سعيد نوح
سعيد نوح


شهريار

يوسف وسليم

الأخبار

الأربعاء، 19 يناير 2022 - 07:20 م

بقلم/ سعيد نوح

من أجل أن تُسْمِع سرب اليمام صوتك عليك أن تُغيّر حنجرتك.
أن تصبح جِدّا فهذا والله شىء ينقلك إلى عالم آخر لم تعشه من قبل. ولنعمة الله علىّ أن بنتى الوحيدة منحتنى توأمين (يوسف وسليم). ولكن هناك فروق جوهرية بينهما؛ المحظوظ والأقل حظا من أخيه فى كل شىء: أبيض وخمرى، ضعيف البنية وقوى، ضاحك وباكٍ، مفرط الحماس وهادئ. وكعادتى مال قلبى إلى الضعيف، ويوما إثر يوم كبرا وصرت غير قادر على التميز بينهما.

تعلق قلبى بـ«سليم» لأنه كان الأضعف جسديا، وتعرض لأكثر من عملية جراحية وهو بعد صغير لم يتعد الشهور الثلاثة. صار سليم يهلل لمجرد رؤيتى أمر أمام المرآة المثبتة فى الحائط وتعكس الصورة لمن داخل الحجرة، أو يصرخ مناديا لأنه لم يتعلم الكلام بعد بمجرد أن يسمع نحنحتى أو كحتى.
مع مرور الوقت وزيادة الانتباه، بدأ كل منهما يغار من الآخر، فحينما يلمحانى يتعلق كلاهما فى ملابسى صارخا باكيا حتى أحمله، وبمجرد حمل أحدهما يتوقف فورا عن البكاء ويضحك منتصرا، لدرجة أننى بدأت أصدق أنهما يمثلان البكاء بكل هذه الدموع المدرارة حتى أحملهما.

صار الاثنان قادران على جعلى أترك العالم وأقضى معهما الساعات دون شعور بمرور الوقت، لدرجة أننى لم أعد أتذكر تفاصيل يومى قبل أن يولدا؟!
قبل سنوات كتبت قصة عن جد يصنع من جسده حصانا منكفئا على الأرض كى يعلوه الصغار ويهتفون»جدو حصان» لكن فى نهاية النص فارق الجد الحياة. فهل شعر بسعادة غامرة لم يتحملها قلبه العجوز حتى أنه فضل الموت فى هذه الوضعية الأحب إلى قلبه؟ أم أن قلبه الضعيف لم يتحمل الإرهاق؟
صرت كلما ركب الصغار على جسدى أقول لنفسى لو أننى فارقت الحياة الآن لشعرت أننى أخذت كل نصيبى من السعادة وبزيادة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة