تبين أن الفكر الاقتصادي الذي يروج بأن رفع الضرائب يؤدي لتطفيش الاستثمار وأن تخفيضها لا يؤدي الي تنمية انما هو فكر مضلل..! وهذا رأي أئمة الاقتصاد في العالم (من غير رجال صندوق النقد الدولي) قبل البدء لنحدد الداء والدواء... الي النخبة المستغرقة حاليا في الاعداد للانتخابات المتطلعة للحكم عن طريق مجلس النواب، نود التذكرة بأن الانتخابات وحدها لا تضمن استقرار المجتمعات وليس غير نظام اقتصادي سليم » متوازن « ما تنتظره الشعوب، يعني عدالة اجتماعية ولا حصانة  لفساد، ولا تنسوا أن معدل التنمية كان جيدا في أعوام ما قبل ثورة 25 يناير لكن ثمار التنمية لم تصل الي القاعدة العريضة السواد الاعظم من الشعب . هذا هو الداء وهنا الدواء!    لنبدأ من هذا السؤال: من أين يتأتي للحكومات تقديم الخدمات التي توفر العدالة الاجتماعية في ظل هذا النظام الذي يعرف بحرية الاسواق؟      الجواب جاهز والطريق واضح: بالضرائب التصاعدية وليس بفرض الضرائب علي الخدمات، لأن هذه أقرب الي الجباية تفرض علي القادر وغير القادر فالمساواة في الظلم لا تكون عدلا في هذه الحالة بل تكون الظلم ذاته!  لا يعرف العالم ضريبة دخول موحدة لجميع الشرائح لربما نجحت لدينا لحين اذا اعتبرناها تكتيكا للتعامل مع التهرب الضريبي الفاحش الذي كان.. أما لو قدرنا نسبة الـ 5% الاخيرة أنها بمثابة تصاعدية فهذه هي المهزلة التي لا يعرفها غرب ولا شرق و لا بلاد تركب الافيال!  ندخل في صميم: تبين أن الفكر الاقتصادي الذي يروج بأن رفع الضرائب يؤدي لتطفيش الاستثمار وأن تخفيضها لا يؤدي الي تنمية انما هو فكر مضلل..!  وهذا رأي أئمة الاقتصاد في العالم (من غير رجال صندوق النقد الدولي)  ومن هؤلاء الأئمة نختار بروفسور  کeich کobert  (ينطقونها) روبرت ريي الذي كان وزير العمل في عهد كلنتون وحاليا أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة بيركلي بكاليفورنيا وهارفارد سابقا والذي اختارته مجلة تايم عام 2008 بين عشر شخصيات عالمية معاصرة توضع بأعلي هرم الفكر الاقتصاد السياسي...  مثل هذه العقلية عندما تدلي برأي فلابد وينصت له.. ورأيه أن الضرائب التصاعدية علي الدخول العليا والثروات لا تؤدي الي نتائج سلبية في مجال الاستثمارات و التنمية وأنه محض ادعاء بل يصفه          « بالأكذوبة « دليل بطلانها كما يورده هي الولايات المتحدة التي عندما كانت ضرائبها التصاعدية علي الدخول والثروات في العقود الثلاثة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية جد مرتفعة، نموها الاقتصادي كان أسرع وأكبر من المراحل التي خفضت فيها الضرائب..  توزيع الثروة كان أكثر عدالة مما جعل من أمريكا هي الحلم الذي تحقق بين أعوام 1940 الي 1980 حيث بلغت ضرائب الشريحة الأعلي في بعض الاحيان  لنحو 70%  قبل أن تخفض تدريجيا الي أن هبطت الي 35% ! حاليا ضرائب الشرائح العليا ما يقرب من 40% الا قليلا (تسعة وثلاثين وست من عشرة في المائة بالتمام) علما بأن التهرب الضريبي لديهم من الكبائر والمحاكمة كالجرائم أمام الجنايات!...  كلنتون عندما تسلم الاقتصاد الامريكي مترنحا عام 1992 رفع الضرائب و بفروقها اقيمت مشروعات استثمارية  خفضت البطالة وانتهيت مدته الثانية في الحكم بفائض في الميزانية عندما تسلم بوش الابن ... والباقي معروف !!  تساؤل : معروف ان الاقتصاد الامريكي  تضاعف حجمه أكثر من مرتين علي مدي الأربع وثلاثين عاما الماضية...؟  الجواب؟ ذهب لجيوب الـ 3% علي قمة الهرم الاجتماعي!  يقول بروفسور ري لو الضرائب حاليا في الولايات المتحدة بذات معدلات الشرائح قبل نصف قرن لكان ذلك كفيلا بتجمع زيادة في الدخل القومي الامريكي تبلغ نحو 350 مليار دولار في العام الواحد.. في عشر سنوات تصل لعدة ترليونات تسدد العجز الحالي وتزيد!  في ألمانيا معدل النمو أسرع وأكبر بكثير عن أمريكا رغم أن ضرائبهم هي الأعلي ! في كندا تصل في الشرائح العليا الي 45% في دول الشمال ــ سكندينافيا ــ تصل الي 62% بعد المائة ألف يورو صافي دخل البرازيل نظامها الضرائبي كان ألعن مما لدينا، عندما تسلم سيلفا دالولا الحكم عام 2002  وأول ما بادر                                                      به كان رفع الضرائب في الشرائح العليا من  12 % الي ما يزيد عن ثلاثة أضعاف.. جعلها سبعة وثلاثين ونصف في المائة..! أهم سؤال: ألم يؤ ثر ذلك سلبا علي الاستثمارات؟ جواب: كلا لأن ما يجذب الاستثمار هو تواجد سوق استهلاكية محلية موفورة وطبقة وسطي بامكانيات شرائية .. بايجاز:  حجم الأسواق ما يجذب الاستثمار، الفقر وافتقاد الاستقرار ما يطفش الاستثمار !  كلمة أخيرة: الذي يعتبر زيادة الضريبة انتقاصا من بعض مكاسبه لا يري أبعد من مواطيء قدميه لأن الضريبة مهما بلغت فهي نذر يسير اذا كان مقابلها هو الشعور بالأمان والاستقرار والاطمئنان.. فأيهما أجدي: ثراء أقل قليلا أم فيض ثراء ينغصه توجس ويحيطه به تربص وتغشاه الكوابيس ! شدة الفقر منطقة خطر  فاعتبروا بالمثل القائل خير لك ان تقدم خاتما في اصبعك طواعية  من ان تخلعه عنوة ولو بقطع اصبعك!   (مثل برتغالي)  أخيرا عزيزي القاريء ايا ما تكون:  ممول ضرائب كبير أو صغنون فلتتأكد أنني ما كنت يوما ماركسية ولا اشتراكية خصوصا من النوعية التي غمرتنا حتي أغرقتنا... انما مثلي مثل كثيرين جدا غيري: يفكرون. ويفقهون. ويحبون وطنهم طبعا لا اكثر و لا أقل .