» هذا هوالكلام المُر والمُخلِص الذي يجب أن يُقال للرئيس لأن الشعب انتخبه هوولم ينتخب حكومة محلب البعيدة عن اهداف ثورة 25 يناير / 30 يونيو»‬.. من حق السيسي أن يحسد عبد الناصر الذي »‬ كان محظوظاَ لأن الإعلام كان معه»..وتلك حقيقة لا مِراء فيها، ولكن القراءة الموضوعية لتجربة عبد الناصر تقول إنه ليس الإعلام فقط الذي كان يسانده ويلتف حوله، وإنما الأغلبية الساحقة من جماهير الشعب، وخاصة الشباب وهم القاطرة الرئيسية، بل الوحيدة القادرة علي تحقيق الإنجازات والأحلام الكبري في كل زمان ومكان..ورغم أن التاريخ لا يعيد نفسه، إلا أن هناك تشابهاَ كبيراَ لا تخطئه العين بين بداية الزعيم وبداية الرئيس!!.. كان عبد الناصر قد تخلص من النظام القديم، وخلا له وجه السلطة إلا من جماعة الإخوان التي حاولت خطف »‬الحركة المباركة» للضباط الأحرار، بل واغتيال قائدها ..وهنا كان موقف عبد الناصر حاسماَ وصارماَ في الرد علي الجماعة، فبادر بإعتقال كوادرهم العليا والوسيطة وتعريتهم أمام الشعب..ولكنه لم يكتفِ بهذا الإنجاز المهم، بل بدأ علي الفور معركته الأهم وهي تطهير أجهزة الدولة وتحقيق العدالة الإجتماعية، تلك الملحمة العظمي التي حسمت الصراع وغيرت المجتمع جذرياَ وحولت »‬حركة الضباط» الي ثورة حقيقية، وقفزت بعبد الناصر الي مصاف زعماء تخطت شعبيتهم وتأثيرهم حدود الوطن والإقليم.. وحتي المخاطر الخارجية التي واجهت عبد الناصر كانت قريبة الشبه بصورة أو اُخري من تلك التي تحاصر السيسي الآن!!..ولكن عبد الناصر نجح في المواجهة بتعزيز الجبهة الداخلية، وحشد الشباب وراءه، فتوالت انجازاته الاقتصادية والثقافية والإجتماعية التي حققتها قيادات شابة وثق فيها ومنحها فرص الإبداع والتحقق، وذلك هو بالضبط ما يحتاجه السيسي الآن.. كانت العدالة الإجتماعية إذاً هي الوصفة السحرية التي انتصر بها عبد الناصر علي أعداء الداخل والخارج، وتخلص بها من جماعة الإخوان، وهو ما أفسح له مكاناَ ومكانة في قلوب المصريين وأحبط كل محاولات تشويهه  خاصة من عملاء امريكا ونظام السادات / مبارك.. ويتعين الإعتراف بأن المأزق الذي يواجه السيسي يتمثل في غياب العدالة الإجتماعية نتيجة الضربة القاضية التي وجهتها اليها الحكومة عبر قرارات الغاء الدعم الموجعة للاغلبية الساحقة من الشعب..ويتمثل كذلك في دولة مبارك الفاسدة التي لا تزال قائمة ومسيطرة ومتغلغلة في الصحافة والإعلام وكل مفاصل الوطن، وهي تعطل كل محاولات الإصلاح والتطهير، ناهيك عن أنها تحاول تبييض وجه نظام مبارك وإعادته في نسخة مُعدلة!!.. أما المُعضلة الأخطر التي تواجه الرئيس فهي تدني الخدمات والإنقطاع المتكرر للكهرباء الذي حول حياة الناس الي جحيم وعطل أرزاقهم وتسبب في »‬إحراق» الكثير من الاجهزة المنزلية ويوشك أن »‬يحرق» أعصاب الناس المشدودة عن آخرها، وعلي الرئيس أن يتحرك قبل فوات الأوان لأن الكهرباء امن قومي بمعني الكلمة ..هذا هوالكلام المُر والمُخلِص الذي يجب أن يُقال للرئيس لأن الشعب انتخبه هو ولم ينتخب حكومة محلب البعيدة عن اهداف ثورة 25 يناير / 30 يونيو،والتي استسهلت رفع الدعم ولم تبذل اي جهد لإسترداد اراضي الدولة المنهوبة او اموال الشعب المهربة أو فرض ضرائب علي القادرين أو غرامات مستحقة علي اصحاب الابراج المخالفة التي انتشرت كالسرطان، وهو بند يمكن ان يوفر للدولة آلاف المليارات فضلا عن ردع المخالفين .. والسيسي مطالب أيضاً بالبدء فوراً في عملية تطهير جذري للتخلص من دولة الفساد، واستقطاب الشباب الذي فجر ثورة 25 يناير وشارك في ثورة 30 يونيو، ولكنه بات يشعر بأن دولة مبارك اوشكت علي سرقة الموجة الثانية للثورة كما سرق الإخوان موجتها الاولي!!.. والمشكلة أخيراً..أن السيسي يطرح رؤي وخططاً للمستقبل جريئة وطموحة، ولكنها تحتاج لمنفذين من الشباب ومن خارج دولاب دولة مبارك..