جرائم والسبب كاميرا الموبايل
جرائم والسبب كاميرا الموبايل


حياتنا الخاصة فى خطر l فضائح .. خراب بيوت .. جرائم والسبب كاميرا الموبايل

أخبار الحوادث

السبت، 15 يناير 2022 - 02:43 م

 

محمد طلعت 

علقوا مشانقهم الإلكترونية، وهم يعقدون محاكمتهم الافتراضية، التي أصدروا فيها أحكامهم الظالمة على المجني عليهم، تاركين الجاني الحقيقي ينهش في الأجساد حرا طليقا، بعدما صور ونشر وفضح دون أن يتحدث عنه أحد ولو حتى بكلمة لوم او حتى عتاب على تدميره لحياة اسر كاملة، تحت دعوى الحرية، التي سمحت له ولغيره باختراق خصوصية ضحاياه وحياتهم الشخصية ممسكا بيده بأداة الجريمة وهى كاميرا الموبايل سمحت له بفضح أسر كاملة ونشر أدق خصوصياتهم دون خجل أو خوف فإلى متى تستمر هذه الانتهاكات في حياتنا الشخصية دون رادع رغم أن الدستور المصري أكد على صون الحرية الشخصية وعدم المساس بها تحت اي ظرف، وجعل الاعتداء على الحرية الشخصية والخصوصية جريمة لاتسقط بالتقادم لأن الاعتداء على الشخص هو اعتداء على المجتمع فهل يكون هناك ردع لهؤلاء؟

فمع التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبح البحث عن التريند هو الظاهرة والآفة التي تأكل الأخضر واليابس في مجتمعنا وأصبحت الحرية والخصوصية ضرب من الخيال، ورغم أن ذلك معاقب عليه قانونا وفقا للقانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ الخاص بجرائم الانترنت، وهناك عقوبات رادعة ايا كانت الجريمة التي ترتكب على مواقع التواصل الاجتماعي لكن رغم ذلك مازالت هذه الجرائم ترتكب يوميا دون خوف أو ردع. 

مثلما حدث لطالبة الغربية بسنت خالد التي انتحرت بسبب ابتزازها من قبل بعض من ضعاف النفوس عن طريق تركيب صور لها باستخدام برامج تعديل الصور ثم نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي مسببين فضيحة «مختلقة» للفتاة وأسرتها وشارك فيها العديد من رواد وسائل التواصل بل ومن قريتها في نشر الشائعات في الصفحات الإلكترونية دون دليل واضح على الفتاة التي لم تحتمل انتشار هذه الصور حتى وإن كانت مزيفة فإنهارت بسبب مجتمع جعلها جانية وحاكمها وأصدر الحكم عليها بالاعدام وهم يجلسون خلف شاشاتهم الإلكترونية حتى ماتت الفتاة كمدا وقهرا، وبعد أن ماتت أعلنوا تعاطفهم معها رغم أن كل شخص نشر أو شارك في ترويج هذا الأمر هو شريك في الجريمة مع الجاني الحقيقي الذي زور وركب مثل هذه الصور وانتهك حريتها الشخصية.

هوس التريند

بسنت لم تكن الأولى التي انتهكت حريتها الشخصية وخصوصيتها ولن تكون الأخيرة فبعد يوم واحد على هذه الجريمة كنا على موعد مع جريمة أخرى وانتهاك جديد لحرمة الحياة الخاصة وهذه المرة لسيدة تعمل مدرسة في إحدى مدارس محافظة الدقهلية كانت في رحلة نيلية على متن مركب مع اصدقائها وزملائها ورقصت أثناء ذلك وصورها أحد المتواجدين على متن المركب دون إذن منها ونشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي انتشر كالنار في الهشيم وبدأ كل شخص في الخوض في عرض وحياة تلك السيدة ووصفوها بصفات سيئة مع نشرهم للفيديو وهو الأمر الذي سبب فضيحة لتلك السيدة في المحافظة التي تعيش فيها مع تحويلها للتحقيق من قبل مديرية التعليم رغم أن الفيديو تم تصويره خلال رحلة خاصة بعيدا عن عملها كمدرسة، وهو ما يدل على أن مسؤولي المديرية تأثروا بالتريند وبما تم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي فقط.

هذه السيدة التي انتهكت حريتها الشخصية أصبحت متهمة أمام المجتمع، تدمرت حياتها تماما فكان أول قرار لها هو ترك العمل كمنسقة متطوعة في إحدى مدارس الدقهلية وجلوسها في منزلها فلم تعد تستطيع أن تنزل بسبب اتهامات تراها في عيون الناس على انها جريمة لم ترتكبها، والمتهم الحقيقي هو من صورها خلسة دون إذن منها.

