طاهر قابيل
طاهر قابيل


أول السطر

«آه ياني» من موجات الصقيع

طاهر قابيل

الثلاثاء، 18 يناير 2022 - 06:25 م

قالوا في الأمثال «طوبة» تجعل الشابة «كركوبة» و»أمشير « يجعل جلدك على الحائط «حصير» .. لقد ذكرتنى موجة البرد القارص الذى نعيشه الآن بما كانت تردده جدتى ونحن أطفال فقد عشنا موجات مشابهة فى طفولتنا وشبابنا وكانت أمى - رحمة الله عليها - تجعلنا نأخذ حذرنا من الصقيع بارتداء الملابس الثقيلة و «الجوانتى» وغطاء الرأس المصنوع من الصوف .. مع تناول المشروبات الشتوية الساخنة مثل السحلب والكركديه والحلبة بالحليب وحمص الشام .. وتتكدس موائد الطعام بالعدس والبليلة والشوربة و»الفتة».. مع توصية بكوب ماء قبل الخروج من البيت والاهتمام بتناول البرتقال واليوسفى وشرب عصيرالليمون الدافئ أو جنزبيل بالقرفة واللبن.

عشت الأجواء الباردة جدا مرتين فى مهمتى عمل إلى « سراييفو « وبالصدفة كانتا بالشتاء مع فارق زمنى بينهما 5 أو 6 سنوات .. فى المرة الأولى كانت التحذيرات من سوء الطقس والتوصية بارتداء الملابس الشتوية الثقيلة لأن ملابسنا الخريفية لا تصلح هناك فهم
لا يستخدمون الثلاجات بالشتاء فيكفى فقط أن يتركوا اللحوم فى «البلكونة» لتتجمد وتحفظ مثلجة فى الهواء الطلق .. اشتريت للمهمة كل أنواع الصوف من «كلسونات» و»شرابات» وفانلات بكم و»سويترات « ثقيلة واستدنت أحدها من زميل وارتديت غطاء للرأس لا تظهر منه غير «العينين» فقط .. فبدون الاستعدادات لن يتمكن أى شخص من الحياة فى البرد «القارص «فالحرارة هناك نهارا لا تتعدى 5 درجات مع هواء رطب ثم تهبط ليلاً إلى تحت الصفر .. قضيت فى البوسنة 8 أيام منها يومان فى العاصمة الكرواتية «زغرب» ولاحظت أن التدفئة فى المدينة مركزية ..عبارة عن مواسير تمد من محطة رئيسية بالحى إلى المنازل والفنادق والمدارس وكل المنشآت لينعم الكل بالدفء .. وأتمنى أن تكون مدن «الجيل الثالث» والعاصمة الإدارية تم تصميمها على هذا النمط لنتخلص من كابوس التكييفات التى تشوه المبانى.

المرة الثانية لم تكتف «سراييفو» باستقبالى مثل الأولى بالصقيع والجو البارد .. بل زادت عليه بتساقط الثلوج فى كل مكان وغطت الطرقات والمبانى والعربات حتى أن أحد زملائى لم يرتدِ حذاءً رياضيا يصلح للثلوج «فتزحلق» قاطعا مسافة على الأرض وكاد يسقط من فوق الجبل ولولا عناية الله بأن وضع فى طريقه «كاوتشوك» سيارة بجوار أحد المنازل فتوقف عن الدحرجة .. سأظل أردد هذه الأيام «آه يانى» من موجات الصقيع.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة