المسألة تحتاج إرادة سياسية لفتح جميع ملفات الفساد واستغلال السلطة خلال فترة الأربعين سنة الماضية هل  يتصور أحد أنه علي الرغم من مرور ما يقرب من أربعة أعوام علي اندلاع ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١م، فإن ملفات فساد نظام مبارك (الرئيس وأسرته ورجاله والمحيطون به) لم تفتح بعد بشكل جدي؟! وأن كل ما نراه علي السطح مجرد مشاهد من مسرحية هزلية القصد بها ـ كما سبق أن كتبت ـ الحفاظ علي حياة هؤلاء في أيد  »أمينة»‬!! والتبرئة العمدية والمخططة حيث يستغل فيها رجال من القضاء بما يسهم في التشكيك الجماهيري في السلطة القضائية برمتها، حتي يتم الوصول إلي مستوي غسيل رسمي لسمعة هؤلاء المجرمين والفاسدين والخونة!! وما علي الجماهير إلا أن تقبل بالتعامل مع هؤلاء أو الثورة عليهم مرة أخري بعد أن تكون الجماهير قد أنهكت من الخروج للشوارع من كثرة الاحتجاج والتعبير عن الغضب، وحتي لا يتهمنا أحد بالتشكيك في القضاء ونزاهته.. فإن مجرد مناقشة مع الشباب تجعلك عاجزاً عن الرد عندما يسألونك: وماذا بعد مهرجان »‬البراءة للجميع من رجال مبارك» والذي بدأ من عهد الإخوان وكذلك المجلس العسكري، إلي ما بعد ٣٠ يونيو، وكأن ثورتين لم تقوما في مصر!! وكأن الشعب لم يغضب ويثر ويعلن: »‬الشعب يريد إسقاط النظام»، فتحول إلي »‬الشعب يريد تكريم النظام بعد تبرئته والاعتذار له»!!.. هذه هي مأساة نعيشها كل يوم.. ونحترق من أجل التذكير بالثورة، وأشعر أن هناك تواطؤا عاما، علي التسليم بهذه الصورة التي وصلنا إليها؟ إلا أن أطراف التواطؤ خاصة ممن لهم تشابكات مصلحية، ومصالح متبادلة يتحدثون بما لا يفعلونه، فمثلاً بعض الأحزاب تعلن أنها ترفض الفلول »‬رجال مبارك»، والإخوان، ثم تفاجأ بأبوابها تفتح لعضوية رموز مبارك، وبقايا الإخوان ممن يزعمون الانشقاق عنهم وهم إرهابيون!! وتأكيداً لما سبق أن قلت وسأظل أقول وأذكر قولاً وكتابة، أن المقصود بالفلول هم رجال مبارك الذين ثار الشعب من أجل إسقاطهم، وهؤلاء هم الذين كانوا يديرون شئون البلاد، ولا يجوز أن يسمح لأحد أن يشارك مرة أخري، فجميعهم موصومون بتهمة الفساد السياسي وتخريب البلاد، ونهب الوطن ونشر الظلم وعدم العدالة وإهدار قيم المساواة وتكافؤ الفرص وتدمير الاقتصاد الوطني والحصول علي المنافع الشخصية علي حساب أغلبية الوطن والإفقار العمدي لأغلبية الشعب حتي صارت نسبة الفقراء تفوق ٧٠٪، ولعل مؤشري »‬الدخل والأسعار» خير تأكيد ناهيك عن بقية المؤشرات (تعليم متدهور، انعدام العلاج في الصحة، انعدام فرص العمل للشباب وانتشار البطالة، الانتشار الأفقي والرأسي للفساد.. الخ)، وبالتالي فإن كل من كان له موقع (سياسي وحزبي وتنفيذي وتشريعي) من شأنه التأثير في صنع القرار وصنع السياسات والتشريعات، في عهد مبارك، أنتج من السياسات التي أجبرت الشعب علي الثورة بعد ثلاثين عاماً من الصبر