حياة تلك السيدة وأسرتها دمرت بالكامل فأطفالها الثلاثة لم يسلموا من الأذى النفسي الذي سببه مثل هذا الفيديو فتعرضوا للتنمر من زملائهم في المنطقة التي يعيشون فيها واصبحوا محبوسين داخل منازلهم لايواجهون الناس، ولم يتوقف الالم النفسي عند ذلك الحد بل أدى الأمر إلى انفصالها عن زوجها الذي لم يحتمل ما يسمعه منذ بداية نشر الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي وكلام الناس الذي أصبح مثل الرصاص الذي ينخر في جسده، بل إن أسرتها أيضا قاطعتها ولم يعد أحد يتحدث معها على الاطلاق لتتحول حياتها لجحيم حقيقي على الأرض بسبب من وصفته بالشخص المريض نفسيا الذي صور ونشر الفيديو وجعلها تواجه مثل هذه الفضائح التي جعلتها تفكر في الانتحار بسبب من دمر حياتها ومازال حتى هذه اللحظة يعيش هذا الشخص حياته، وربما يبحث عن ضحية جديدة له ينتهك حرمة وحرية حياتها الشخصية وبالتالي يسعى لتدميرها نفسيا واجتماعيا، وهو الجاني الحقيقي الذي يجب أن يتم معاقبته على ما فعله وفقا للقوانين المنظمة لذلك. 

انتهاك للخصوصية

يؤكد محمد ميزار المحامي بالنقض؛ أن القانون جرم التعدي على حرمة الحياة الخاصة في القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ والخاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات فعاقب وفقا للمادة ٢٥ بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارًا أو صورًا وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة.

واضاف المحامي بالنقض؛ إلى أن المادة السابقة تنطبق على كل من وضع الفيديوهات الخاصة بالمعلمة أو صور بسنت على مواقع التواصل الاجتماعي وأساء إليهم وفقا للقانون أي أن كل من نشر أخبار أو بيانات أو فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي وفيها إساءة لمدرسة الدقهلية على سبيل المثال تستطيع وفقا لهذه المادة مقاضاته على نشر الفيديو على صفحته الشخصية ويتم معاقبته وفقا لذلك.

وأكد المحامي بالنقض؛ إلى أن المادة ٢٦ من نفس القانون تعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه لا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه.

وهذه المادة تنطبق أيضا على من ارتكب انتهاك لحرمة الحياة الخاصة ويتم معاقبتهم وفقا لذلك، ومن حق المتضرر اللجوء للقضاء وفقا لهذه المادة.

ويشير المحامي بالنقض؛ إلى أن الجرائم الخاصة بانتهاك الخصوصية يعاقب عليها القانون فعندما يقوم أحد الأشخاص بتصوير آخرين دون رضاهم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي يعتبر انتهاك لخصوصيتهم فالدستور ينص على حماية الحياة الخاصة ولكل شخص منا حقه في صوره ولا ينبغي لأحد أن يستخدمها دون موافقته مثلما شاهدنا في قضية سيدة التجمع الخامس على سبيل المثال بعد أن صورها أحد الأشخاص داخل بلكونة شقتها ونشر صورها على مواقع التواصل ليتم القبض عليه لانتهاك خصوصيتها وتصويرها دون رضاها.

أما احمد عبد الحميد الخبير القانوني فيرى؛ أن العقوبات الحالية الخاصة بانتهاك الحقوق والحرية الشخصية تحتاج لنظرة من مجلس النواب لتغليظها لأنها تحولت لظاهرة والعقوبات لم تعد كافية لمواجهتها لذلك يجب أن يتم تعديل لكثير من مواد العقوبات لأن كثيرا من الجرائم الموجودة داخل المجتمع عقوبتها أقل كثيرا من الجرم المرتكب.

ويؤكد المحامي بالنقض إلى أن جريمة مثل واقعة النزهة التي قام فيها أحد الأشخاص والذي يعمل في محل لتصليح الموبايلات بسرقة مقاطع فيديو منزلية من إحدى السيدات التي ذهبت إليه لتصلح تليفونها وقام بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي مسببا فضيحة للسيدة وزوجها لأنها فيديوهات خاصة بهم وأيا تكن العقوبة التي سيحصل عليها ستكون اقل كثيرا من الجرم المشهود والذي تسبب في فضيحة لرجل وزوجته بسبب من انتهك خصوصيتهم ونشر ما لايجب أن ينشر، بالطبع تم القبض عليه في تحرك سريع من رجال وزارة الداخلية لكن الأمر اكبر وهو احتياجنا لقوانين أكثر ردعا.

