نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

وكأنهم ملائكة والآخرون شياطين!

نوال مصطفى

الأربعاء، 19 يناير 2022 - 05:49 م

كان النصف الأول من الشهر الأول فى السنة الجديدة 2022، حافلاً بالأحداث الصادمة والمبشرة فى آن. فى اليوم الأخير من السنة المنقضية ودعنا دكتور جابر عصفور، أحد أهم رموز الثقافة والتنوير فى مصر. ثم تتابعت أخبار الراحلين الكبار الذين أثروا جميعا فى حياتنا بشكل أو بآخر.

الفنان الأصيل أحمد الحجار المنحدر من سلالة فنية خالصة. بداية من الأب الفنان الموسيقار ابراهيم الحجار، مرورا بالفنان البديع على الحجار، ثم جاء خبر الكاتب الصحفي إبراهيم حجازي، المقاتل الذى لم يعرف الحلول الوسط فى تناوله للقضايا الشائكة، فكان قلمًا جريئًا اشتهر فى مجال الصحافة الرياضية، وكان أول رئيس تحرير لمجلة الأهرام الرياضي، واستطاع أن يضعها فى مصاف الصحف الرياضية العالمية، وكانت الأوسع انتشارًا فى مصر فى عهده.

ثم يأتينا خبر وفاة الفنانة مها أبو عوف ليمزق قلوبنا حزنًا على فنانة حقيقية، محبوبة، سطرت تاريخها بأعمال فنية لا تزال حية فى وجداننا. وهى أيضًا من عائلة فنية أصيلة، قدمت للفن المصرى الكثير، وكان عميدها وقائدها الفنان الراحل عزت أبو عوف.

أما الأحد 9 يناير فقد كان يوما للأحزان الكبيرة، فى الصباح فاجأنا خبر رحيل القاضية، المقاتلة فى سبيل مبادئها وما تؤمن به الأستاذة تهاني الجبالي، أول قاضية فى مصر، وأول امرأة تتولى منصب نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا.. يصدمني الخبر، ويجدد الحنين لذكريات مشتركة بيننا، مناقشات وحوارات محورها دائما مصلحة الوطن، وضرورة التصدي لأى فكر يشده إلى الوراء، ويعطل مسيرته. لم تكن تهاني الجبالي قاضية تملك أدواتها، وحكمتها، ورجاحة عقلها فحسب. بل كانت مصرية مهمومة بقضايا الوطن، مشتبكة ومشاركة فى الحراك المجتمعي، والسياسي الطامح لتغيير كل ما يؤخر انطلاقه إلى آفاق المستقبل، مسلحا بالعلم والفكر المستنير.. فى مساء نفس اليوم تفجعني صدمة كبيرة، موجعة فعلًا، رحيل الإعلامي البارز المتميز وائل الإبراشي. وائل ظل يعانى لمدة عام كامل من مضاعفات الكورونا اللعينة. تليف الرئة كان أخطرها. لكنه تحسن، وكان يطمئننا نحن أصدقاءه إنه سيعود قريبًا، وأن حالته قد تحسنت.. كنا نتشبث بالأمل، ولا نستبعد عودته سالما إلى مكانه المميز على الشاشة.

كان ملايين المتابعين الشغوفين بما يقدمه فى برنامجه منتظرين خبرًا آخر يزف إليهم عودته إليهم من جديد. لكن ماذا نقول؟ وتقدرون فتضحك الأقدار!. هذا هو الوجه الصادم الذى استقبلتنا به السنة الجديدة، لكن الحياة تعلمنا دائمًا أن ننظر إلى الشمعة المضيئة فى نهاية النفق المظلم. من الأشياء الجميلة التى حدثت خلال الأيام الأولى من السنة الجديدة تفجر قضية المعلمة التى رقصت فى رحلة نيلية مع زملائها، والتي قامت الدنيا ولم تقعد سبًا وقذفًا فى حقها. وتم الاستغناء عنها من قبل المدرسة التى كانت تعمل بها بنظام التطوع، كذلك طلقها زوجها، وانضم إليه أولادها متخذين نفس موقف الأب فى معاقبتها.. إلى هنا والأزمة فى قمة تصاعدها، لكن ما حدث بعد ذلك قلب دفة الأمور لصالح المعلمة، الفضل فى ذلك يرجع إلى المحامية الرائعة نهاد أبو القمصان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، التى قدمت من خلال فيديو على فيس بوك فرصة عمل للمعلمة المفصولة، ليس هذا فقط بل لقنت المعلمة درسًا محترمًا فى كيفية التمسك بحقوقها، وعدم الخوف أمام تلك الهجمة التى تنال من ثقتها بنفسها، كما تحدثت إلى الزوج وقالت له إن المرأة تتزوج ليكون لها سند فى الحياة، فما معنى أن يتخلى عنها فى المواقف الصعبة!.

إذن هناك أمل فى التغيير. المهم أن نتحرك بوعى فى الوقت المناسب، ونقول ما يجب أن يقال، لا ما يردده القطيع. هؤلاء الذين ينصبون أنفسهم قضاة وجلادين، يطلقون أحكامهم على بشر مثلهم. وكأنهم ملائكة والآخرون شياطين!.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة