الدكتور عبد الحميد نوار، استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية
الدكتور عبد الحميد نوار، استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية


أستاذ اقنصاد: الكل مسؤول عن وقف الدوامة المؤلمة لسباق الأسعار والأجور

عبير حمدي

الخميس، 20 يناير 2022 - 11:42 ص

نصح الدكتور عبد الحميد نوار، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، جمهور المستهلكين قائلا أتوجه بنصيحة لكل مُستهلك أن يدخر جزءاً من الزيادة المرتقبة في الأجرمهما كان بسيطاً جداً، بعد توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بإقرار رفع الحد الأدنى للأجور إلى 2700 جنيه.


 وإقرار عدد من العلاوات والحوافز، والتي سيبدأ تطبيقها إعتباراً من السنة المالية الجديدة في أول يوليو 2022، ترتفع عند هذا المنعطف التوقعات التضخمية. وتعني التوقعات أن التضخم نتيجة مُحتملة وليست حتميّة، لذلك من الضروري التفكير الإستباقي في السيطرة على الزيادات غير المبررة في الأسعار أو الفوضى في الأسواق.


وقال نوار في تصريحات لـ بوابة أخبار اليوم، ويطرح هذا عددا من التحديات التي ستواجه السياسات والإجراءات ووعي الفرد بواجبه ومسؤوليته في تحقيق الصالح العام خلال الفترة القادمة.


ويستدعي هذا النقاش الجاد قبل إنطلاق ما يسمى في الإقتصاد "دوامة الأسعار والأجور"، والتي تشير إلى زيادات أسعار السلع والخدمات بحيث تلتهم الزيادة في الأجور التي سوف يشهدها العاملون في الدولة، خاصة أن مصر والعالم في ظل ظروف أزمة كورونا وحساسية تداعيات المشهد الإقتصادي على الأسعار مع إحتمالات إضطراب أو تعطيل سلاسل التوريد، جنباً إلى جنب مع ضعف قدرات توسيع الإنتاج، بحيث لا يمكن للعرض المحلي تلبية الطلب المحلي في قطاعات معينة.


وبداية، إذا تعدَّل من الآن إنفاق المستهلكين على حساب الزيادات التي سوف تأتي في أول يوليو 2022 المقبل، فإن إرتفاع الطلب الكلي المقترن بسلوك المستهلكين المخاطبين برفع الحد الأدنى لأجورهم  أو العلاوات أو الحوافز، سوف يؤدى إلى إرتفاع أسعار السلع والخدمات نسبياً ومن ثم إلى تآكل نسبة من الزيادة في الأجور.


وبالمثل، إذا بادرت نقابات العمال للعاملين بالقطاع الخاص – الذين يبلغ عددهم نحو 5 أمثال العاملين في الحكومة –  من أجل رفع أجورهم الإسمية نسبياً لمواكبة رفع أجور العاملين في الدولة، وهو أمر طبيعي جداً، بالرغم من إستمرار إشكاليات إلزام منشآت القطاع الخاص برمته حتى الآن تطبيق الحد الأدنى للأجور السابق إقراره  2400 جنيه، فإن ذلك سوف يؤدى أيضاً إلى إرتفاع أسعار السلع والخدمات نسبياً ومن ثم إلى تآكل نسبة من الزيادة في الأجور.


واستطرد نوار إن هذا الواقع الإقتصادي المتوقع بات يتطلب مشاركة الجميع لتهدئة الطلب والإقتصاد الكلي. وعلى وجه الخصوص، يتطلب هذا تفعيل وتكامل الأدوار. 

إقرأ أيضا| طنطاوي: رفع الحد الأدنى للأجور يحسن المستوي الاقتصادي للكثيرين


فالقطاع الخاص، عليه مسؤولية إجتماعية في إستقرار الأسعار، والإلتزام بعدم التلاعب في أسعار السلع والخدمات الضروية. ومؤسسات المجتمع المدني، لاسيما الغرف التجارية عليها مسؤولية في التعميم على منسوبيها من الشُّعب ومن أصحاب منشآت القطاع الخاص، الإلتزام بشفافية آلية تعديل الأسعار للسلع والخدمات، والإلتزام بالسلوك التجاري المسؤول بعدم رفع الأسعار دون مبرر من إرتفاع عناصر تكلفة أجور العاملين.

 وهناك دور الحكومة، وأجهزتها التنفيذية مثل جهاز حماية المنافسة، والمجلس الأعلى للأجور، لتفعيل ضوابط الأسعار والمنافسة في الأسواق.
 ثم يأتي دور المواطن، وهو الأهم لتأمين القيمة الحقيقية لدخله،كفرد يتحلى بالرشادة الاقتصادية بتبني «إستراتيجيات ذكية» تمثل «خطة تعامل» لإبطاء وتهدئة التضخم المتوقع، و  من بين هذه الإستراتيجيات (الإحلال -التأجيل- الإحتياج- التوفير). وتأجيل الإستهلاك هو الإدخار. 


وقال الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، كإقتصادي، أتوجه بنصيحة لكل مستهلك أن يدخر جزء من الزيادة المرتقبة في الأجر مهما كانت بسيط جداً. لأن سلوك الفرد على المستوى الكلي يصبح رقماً مؤثراً. فإدخار كل فرد من العاملين في الحكومة 20 جنيه شهريا يمثل على المستوى الكلي نحو 1.5 مليار جنيه سنوياً.


وقال نوار سبق أن إقترحنا أن تستحدث الدولة – ممثلة في المجموعة الإقتصادية بمجلس الوزراء  – «معدل التضخم الطبيعي» كأداة لسياسات الأسعار في مصر ويكون ذلك من خلال وضع مدى (أي حد أعلى و حد أدني) للتغير في معدل تضخم أسعار مجموعات السلع وبنودها لاسيما السلع والخدمات الضرورية مثل الطعام والملابس والنقل والتعليم، والصحة.


بحيث إذا تجاوز معدل التضخم الفعلي الحد الأعلى الطبيعي الموضوع يكون ذلك إنذاراً مبكراً لضرورة إتخاذ حزمة مناسبة من الإجراءات والمبادرات - الحكومية وغير الحكومية. فمثلاً إذا تم وضع مدى يتراوح بين (2% و 8%) للتغير في معدل تضخم أسعار مجموعة الطعام، فإذا تجاوز معدل التضخم الفعلي 8% يكون ذلك إنذاراً مبكراً لضرورة إتخاذ مايلزم من إجراءات ومبادرات من أجل التصدي لموجة إرتفاع تضخم الأسعار. 


حيث أن إستحداث الحكومة هذه الأداة المبتكرة لسياسات الأسعار في مصر يمكن أن يحقق العديد من الأهداف الإجتماعية والإقتصادية مثل الإستقرار الإجتماعي، وإستقرار الأسواق.


 واختتم نوار قائلا في الأخير، النقطة الحاسمة، أن الكل مسؤول عن وقف الدوامة المؤلمة لسباق الأسعار والأجور من أجل تحسين مستوى المعيشة وجودة حياة المواطن.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة