وهكذا اجتمع الجهل مع القصد السياسي الخفي وصارت مصر علي ماهي عليه من زيادة سكانية تسبق كل خطط التقدم بديهي  جدا أن أي حكومة تكون مهمتها العمل علي راحة الشعب وتطوير حياته . ولايمكن لحكومة مهما كانت قوتها وعبقريتها أن تفعل كل ما هو مطلوب . وحتي في حالة أن تفعل ماهو مطلوب فهي تفتح الباب للتفكير فيما هو أفضل . هذه طبيعة الحكم ومن ثم تتغير الحكومات ليس لفشلها فقط لكن لأنها نجحت وفتحت آفاقا جديدة تحتاج من هم أفضل ! لا يعيب الحكومة أن تنجح وتأتي غيرها لتتقدم أكثر لكن يعيبها أن تفشل وتلصق الفشل بغيرها.  في مصر ومنذ وقت بعيد دائما يكون الشعب الشماعة التي تلقي عليها الحكومة فشلها . هذه من الطرائف رغم أنها طبعا من المآسي . أعتبرها من الطرائف لأن الأمر قديم وأصابنا بالملل . ففي التعليم المدارس الحقيقية في البيوت ومراكز الدروس الخصوصية حتي الآن ولايبدو أن أحدا يريد أن يعترف بقصور التعليم في المدارس بل وتشجيع الطلاب علي عدم الحضور ليلتقوا بالمدرسين في بيوتهم . فالخطأ عند الأهل وليس في العملية التعليمية ذاتها ومن ثم ازدادت المشكلة مع الوقت ولم ينظر إلي حقيقتها التي علي رأسها قلة المدارس وازدحام الفصول. والعشوائيات ملأت بلادنا ولم يقل أحد أبدا إن هناك قصورا في إدارات الأحياء التي تركت الناس تبني علي الأرض الزراعية دون حتي أن تخططها لهم مادام الأمر محل موافقة ضمنية وكذلك علي الأرض الصحراوية في حزام مدن مثل الاسكندرية . وازداد عدد المصريين بشكل مرعب عبر الأربعين سنة السابقة تحت مظلة دينية ترفع حديثا لا أعرف مدي صحته » تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم »‬ مشي وراءه الفقراء وغيرهم فامتلأت مصر بأولاد الشوارع مباهاة للأمم ! في الوقت الذي تخلت فيه الدولة عن دورها في تنظيم الأسرة الذي كان واضحا جدا أيام عبد الناصر والسادات أيضا وكان تخلي الدولة وراءه فكرة أن يلخم الناس أنفسهم بأولادهم ولا يجدون وقتا لإدراك ما يحدث حولهم . وهكذا اجتمع الجهل مع القصد السياسي الخفي وصارت مصر علي ماهي عليه من زيادة سكانية تسبق كل خطط التقدم . ولا أنسي يوم أن سئل مبارك عن الفقر الساري في البلاد فقال »‬ أعمل لكم إيه ما انتم عمالين تخلفوا وتشربوا شاي» كأنه لايعرف السبب الذي ارتاحت له الحكومة والدولة . هذا التراث من التعامي عن الأسباب التي غالبا ماتكون وراءها حكومات لا تريد أن تتعب نفسها تكرر أمامنا في أزمة انقطاع التيار الكهربي . وسببها الذي يعرفه كل عاقل سواء أعلن ذلك أم لم يعلن هو قصور في محطات التوليد سببه إما نقص في الصيانة أونقص في الوقود . لكن التصريحات جاءت ممن لا يريد أن يفعل شيئا . متحدث الوزارة يعلن تفجير ثلاثمائة برج وطبعا هذا غير حقيقي . وغيره يقول إنها من صنع الإخوان وقد كانت الأزمة أيام الإخوان وكانت أحد أسباب الهجوم علي محمد مرسي، ووزير يقول أخيرا إنها أزمة أخلاقية ولا أعرف ما هي علاقة الأخلاق بانقطاع التيار . فسرقات التيار لا تساوي شيئا يسبب الأزمة واستخدام المكيفات لايزيد علي 9 % من مستخدمي الكهرباء وليس عملا غير أخلاقي . وهكذا صار الشعب مسئولا عن الأزمة رغم أن كل شعوب الدنيا تستخدم الكهرباء دون أن يلومها أو يبهدلها أحد !. وهكذا صار المصريون أول شعب يوقف حال نفسه. لقد تغيرالوضع كثيرا بعد اجتماع الرئيس مع رئيس الوزراء ووزير الكهرباء. طبعا السبب تعليمات الرئيس والسبب الأكبر أنهم يعرفون سر هذا الانقطاع الذي لاعلاقة للشعب به ويستطيعون حله . هذه السياسة القديمة في لوم الشعب ضربت لها بعض الأمثلة والزيادة فيها نكد علي القارئ لكن آن الأوان أن تنتهي . لا تطلبوا من الشعب شيئا قبل أن تقوموا بعملكم .