هذه المطالبات تضع الكرة في ملعب البرلمان من أجل تغليظ العقوبات الخاصة بانتهاك الحرية الشخصية وخاصة مسألة تصوير شخص بدون رضاه وتعمد نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تحقيق تريند أو عائد مادي أو الأضرار بصاحب الصورة، وبالفعل هناك تحركات برلمانية 

تعديل العقوبة

هذه المأساة التي انتشرت بشكل يدعو للانتباه، لم تكن وليدة اليوم حيث سبق أن قدمت النائبة داليا السعدني عضو لجنة الإعلام بمجلس النواب أكثر من مرة طلب إحاطة لتغليظ عقوبة التصوير من أجل التريند مؤكدة على أن الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس حسب الدستور وانتهاكها يعاقب عليه القانون.

واكدت عضو لجنة الإعلام والثقافة في البرلمان على أنه يجري العمل داخل مجلس النواب على تعديل القوانين الخاصة بانتهاك الخصوصية والتصوير والنشر بهدف التربح الشخصي مشيرة إلى أنه يجب وقف هذه المهزلة، ومعاقبة من صور ونشر مثل هذه الفيديوهات من اجل التريند.

أما النائبة مرثا محروس عضو وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب فترى أنه يجب وضع عقوبات رادعة لمرتكبي الجرائم الإلكترونية وانتهاك حرمة الحياة الخاصة.

الافتاء‭:‬ ‭ ‬احترام‭ ‬خصوصيات‭ ‬الآخرين‭ ‬واجب‭ ‬شرعي‭ ‬وأخلاقيت

أكدت‭ ‬دار‭ ‬الإفتاء‭ ‬المصرية‭ ‬أن‭ ‬احترامُ‭ ‬خصوصياتِ‭ ‬الآخرين‭ ‬واجبٌ‭ ‬شرعيٌ‭ ‬وأخلاقيٌ،‭ ‬ومِن‭ ‬مظاهر‭ ‬احترامِ‭ ‬خصوصية‭ ‬الآخرين‭: ‬عدم‭ ‬نَشْر‭ ‬المقاطع‭ ‬المُصوَّرة‭ ‬أو‭ ‬المسموعة‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتهم‭ ‬وما‭ ‬يصنعونه‭ -‬سواء‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الصَّنيع‭ ‬مُبَاحًا‭ ‬أو‭ ‬لا‭-‬،‭ ‬فالشرع‭ ‬الشريف‭ ‬نَهَى‭ ‬عن‭ ‬نَشْر‭ ‬وإشاعة‭ ‬ما‭ ‬يُعيَّب‭ ‬به‭ ‬المرء؛‭ ‬لأنَّ‭ ‬فيه‭ ‬تتبُّعًا‭ ‬للعورات،‭ ‬قال‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭: ‬‮«‬يا‭ ‬معشر‭ ‬مَن‭ ‬آمن‭ ‬بلسانه‭ ‬ولم‭ ‬يَدخُل‭ ‬الإيمان‭ ‬قلبه،‭ ‬لا‭ ‬تغتابوا‭ ‬المسلمين،‭ ‬ولا‭ ‬تتبعوا‭ ‬عوراتِهم،‭ ‬فإنَّه‭ ‬مَن‭ ‬اتبع‭ ‬عوراتهم‭ ‬يتبع‭ ‬الله‭ ‬عورته،‭ ‬ومَن‭ ‬يتبع‭ ‬الله‭ ‬عورته‭ ‬يَفْضَحه‭ ‬في‭ ‬بيته‮»‬

واضاف‭ ‬بيان‭ ‬الافتاء‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬منهجُ‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الستر‭ ‬والاستتار؛‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬بذلك‭ ‬الخبر‭ ‬عن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭: ‬‮«‬من‭ ‬سَتَر‭ ‬مسلمًا‭ ‬سترَهُ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬في‭ ‬الدُّنيا‭ ‬والآخرة

وتؤكد‭ ‬الدار‭ ‬أن‭ ‬الشرع‭ ‬الشريف‭ ‬إِذْ‭ ‬حَثَّ‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬خصوصيات‭ ‬الآخرين‭ ‬وعدم‭ ‬التَّدخُّل‭ ‬في‭ ‬شؤونهم؛‭ ‬فإنَّه‭ ‬في‭ ‬نَفْس‭ ‬الوقت‭ ‬نَهَى‭ ‬عن‭ ‬إشاعة‭ ‬الفاحشة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وجَعَلها‭ ‬جريمة‭ ‬تستوجب‭ ‬العقاب‭ ‬فقال‭ ‬تعالى‭: {‬إِنَّ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬يُحِبُّونَ‭ ‬أَنْ‭ ‬تَشِيعَ‭ ‬الْفَاحِشَةُ‭ ‬فِي‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُوا‭ ‬لَهُمْ‭ ‬عَذَابٌ‭ ‬أَلِيمٌ‭ ‬فِي‭ ‬الدُّنْيَا‭ ‬وَالْآخِرَةِ‭} [‬النور‭:‬19‭].‬

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة