الإدارة التي تقتل مواطنيها العزل بكل عنف لمجرد التظاهر السلمي هي التي تتباكي علي تنظيمات الإخوان بكل ماتمارسه من إرهاب وإجرام في بلادنا. إنها إزدواجية المعايير والسياسات الإنتقائية التي تميز السلوك الأمريكي وتصمه وتفضحه. في الوقت الذي حسب فيه الأفارقة الأمريكيون »الزنوج»‬ أنهم خلفوا وراءهم عصر التمييز العنصري وأن نضالات إبراهام لنكولن وروزا باركس ومارتن لوثر ومالكولم إكس أضحت من أدبيات التاريخ وأنهم تخلصوا للأبد من ربقة الدونية والتهميش واحتقار السلطات لهم واضطهادهم وقتلهم من قبل منظمات البيض العنصرية كالـ »‬كوكلوكس كلان»، باغتهم إغتيال شرطة ميسوري للشاب الأسود مايكل براون بكل خسة وغدر قامت علي إثرها إضطرابات ومظاهرات قابلتها الشرطة بالعنف والسحل واستخدام القوة العسكرية المفرطة. لم يكن سلوك الشرطة العنصري الفاضح ضد مواطنيها السود إلا انعكاس لنفس السياسات الأمريكية ضد مواطني الشعوب في بلدان العالم الثالث. والمفارقة أن تتزامن فضيحة فيرجسون مع القمة الأمريكية الأفريقية. وكأن المجتمع الذي يضطهد مواطنيه السود تحت دعاوي التحريض من منظمات عنصرية مثل منظمة فرسان الإمبراطورية الجديدة »‬نيوإمباير نايتس» التي تطالب بتصفية الزنوج والخلاص منهم، يمكن أن يساعد الزنوج في وطن آخر. ولكن من ينكر أن التناقض والمفارقة سلوك أمريكي راسخ،  ولطالما  قدمت الولايات المتحدة نفسها باعتبارها زعيمة العالم الحر، ومارست دوراً إمبراطورياً تحت شعارات الحريات العامة وحقوق الإنسان، لتستخدمهاسلاحاً ضد الإتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية والصين في الحرب الباردة، ولقد عانينا في علاقاتنا المصرية – الأمريكية في عهدي السادات ومبارك، من تدخلات وضغوط لجنة الكونجرس للحريات الدينية بحجة حماية الأقليات وحقوق الإنسان والديمقراطية، بينما تعمل علي إثارةالصراعات الطائفية وتزرعت رجالها من مزدوجي الولاءات لزعزة الإستقرار السياسي في مصر، وتطوق المنطقة كلها بسياسات كاذبة مراوغة لاأخلاقية، ولقد أسفرت عن وجهها القبيح وتربصها بالثورة المصرية التي أسقطت مؤامراتها في سايكس بيكوالجديدة وتقسيم العالم العربي وتمزيق دوله بشرق أوسط جديد إلي بقايا دول وكنتونات طائفية متناحرة وزرعت في خاصرته داعش والنصرة وبقية تنظيمات القاعدة، وراحت تحت شعار حقوق الإنسان والحريات المدنية تضغط لإدماج تنظيمات الإخوان الإرهابية في الحياة السياسية المصرية وترسل بعثاتها الدبلوماسية من الخارجية والكونجرس والإتحاد الأوروبي، وتعمل علي إحراج مصر ببياناتها شبه اليومية تنعي فيها ما تدعيه استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين الإخوان في رابعة وميدان النهضة، بينما تتعامي عن عملياتهم الإرهابيةوالتفجير والعنف واستخدامهم الأسلحة الثقيلة ضد المنشآت الحيوية المصرية وتتباكي علي المحالين للقضاء منهم، ولقد جاء اليوم الذي يشاهد فيه العالم فضيحة فيرجسون العنصرية في ولاية ميسوري الأمريكية وقمة العنصرية ضد مواطنيها السود وتقوم بقتل وسحل المتظاهرين وفرض حالة الطوارئ وحظر التجول وتسليح الشرطة بمعدات عسكرية واعتقال الصحفيين الذين نددوا بالتفرقة العنصرية والعنف المفرط من جانب الشرطة البيضاء ضد الشاب مايكل براون الأسود الأعزل وحذروا من عصيان مدني يشل الإقتصاد الأمريكي المنكمش تحت سياسات أوباما. بعد فضيحة فرجسون العنصرية بأيام تتكرر الواقعة ويقتل شاب أسود آخر في لوس أنجلوس وتستخدم الشرطة أسلحة حربية ضد مواطنيها الذين لم يرتكبوا واحدا علي المليون مما فعله الإخوان في بلادنا. من هنا وباعتبارنا جزءاً من المجتمع الدولي الموقع علي وثائق الحقوق المدنية وبمنطق مسئوليتنا الدولية والمعاملة بالمثل أطالب الخارجية المصرية وكذا المجلس القومي لحقوق الإنسان بإصدار بيان دولي يعرب عن قلق مصر جراء الممارسات العنصرية وتهديد الحقوق المدنية للزنوج واستخدام القوة العسكرية المفرطة ضد المتظاهرين واعتقال الصحفيين، كما لابد من طلب جلسة عاجلة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ولجنة تقصي حقائق في فضيحتي فرجسون ولوس أنجلوس يشارك فيها أعضاء من مجلسنا القومي لحقوق الإنسان والإتحاد الأوروبي، وعلي مجلس الجامعة العربية أن يعرب عن قلقه للممارسات القمعية للشرطة الأمريكية وعنصريتها. بصراحة لابد أن ندس أنوفنا في شأنهم الداخلي فقد تجاوزت الفضيحة حدود الصمت والسكوت علي دولة رأست لجنة إعداد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و»لائحة الحقوق الدولية» ودأبت علي دس أنفها في شئوننا الداخلية بتعسف. هذا أونكون قصرنا في حق قيم إنسانية آمنا بها ووقعنا مع العالم علي احترامها.