إعادة كليات التربية إلي دورها الحقيقي في خلق المعلم المؤهل لتربية النشء عرضت   الأسبوع الماضي مشكلة الزيادة السكانية في مصر وعبء هذه الزيادة علي الموارد والامكانيات المتاحة. و نبهت الي ضرورة تنمية واستثمار هذه الزيادة السكانية وتحويلها الي قوة منتجة وليس الي قوة مستهلكة. وضرورة الاستفادة من تجارب الدول الاخري مثل الدول الأسيوية التي تعاني ايضاً من الزيادة السكانية ولكن هذه الدول قطعت شوطاً كبيراً في التنمية الاقتصادية من خلال الاهتمام والاستثمار في العنصر البشري لديها. واوضحت فيما عرضته سابقاً اهمية التنمية البشرية للتنمية الاقتصادية وارتباط كل منهما وعلاقته بالآخر ممايمثل علاقة تبادلية تعمل في الاتجاهين يؤثر كل منهما ويتأثر بالآخر. والحقيقة ان نظريات التنمية الاقتصادية بصفة عامة توضح الطريقة التي يمكن بها استغلال العناصر الانتاجية المختلفة من  اجل تحقيق زيادة مطردة وملحوظة في نصيب الفرد من الناتج الحقيقي بالاضافة الي تحسن في مستوي معيشة الفرد نتيجة تمتعه بالحصول علي سلع اكثر وخدمات افضل»‬ فالتنمية الاقتصادية تقوم علي الانسان ومن اجل الانسان» هذاما كان يردده دائماً استاذي الفاضل أ.د عمرو محي الدين (متعه الله الصحة والعافية) استاذ التنمية الاقتصادية والقامة الاقتصادية الكبيرة والتي تتلمذ علي يديه العديد من الاقتصاديين والاقتصاديات في مصر والعالم العربي .  ومن هنا اعود للحديث مرة اخري  علي ضرورة تبني استراتيجية قومية للتنمية البشرية تقوم علي المحاور الرئيسية التالية: 1 ـ مشروع قومي للقضاء علي الامية في خلال 5 سنوات، والتي بلغت حوالي 30% من اجمالي السكان من هم 6 سنوات فاكثر ،يمكننا هنا الاستفادة من دور شباب الجامعات المختلفة في محو امية المناطق المحيطة بجامعتهم 2 ـ تطوير منظومة التعليم الاساسي وبناء مهارات التواصل لزرع ثقافة القيم والمباديْ لدي الاطفال والتركيز علي مفاهيم تقبل الآخر والبعد عن التعصب ،فالتكوين الاساسي للشخصية يبدا في سن مبكرة، لذلك فللمعلم والمدرسة دور محوري لتكوين الجوانب الشخصية للانسان. 3- الاهتمام بكليات التربية واعادتها الي دورها الحقيقي في خلق المعلم المؤهل لتربية النشء والاستفادة في ذلك من تجارب الدول المتقدمة مثل فنلندا وماليزيا. 4 - ثورة تعليمية حقيقة للخروج من الاطار التقليدي للتعليم العالي وضرورة خلق كيانات ومؤسسات تعليمية تشجع علي روح المبادرة والابتكار وفكر العمل الحرو تزويد المتعلم بمهارات البحث والتفكير المنطقي وإتاحة تقنيات الحاسب الآلي  بدلاً من الكليات النظرية التي تزيد من خرجين لا يحتاجهم سوق العمل الفعلي ،فيجب ان يكون تطوير التعليم هو المشروع الوطني الاول في مصر. 5- انشاء مرصد احصائي متخصص في جميع شئون التربية والتعليم في مصر يقوم برصد وتحليل الفجوات الموجودة في كل مستويات التعليم. 6- خطة قومية لتدريب وتأهيل جميع الخريجين والمتعطلين. أليس من الممكن ان تقوم جميع مؤسسات الدولة والاتحادات المختلفة من اتحاد البنوك واتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية والخدمية بالتعاون لاقامة برنامج تأهيل وتدريب متكامل لاستيعاب طاقات الشباب من ناحية وسد الفجوة بين الخرجين وسوق العمل من ناحية اخري. و قد تنظر المؤسسات للتدريب علي أنه  تكلفة وعبء اضافي علي ميزانية المؤسسة ولكنه في الحقيقة قيمة مضافة واستثمار حقيقي اذا احسن توظيفه يدر عائداً هاما، يتمثل في انتاجية اعلي واداء وظيفي افضل. بالاضافة الي كل ماسبق لابد ان يكون هناك استراتجية طويلة الاجل تقوم علي اعادة توزيع السكان في المناطق المختلفة بعيدة عن مناطق كثيفة السكان فليس من المعقول ان يعيش سكان مصر علي 6% من مساحتها. ان مركزية مصر الثقافية والجغرافية وامتلاكها البيئة التحتية البشرية والاكاديمية الضخمة تؤهلها ان تكون هي المصدر الرئيسي لنهضة تعليمية واكاديمية للمنطقة العربية.. ان التنمية البشرية هي تنمية الانسان من اجل الانسان والاستثمار في التعليم والتدريب، هي قضية تتعلق بمستقبل هذا الوطن وهي الاستثمار في اغلي ما نملك وهو ثروتنا البشرية.