سيادة المحافظ
سيادة المحافظ
السبت، 09 أغسطس 2014 - 11:21 م
اضطررت أيضا أن أراجع »عقلانية» الفيديوهات التي أطالعها لأطفال غزة القتلي، و مذابح داعش، بل »للثورة المصرية» نفسها! و قررت ألا أراها بعد اليوم، حفاظا علي »عقلانيتي» مما تثيره من »عواطف» حاولت أن أتحاشي رؤية الفيديو المؤلم علي مواقع التواصل الاجتماعي لمشرف دار أيتام الهرم، وهو يحاصر الأطفال »اليتامي» ويضربهم ضربا مبرحا بالخيزرانة، وهم يفرون منه ألما و هلعا . لكنه حاصرني علي كل القنوات التليفزيونية، فشاهدته، مرغمة. أنا المواطنة »المرهفة الحس» أحيانا،، التي تريد أن تستريح – و لو لليلة- من كل مشاهد القسوة التي تطالعنا منذ الصباح حتي تبيت في كوابيس نومنا . ولكنني لم أصدق -والله- أن هناك »مسؤولين» في مصر علي نفس القدر من »رهافة الحس»، ومن ثم، فقد»تضامنت» مع وزيرة »التضامن»، التي، علي حد قولها : ( في مداخلة مع مجدي الجلاد علي قناة cbc مساء الأحد 3/8) »لم تكمل» رؤيته! أسعدني جدا أن تكون »المسؤولة الأولي» عن هذه الدار مرهفة الحس مثلي، و أن تعترف –وهو أضعف الإيمان- بورود بلاغات عن انتهاكات تصل إلي حد الاعتداء الجنسي علي مثل هؤلاء اليتامي. في المداخلة نفسها تحدث مسؤول آخر، صرح أنه لم ير الفيديو( الذي كان يعرض مرارا و تكرارا علي جانب الشاشة)، لكنني من خلال الحوار اكتشفت أن السيد »محافظ الجيزة» لم يشاهد الفيديو لأسباب أخري، لاعلاقة لها برهافة الحس، التي تميزني ووزيرة التضامن، و إنما حسب كلامه : لأنه لايريد أن يحكم »حكما عاطفيا» و إنما »عقلانيا»! و مستنكرا : هل سأحكم علي شئ من خلال فيديو؟!، معه حق، العقلانية التي تعلمناها في البحث العلمي تقول :إن الفيديو قد يكون »مفبركا»، لكنها تقول أيضا إنه قد يكون صحيحا! تصور؟! و لكي تحكم علي صحته من عدمها، لابد أن تراه، و لو لمجرد »الفضول» وهو شرط المعرفة والعقلانية، فمابالك لو كنت »مسؤولا» ! في الحقيقة لقد فكرت طويلا في المنهج »العقلاني» لمحافظ الجيزة، ولا أنكر أنني حسدته علي قدرته المدهشة علي التجرد العلمي الذي لاتشوبه العواطف في سبيل التوصل لنتيجة علمية »للظاهرة المدروسة»،، فكرت، وحسدت السيد المحافظ، مرة أخري- لأنه – فيما بدا لي- لم يتلق تعليما كاملا بين المصريين في المدارس الحكومية، ولا يتلذذ مثلي ومثلهم، بتعذيب نفسه، ولا يقشعر بدنه،إذ تدهمه –وهو يري اليتامي الصغار- ذكريات عذابات طفولته؛ واقفا في طابور الصباح في شتاء قارس يحك يده، في المريلة »تيل نادية» ليدفئها قليلا، كي يخفف من لسعات العصا، و لا أنكر أنني شعرت أن هما ثقيلا انزاح فجأة من فوق كاهل »عقلانيتي»، لكن السعادة لا تدوم، خاصة للعقلانيين، إذ قفز فورا إلي عقلي سؤال : من أين يستقي السيد المحافظ معلوماته عن محافظته؟! فلو أنني قمت، مثلا، بتصوير »وصلة» الدائري من طريق الواحات، التي رصفت من شهرين، بفجواتها المنثورة، بدهاء، كالفخاخ، فلن يصدقني السيد المحافظ، .إلخ ! كيف أخبرك عن مشاكل محافظتك، إذن؟! أكتب لك خطابات علي الكومبيوتر كشكاوي الفلاح الفصيح؟ ومن أدراك أنها ليست شكاوي »كيدية»؟ أكتب لك خطابات بخطي وعليها توقيعي؟ لم لا يكون التوقيع »مزورا» ؟ كيف نخاطب »عقلانيتك» يا سيادة المحافظ؟! أنا علي استعداد، و الله، أن أتخلي عن شهاداتي الجامعية و العلمية و مايقرب من خمس عشرة سنة من التدريس في الجامعة و »أبصم»، لكن :» تفتكر حتصدقني لما »أبصم» ياسيادة المحافظ »؟!