الحقيقة ياسيادة الرئيس أن التأثير السلبي سيستمر باستمرار وجود السد وعلي شكل متباين مابين الصعود والهبوط سنة بعد أخري أتقدم  لفخامتكم بخالص التهنئة، وأبارك للشعب المصري البدء في تنفيذ مشروع توسيع وتطوير وتنمية قناة السويس والذي عند اكتماله ان شاء الله ستكون له مردودات اقتصادية واجتماعية وسياسية عالية، ليست فقط من زيادة في الايرادات المالية للقناة، بل ستكون له العديد من التوابع الايجابية التنموية علي سيناء ومحافظات القناة وكذلك بقية أرجاء البلاد. سيادة الرئيس نحن نقدر بما يحيط بنا من مخاطر خارجية جسيمة تعمل علي انهاك جيشنا الوطني ومحاولة استدراكه لمعارك مفتعلة من الشمال والشرق والغرب، والمحاولات اليائسة للارهاب العميل في الداخل والخارج. ولكننا نثق في قدرتكم ووعيكم الاستراتيجي بما يدور حولنا وعلي ثقة أن الله سيدعم خطاكم في المحافظة علي سلامة وأمن البلاد والعباد. فخامة الرئيس انني علي يقين أنك تعمل كسابقيك من رؤساء وزعماء مصر علي مدار التاريخ القديم والحديث علي المحافظة علي كل نقطة مياه مصرية كما تحافظ علي حدود البلاد وعلي كل حبة رمل مصرية. ونقص حصة المياه في رأيي أصعب من احتلال الأرض، فالتاريخ يشهد أنه قد تم احتلال أراضينا العديد من المرات علي مدار التاريخ ونجحنا في تحريرها دوما، ولكن اذا نقصت الحصة المائية فلا راد لها. ولقد زاد الحديث في الأونة الأخيرة علي أن سد النهضة الأثيوبي أصبح حقيقة واقعة، وأنه من الأفضل لنا التفاوض مع أثيوبيا علي زيادة سنوات التخزين أمام سد النهضة لتقليل مايمكن تقليله من أثار السد علي حصتنا المائية، وأنه علي الشعب المصري أن يتحمل بقية الأثار السلبية للسد من خلال توفير موارد مائية أخري بمعالجة المياه واستغلال المخزون الجوفي والترشيد والتحلية وغيرها من الوسائل والأدوات. والحقيقة هذا بالضبط ما طالب به رئيس وزراء أثيوبيا الراحل ميليس زيناوي في حديثه للتلفزيزن المصري عام  2010 ووقفت الدولة وقتها ضد هذا التوجه، وهذا ما تنادي به معظم دول حوض النيل بالنسبة لمشاريع سدود أخري وتوسعات زراعية عملاقة تنتظر منا أن نغفل عن أي نقص في حصتنا المائية وستتوالي بعد ذلك المشاريع الأخري تتري. قد يتصور أو يصور البعض أن تأثير سد النهضة السلبي علي مصر سيكون فقط أثناء سنوات التخزين، وهذا نتيجة لعدم الفهم والدراية بأساسيات هندسة السدود وادارة الموارد المائية، أو لتضليل الادارة المصرية والشعب المصري. الحقيقة ياسيادة الرئيس أن التأثير السلبي سيستمر باستمرار وجود السد وعلي شكل متباين مابين الصعود والهبوط سنة بعد أخري. والتباين في الأثار السلبية للسد مابين الزيادة والنقصان من عام لأخر نتيجة مباشرة للتغير العشوائي في تصرفات النهر السنوية، والتي من الصعب علميا التنبؤ بها. ان التأثيرات السلبية لسد النهضة علي مصر يمكن تصنيفها الي أثار قصيرة المدي أثناء سنوات التخزين، ومتوسطة المدي في فترة مابعد امتلاء سد النهضة، وطويلة المدي في فترات الفيضانات المتوسطة والمنخفضة والتي تتكرر بصفة غالبة علي تصرفات نهر النيل. المفاجأة ياسيادة الرئيس أن التأثير السلبي لسد النهضة أثناء ملئه بالمياه من الممكن تدارك معظم مخاطره، ولكن الأثار المتوسطة وطويلة الأجل لا يمكن التعايش معها أو تدارك أثارها وستكون لها تبعات كبيرة علي استقرار وأمن البلاد. وقد شرحت ذلك في كتابي »أزمة سد النهضة الأثيوبية»‬ في يناير 2014، وفي كتابي الأخر »‬اتفاقية عنتيبي والسدود الأثيوبية» في يناير 2012، وكذلك في عشرات المقالات والحوارات الصحفية والتليفزيونية، وفي المذكرات التي أرسلتها للمجلس العسكري والجهات السيادية عام 2011، ووزارة الدفاع والجهات السيادية مرة أخري عام 2014. ولقد شرح ذلك أيضا زملائي من كبار أساتذة جامعات مصر في وسائل الاعلام والمؤتمرات والندوات علي مدار الثلاث سنوات الماضية. والحديث يمتد الي رسالة قادمة باذن الله.