والأمل، بعبارة أخري فإن هؤلاء بفسادهم وأنانيتهم متهمون بالتحريض العمدي للجماهير علي الثورة، وعليهم أن يخرجوا من المشهد بالعزل السياسي ومحاكمتهم بالتهم التي يستحقونها ابتداء من رأس النظام وحتي أصغر قيادة، في ظل محاكمات ثورية حقيقية، ومازلنا نؤكد أن نجاح الثورة يقوم علي ركيزتين هما: العزل السياسي لرموز النظام الذي أسقطه الشعب، والمحاكمات الثورية لهذه الرموز لكي تستقر الثورة وتنتج مشهداً مختلفاً وواقعاً جديداً، وإلا فإن العودة حتمية لما كان سائداً قبل الثورة وتضيع معها جهود الشعب ودماء شهدائه، وكأن ثورة لم تقم، ومازلنا نذكر أن مقولة: »‬الشعب يريد إسقاط النظام»، تعني إسقاط رموز وسياسات وقواعد حكم، وما لم تسقط هذه الأركان الثلاثة، فالحديث عن إسقاط النظام من لغو الحديث المقصود به تزييف وعي الشعب وترويضه وإرضاء كبريائه الوهمي. >>> وتأكيداً لما سبق، فإن الذين تابعوا مزاد كبائن »‬شاليهات» شاطئ المنتزه بالاسكندرية خلال الأيام السابقة، بعد استردادها وفقاً لقرار رئيس الجمهورية المختار المستشار عدلي منصور، من عصابة مبارك (نظيف وعبيد وفهمي وسمير رجب والمغربي وزهير جرانة وفتحي سرور وزكريا عزمي وعلاء مبارك وحبيب العادلي وعدلي فايد ـ الذي أبكي قاضي محاكمة القرن!! ـ وغيرهم، الأمر الذي يؤكد استغلال المناصب لتحقيق منافع شخصية ومزايا تهدر المال العام، فعدد هذه الكبائن »‬٩٨٠»، لم يكن يصل إيرادها السنوي من مراكز النفوذ في عصر مبارك ٥ ملايين جنيه، بينما قيمة الإيجار الفعلي ١٠٠ مليون جنيه!! ولو حسبنا إجمالي الأموال المهدرة ٣٠ سنة، لوصل ما يجب تجميعه وتحصيله إلي ٣ مليارات جنيه!١ تصوروا أن إيجار كابينة علاء مبارك ٦٨١ جنيهاً سنوياً فقط، أي أن إيجار اليوم »‬٢ جنيه» جنيهان!!، بينما أقصي إيجار لم يكن يتجاوز ٥ آلاف جنيه بواقع ٨ جنيهات في اليوم!! أليس هذا فساداً، واستغلالاً للمناصب وحصولاً علي المنافع؟! ومطلوب تحصيل هذه المليارات باعتبار أن العقود السابقة تقوم علي الفساد واستغلال السلطة. ولعل المتابعين يعرفون أن هؤلاء وغيرهم حصلوا علي فيللات وقصور في قري الساحل الشمالي خاصة مارينا!! وفي التجمع الخامس لجميع الوزراء وكبار المسئولين في جميع الأجهزة ومنها أجهزة الرقابة وبعضها من القيادات العسكرية والشرطية بكل أسف!! والمسألة تحتاج إرادة سياسية لفتح جميع ملفات الفساد واستغلال السلطة خلال فترة الأربعين سنة الماضية (١٩٧٤ ـ ٢٠١٤) ولكي يتبين للرأي العام من استفاد من نظامي السادات ومبارك وفي المقدمة عائلاتهما وأسرهما!! ـ أيها الرئيس السيسي، إضرب بيد من حديد كل الفساد وافتح الملفات لأنه هو الطريق الوحيد لملء صندوق »‬تحيا مصر» بالأموال الحقيقية، لأنه لن يمتلئ بالمحايلات، وحقوق الشعب واضحة لا يحتاج استردادها للتردد أو الخوف، لذلك فالثورة مستمرة حتي النصر بإذن الله، ومازال الحوار متصلاً.