

١٣٠ فيلما كلها مبهجة.. «حدوته مصرية» دموع صاحبة الجلالة ، «بالوالدين إحسانا - جحيم تحت الماء».
 كنا بنصور فيلم «حب وكبرياء» فى الإسكندرية واحد قريب «نجلاء فتحى» بطلة الفيلم مات؛ حزينة قاعدة فى حجرتها مش عايزة تنزل كنا كلنا فى لوكاندة واحدة.. المنتج «رمسيس نجيب» والأستاذ «حسن الإمام» المخرج و«صلاح جاهين» عندما طلبوا منى أن أقنعها بالنزول ونتعشى بره عشان تنسى ونصور بكرة.. المطعم «سانت لوتشيا» فيه فرقة موسيقية يتطوع «سمير» بالغناء معها بالفرنساوى.. هناك وهو على المسرح أشار إليه «جاهين» فلما ذهب إليه أعطاه ورقة بفرة من علة سجاير - مكتوب عليها أغنية استوحاها «جاهين» فكانت: «محتار أنا ويا البنات الساحرات الفاتنات. محتار أخبى فى قلبى والا أقول.. وإن قلت يمكن مش أصول».
  رحل عنه أعز الأصدقاء ينقرضون.
منهم: رجاء الجداوى ودلال عبد العزيز وبقيت له ولنا ميرفت أمين ويسرا.
الذكاء اللى مالوش مثيل عبد الوهاب.. التلميذ النجيب لتوظيف الموهبة عبد الحليم.. الأمير الطيب أوى أوى المسكين يروح فين بين الاتنين: فريد الأطرش.. دلوقتى عمرو دياب بيستخدم ذكاءه.
   «سعاد حسنى» كانت تعيش على إيرادات فيلم «الراعى والنساء» التى يحولها لها على بدر خان من باريس.
.. اختار عبد الحليم «نيللى» بالذات لتظهر معه فى النادى الدولى ليغيظ سعاد حسنى.
 . كما أنه هو - سمير - الذى علمها قيادة السيارة.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة