أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

السودان.. مخاطر المعادلة الصفرية

أسامة عجاج

الثلاثاء، 18 يناير 2022 - 06:04 م

عندما يتعلق الأمر بسلامة الأوطان، ووحدتها، وأمن شعوبها واستقرارها ، فإن الخلافات السياسية تتحول إلي (ترف فى غير موعده)، وعندما تتعرض الدول إلي شبح الانهيار، وإمكانيات السقوط ، ومخاطر الانقسام، فلا معني للأشخاص مهما علت المناصب، ولا المعارك مهما سمت الأهداف،  يصبح التشاحن هنا حول شكل الحكم، ونوعية الحاكمين، جريمة يشارك فيها الجميع، ناهيك عن تلك (المعادلة الصفرية) التي تحكم الأزمة الأخيرة في السودان، وتعتمد علي استبعاد كامل للمكون العسكري من السلطة .

السودان الذي يعيش (حالة من عدم الاستقرار ) ،منذ انتفاضة الشعب ضد عمر البشير، والتي اندلعت في ديسمبر ٢٠١٨ ، وحتي سقوطه في ابريل من العام التالي، مروراً بالتوصل  إلي الوثيقة الدستورية في أغسطس من نفس العام، والتي نصت  علي مرحلة انتقالية بمشاركة بين المكون العسكري والمكون المدني، صحيح أن العلاقة لم تكن علي مايرام، ومرت بحالة من (المد والجزر) ،مما سمح للسودان بالدخول في حالة( انسداد ) لم ينجح الاتفاق السياسي مع عبدالله حمدوك في معالجته .

أزمات السودان أكبر من البحث -وبشكل عاجل-  في طبيعة الحكم مدني أو عسكري،  ومنها  المخاوف من تكرار تجربة  إعلان استقلال جنوب السودان في يوليو ٢٠١١ ،وخلال الأشهر الماضية شهدنا ارهاصات لذلك في شرق السودان وإقليم دارفور، وقد عانت المنطقتان من توتر ملحوظ، وصل إلي درجة إغلاق موانئ شرق السودان، وهي منفذ السودان إلي العالم، ومنها تتم عمليات التصدير والاستيراد، وترافق معها قطع الطرق بينها وبين الخرطوم، احتجاجا علي اتفاق تاريخي عقدته الحكومة الانتقالية في أكتوبر من عام ٢٠٢٠ ،مع عدد من الحركات والقبائل ومنها أطراف من شرق السودان،  ويطالب المحتجون بإنهاء عملية التهميش السياسي والاقتصادي، عن طريق الحصول علي نصيب عادل من الثروة، نفس الأمر في دارفور بعد عودة الاشتباكات القبلية في بعض ولاياته الخمسة، مع وضع إنساني يزداد سوءاً يوماً بعد يوم .

ويحتاج السودان بشكل عاجل إلي إنهاء حالة( التشظي السياسي) والانقسامات الكبيرة بين المكون المدني، والذي تتباين مواقفه تماما وتنقسم تجاه كل القضايا المطروحة، حتي داخل التيار الواحد، لاحظ الانقسامات داخل الأحزاب التاريخية، الأمة والاتحادي، والمواقف المتناقضة بين قوي الحرية والتغيير والتي تنقسم إلي مجموعة أضافت إلي الاسم  (الميثاق الوطني) ،وهي تضم الحركات الموقعة علي اتفاقيات السلام، وهي مؤيدة لمجلس السيادة، وتلك التي ميزت نفسها بإضافة (المجلس المركزي)، وتضم التيارات المعارضة، ناهيك عن دور اللجان الشعبية التي تقود الحراك في الشارع،  كما يحتاج السودان إلي (توحيد المؤسسة العسكرية) وضم قوات  الدعم السريع، والأجنحة العسكرية التابعة للحركات الموقعة علي اتفاقية السلام، والتي مازالت تحتفظ بها حتي الآن، إلي القوات المسلحة النظامية .  

وهناك تحد ثالث، يجب أن يتصدر اهتمامات النخب السياسية والمكون العسكري، وهو الوضع الاقتصادي المتدهور، الذي كان وراء الاحتجاجات الشعبية منذ ديسمبر ٢٠١٨ ،حيث يعاني السودان  من استنزاف الاحتياطي النقدي، مما يعيق الوفاء بفاتورة الواردات، والوفاء بالتزامات الديون، التي تفاقمت ووصلت إلي ٦٠ مليار دولار، مع نقص الغذاء والوقود، وارتفاع معدلات التضخم، وانهيار سعر العملة، مع تهاوي معدلات النمو، والاتجاه إلي الانكماش .
وأخيرا، لعل مبادرة بعثة الأمم المتحدة في السودان، والتي تم الإعلان عنها، قد تكون الفرصة الأخيرة للسودانيين، للتوصل إلي مرحلة انتقالية واضحة المعالم، يتم تنفيذها برعاية دولية، تنتهي بانتخابات رئاسية ونيابية، وتتيح التعاطي مع التحديات المطروحة والمهام العاجلة ، وتحدد شكل الدولة ، وحكامها الجدد .

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة