لقطة من فيلم «الجريمة»
لقطة من فيلم «الجريمة»


«الجريمة».. سيكودراما سينمائية جريئة

إسراء مختار

الثلاثاء، 11 يناير 2022 - 05:44 م

هل يمكننى أن أبيعك فيلما وأنت مغمض العينين؟! بالتأكيد.. لاسيما إن أخبرتك أن الفيلم من بطولة أحمد عز ومنة شلبى وماجد الكدوانى ومن تأليف وإخراج شريف عرفة، وجميعها عناصر جذب تدفعك لمشاهدة الفيلم الذى يتولى بطولته نجومك المفضلون وبتوقيع المخرج صاحب التاريخ الكبير، فلا عجب أن يتصدر فيلم «الجريمة» شباك التذاكر منذ انطلاقه مطلع العام الجارى.

ولا أخفيك سرا أنك وبمجرد دخول قاعة العرض ستجد نفسك أمام عوامل جذب أخرى متعددة، من أداء تمثيلى وتصوير وموسيقى تصويرية وإخراج، أما الفيلم نفسه، فيقدم فكرة سيكودرامية جيدة، ويفتح الباب لإعادة إحياء الدراما النفسية الواقعية، والغوص فى بحور النفس البشرية بإتقان، ورغم كثرة التراكيب النفسية التى تقدمها الأحداث، يبقى الدرس الأهم أن الماضى يؤثر فى الحاضر والمستقبل، والمرض النفسى مهما بلغت درجة تعقيده يرتبط بالتاريخ المبكر لشخصية الإنسان.

إقرأ أيضاً | أحمد عز: «مبسوط وراضي عن فيلم الجريمة» | فيديو

دراما نفسية واقعية
ويحسب لصناع الفيلم إجادتهم لتقديم الحبكة السيكودرامية لأحداثه وأبطاله، فكل منهم يعانى مشكلة نفسية مرتبطة بطفولته تؤثر على ماضيه وحاضره ومستقبله، وصيغت الأحداث وتتابعت بشكل جيد يشد المشاهد بحرفية مقبولة لعمل قائم على الدراما النفسية الأقرب للواقعية، قائمة على أعراض فعلية لأمراض متواجدة فى الدليل التشخيصى والإحصائى للاضطرابات النفسية وليس مجرد فانتازيا، ورغم تعدد تجارب الدراما النفسية الواقعية فى السينما المصرية، ولكنها لا تأخذ مكانتها الحقيقية بين التصنيفات السينمائية حاليا، ومن مفاجآت العمل أيضا، أصحاب الأدوار الثانوية والصغيرة الذين تمكنوا من خطف الأنظار بأدائهم المميز الذى يعيد التأكيد على أن السينما فن الكيف وليس الكم، فـ«الجريمة» عمل فنى مختلف، ولكنه كأى تجربة جديدة لا يخلو من المشكلات!

ارتباك
إذا فككنا لعبة تركيب القطع «البازل» سيصبح كل جزء بلا معنى، وعندما نجمعها نصبح أمام صورة مكتملة الأركان، «الجريمة» عكس لعبة البازل تماما، فإذا ما فككنا كل عناصر الفيلم على حدة لوجدنا أنفسنا أمام تجربة مميزة، إخراج متقن يمكن ملاحظته فى أدق التفاصيل، وسيناريو رغم رتابته أحيانا لكنه متماسك فى تتابعه وبنيته النفسية، وشخصية جديدة تماما يقدمها أحمد عز بإتقان شديد وحرفية عالية، وأداء رائع لجميع الأبطال، وديكورات ومكياج وملابس رائعة وموفقة مع كل الأزمنة والأحداث، وموسيقى تصويرية نابضة بالعبقرية والإبداع، وتصوير احترافى جذاب؛ لكن يبدو أن الذى جمع تلك العناصر المنفصلة لم يجد تركيبها فى صورة سينمائية بديعة، فوجدنا أنفسنا أمام عمل أغلب الأحيان مربك ومرتبك، مربك لمن يستشعر وجود خطأ ما ولا يمكنه الوقوف عليه بشكل مباشر وفورى، ومرتبك سينمائيا بحيث يفقد الفيلم قدرا كبيرا من جاذبيته ويخسره بريق عناصره واحدا تلو الآخر.

الخروج عن المألوف
من تعلق بـ «أكشن عز» ورومانسية «منة شلبى» و«سينما شريف عرفة قديما» والمقترنة فى أغلبها باسم السيناريست الكبير وحيد حامد، لن يجد ما يرضى طموحه الفنى فى هذا العمل، فالفيلم يقدم الجميع فى ثوب مختلف، أحمد عز ليس الشاب الوسيم الذى تلاحقه الجميلات ويطارد أعداءه بالسيارات ويدمرهم جميعا، بل هو ذاك الشاب الذى نشأ فى بيئة تلاحقه فيها العقد والمشكلات النفسية فدفعته نحو مصيره بشكل لا إراديا وفى محاولاته للهروب من الماضى أعاد تجسيده فى كل التفاصيل لا شعوريا، ومنة شلبى لا تملك إلا أن تكرهها أكثر كلما تتابعت الأحداث إذ حولتها عقدة طفولتها إلى شخصية لا تشبه منة التى نعرفها، وشريف عرفة يحلق وحيدا فى تجربة له النصيب الأكبر من تشكيلها فى التأليف والإخراج، فهو فى النهاية مخرج محترف ومؤلف هاو، ولا يمكننا مقارنة ما يكتبه بكتابات المحترفين، ويظل له الحق الكامل فى التطلع لتقديم أفكاره مادام لم يخرج علينا مدعيا أنه كاتب محترف.

رتابة
كما يؤخذ على الفيلم المبالغة فى السرد واستعراض الأداء التمثيلى فى بعض أحداث العمل والجمل الحوارية المكتظة بالكلاشيهات والصور البلاغية النمطية، وطول الأحداث ورتابة وقعها خاصة فى النصف الأول من الفيلم، كما أن بعض الأحداث خلط فيها المخرج بين مشاهداته فى مجال السينما وبنات أفكاره فخرجت مشابهة لأحداث مكررة إلى الحد الذى قد يدفعك للتساؤل «أين رأيت هذا المشهد من قبل!»، لكن الفيلم فى النهاية تجربة مهمة فى مجال السينما السيكودرامية وتستحق الدعم والتشجيع.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة