يحيى وجدى
يحيى وجدى


الإمساك بقمر محمود الوردانى

أخبار النجوم

الجمعة، 14 يناير 2022 - 11:45 ص

أنهيت‭ ‬قراءات‭ ‬العام‭ ‬المنصرم‭ ‬بكتاب‭ ‬“الإمساك‭ ‬بالقمر”‭ ‬لمحمود‭ ‬الورداني‭ ‬الصادر‭ ‬حديثا‭ ‬عن‭ ‬“دار‭ ‬الشروق”،‭ ‬وابتدأت‭ ‬به‭ ‬قراءات‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬أيضا،‭ ‬فقد‭ ‬عُدت‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬فصول‭ ‬الكتاب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬لتأكيد‭ ‬معلومة‭ ‬أو‭ ‬تذكر‭ ‬أخرى‭ ‬مما‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬فات‭ ‬عّلي‭ ‬في‭ ‬القراءة‭ ‬الأولى‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الكتاب‭ ‬يجبرك‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تقرأه‭ ‬في‭ ‬“نَفس‭ ‬واحد”‭ ‬مستمتعا‭ ‬ومنبهرا‭ ‬مما‭ ‬حوته‭ ‬فصوله‭ ‬الستة‭ ‬عشرة،‭ ‬من‭ ‬حكايات‭ ‬وأحداث‭ ‬وأسماء،‭ ‬وعالم‭ ‬مدهش‭ ‬عاشه‭ ‬الكاتب‭ ‬وأبناء‭ ‬جيله،‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬خرجوا‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬حطام‭ ‬هزيمة‭ ‬يونيو‭ ‬67،‭ ‬لكنهم‭ ‬قاوموا‭ ‬وعاشوا‭ ‬وسعوا‭ ‬إلى‭ ‬هزيمة‭ ‬الهزيمة‭ ‬في‭ ‬داخلهم،‭ ‬وتقاطعوا‭ ‬بقوة‭ ‬مع‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬سبقهم،‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والكتابة‭ ‬والحضور‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العام‭ ‬والحقل‭ ‬الثقافي‭ ‬والإبداعي‭ ‬المصري،‭ ‬المعروف‭ ‬بجيل‭ ‬الستينيات،‭ ‬بخصائصه‭ ‬وملامحه‭ ‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬الخاصة،‭ ‬والتي‭ ‬يرصدها‭ ‬الورداني‭ ‬دونما‭ ‬تخصيص‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬سطر‭ ‬ومشهد‭ ‬وعلاقة‭ ‬جمعته‭ ‬وأبناء‭ ‬جيله‭ ‬بذلك‭ ‬الجيل‭.‬

ومحمود‭ ‬الورداني‭ ‬هو‭ ‬القاص‭ ‬والروائي‭ ‬والزميل‭ ‬الصحفي‭ ‬البارز‭ ‬في‭ ‬مؤسسة‭ ‬أخبار‭ ‬اليوم،‭ ‬الذي‭ ‬جمعتني‭ ‬به‭ ‬علاقة‭ ‬زمالة‭ ‬وعمل‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬أخبار‭ ‬الأدب‭ ‬بين‭ ‬أعوام‭ ‬2000‭ ‬و2003،‭ ‬وعرفته‭ ‬كاتبا‭ ‬مخلصا‭ ‬لمبادئه‭ ‬السياسية‭ ‬وانحيازاته‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية،‭ ‬واختياراته‭ ‬التي‭ ‬ميزته‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬جيله،‭ ‬جيل‭ ‬السبعينيات‭.‬

لقد‭ ‬انغمر‭ ‬محمود‭ ‬الورداني‭ ‬في‭ ‬السياسية،‭ ‬وفيما‭ ‬فرضته‭ ‬الظروف‭ ‬العامة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مثقف‭ ‬منحاز‭ ‬لقضايا‭ ‬وطنه،‭ ‬لكنه‭ ‬ميز‭ ‬نفسه‭ ‬بوعي‭ ‬واضح‭ ‬وجذري،‭ ‬بأن‭ ‬حّمل‭ ‬تجربته‭ ‬ووعيه‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬أدبي‭ ‬بلغ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عملا‭ ‬تنوعت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مجموعات‭ ‬قصصية‭ ‬مثل‭ ‬“السير‭ ‬في‭ ‬الحديقة‭ ‬ليلا”،‭ ‬والنجوم‭ ‬العالية”،‭ ‬وصمت‭ ‬الرمال”‭ ‬وغيرها،‭ ‬وروايات‭ ‬مثل‭ ‬“نوبة‭ ‬رجوع”،‭ ‬و”رائحة‭ ‬البرتقال”‭ ‬و”طعم‭ ‬الحريق”،‭ ‬وأوان‭ ‬القطاف”،‭ ‬و”باب‭ ‬الخيمة”‭ ‬وغيرها،وكتب‭ ‬سردية‭ ‬يتقاطع‭ ‬فيها‭ ‬البحثي‭ ‬مع‭ ‬الأدبي،‭ ‬مثل‭ ‬كتبه‭ ‬“ثمن‭ ‬الحرية”،‭ ‬ومائة‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬الحكي”،‭ ‬و”بعض‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬قوله”،‭ ‬و”حدتو‭.. ‬سيرة‭ ‬ذاتية‭ ‬لمنظمة‭ ‬شيوعية”،‭ ‬و”حكايات‭ ‬الحرية”،‭ ‬وبالطبع‭ ‬كتابه‭ ‬هذا‭ ‬“الإمساك‭ ‬بالقمر”‭.‬

إن‭ ‬“الإمساك‭ ‬بالقمر”‭ ‬الذي‭ ‬أرشحه‭ ‬لكل‭ ‬باحث‭ ‬عن‭ ‬معرفة‭ ‬بجيل‭ ‬الغضب‭ ‬“جيل‭ ‬السبعينيات”،‭ ‬والظروف‭ ‬التي‭ ‬أحاطت‭ ‬به،‭ ‬والدور‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬لعبه‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬الطلاب‭ ‬عام‭ ‬1972،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الشعبية‭ ‬الكبرى‭ ‬عام‭ ‬1977‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬بروفة‭ ‬لثورة‭ ‬يناير‭ ‬2011،‭ ‬هو‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬فصوله،‭ ‬قطعا‭ ‬أدبية‭ ‬منفصلة‭ ‬شديدة‭ ‬الجزالة‭ ‬والحساسية،‭ ‬وفي‭ ‬الحكي‭ ‬الحر،‭ ‬سيرة‭ ‬جماعية‭ ‬لجيل‭ ‬مؤثر،‭ ‬يحكيها‭ ‬الورداني‭ ‬بتجرد‭ ‬صادق‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يمنح‭ ‬لنفسه‭ ‬دور‭ ‬البطولة‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ (‬وفعل‭) ‬البعض،‭ ‬قاصدا‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬للقاريء‭ ‬تجربة‭ ‬ليست‭ ‬بعيدة‭ ‬زمنيا‭ ‬عن‭ ‬زماننا،‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬عندها‭ ‬ونحن‭ ‬نتبين‭ ‬الآني‭ ‬والقادم،‭ ‬فشكرا‭ ‬له‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة