وهي الابتسامة نفسها التي ترتسم علي وجه بعض قراء هذا الكلام سخرية مني حين أترك مذابح البشر في عالمنا هذا، لأحدثكم عن مذبحة قطط عربية الكلاب جايااااه، كان هذا النداء يتصاعد في شارعنا فنجري لنخبئ كلاب الشوارع التي كنا نربيها، نطعمها من ساندوتش المدرسة وتهز لنا ذيولها حين نعود، الكلاب التي لم تنجُ كنا نسمع عواءها- باكين- بين طلقات الرصاص، لم يكن الأمر يستغرق وقتا طويلا حتي يحمل الصائدون المهرة الكلاب في سياراتهم ويرحلوا، لنخرج كلابنا المخبأة إلي الشوارع، وفي كل مرة كانت أمي تتحسرعلي أيام طفولتها، حين كان الصائدون يحملون فخاخا يصيدون بها الكلاب ويلقونهم في العربات، ليتم إعدامهم بعيدا عن أعيننا، حتي لانري-نحن الأطفال- كل هذا العنف! علي أيامنا، أيضا، كانت دور السينما تعرض أفلاما عربية وأجنبية دون حذف، ولم يكن قد ظهر حينها مصطلح »خدش الحياء العام»‬، ولم تكن بعض القنوات التليفزيونية تتطوع –كما يحدث الآن - بطمأنة المشاهد أنها ستري الأفلام (القديمة!) »‬قبله» وتحذف منها مايضايقه ويشعره بالحرج! المشاهد الذي تخدش حياءه قبلة سينمائية قد يكون الشخص نفسه الذي ضايقته قطط نادي الجزيرة، و»خدشت استرخاءه» أمام البيسين، فطلب من شخص »‬سادي»( وهو شخص يتلذذ بالتعذيب) أن يؤجر ساديين أمثاله ليهبطوا ليلا(بعد أن ينفض سامر الرواد وحفاظا علي مشاعرهم المرهفة)، حاملين العصي والسكاكين والكرابيج، يطاردون القطط؛ يضربونها بالعصي حتي الموت، أو يذبحونها، ويأخذون بعدها صورا تذكارية يبتسمون فيها ابتسامات عريضة وهم يرفعون رؤوسها المقطوعة، أو وهم يلهون بسلخها، ويبثون الصورعلي مواقع التواصل بفخر ليري انتصاراتهم الكبار والصغار! بإمكاني أن أجزم أن الابتسامة العريضة نفسها ارتسمت علي الوجه الملثم، لمغني الراب المصري في السبعينيات، وهو يذبح الصحفي البريطاني، وأكاد أجزم أن الابتسامة نفسها ارتسمت علي وجوه منتهكي أعراض النساء في شوارع المحروسة، وقتلة الضباط والجنود في كرداسة ورفح..إلخ. وهي الابتسامة نفسها التي ترتسم علي وجه بعض قراء هذا الكلام سخرية مني حين أترك مذابح البشر في عالمنا هذا، لأحدثكم عن مذبحة قطط، بكل هذا التأثر»المترف»! وكأن من المفترض أن نعتاد القسوة ونزنها بميزان ماهو أشد قسوة، لابميزان الرحمة التي كتبها الله علي نفسه ! كأن الرحمة نفسها اليوم مثلها مثل المبادئ تتجزأ! معهم حق، فلكي تربي داعشيا صغيرا فإن الأمر ليس عسيرا كما تظن، يجب أن تحدد له مجموعة من المحرمات: أولها الحب، خاصة السينمائي منه، والأغاني، اجعل نفسه تعاف مشاهد الغرام، ربه علي أن يري الشيطان في كل امرأة، أفهمه أن رؤية رجل وامرأة متعانقين أشد هولا من رؤية أشلاء البشر، أطعمه قبل كل وجبة مشهدا لرؤوس تقطع، ونساء تسبي، واجعله يسمع في طلقات الآلي ماهو أبهي من صوت أم كلثوم، أقنعه أننا نذبح الطيور والحيوانات كي نملأ بطوننا، ونذبح البشر والقطط والكلاب، كي تملأ الدماء عقولنا بالأفكار النبيلة المقدسة، علمه كما علم الجد حفيده عتريس؛ ألا تهتز يده وهو يذبح الحمام، وهو يطلق النارمنتشيا علي المرعوبين، أن يتزوج »‬فؤادة»، استقواء وقسرا، واحذف كل المشاهد الخادشة لحيائه: احذف مشهد عناق حبهما في الشباب، واحذف مشهد فتح الهويس بزغاريده، واحذف مشهد ابن الشيخ الذي قتله عتريس ليلة عرسه، وقد حملته القرية كلها شهيدا علي الأعناق، احذف مشهد كرات النار وهي تتلظي بالغضب علي عتريس المحاصر، أصدقائه الذين خانوه حين أوشكت نهايته، دموع فؤادة وهي تبكيه (رغم كل مشاهد الحب التي حذفت). لكي تربي داعشيا صغيرا احرص فقط ألا تحذف شيئا واحدا؛ اسم الفيلم:»شئ من الخوف».