القصبجى فى الخامسة من عمره بجانب والده الشيخ على القصبجى
القصبجى فى الخامسة من عمره بجانب والده الشيخ على القصبجى


فى مقال نادر عن قصة حياتهl القصبجى.. هرب من الأزهر إلى عالم الموسيقى

آخر ساعة

السبت، 22 يناير 2022 - 02:54 م

أحمد الجمَّال

لخَّص الملحن الراحل محمد القصبجى (1892-1966)، فى مقال نادر نشر بالمجلة عام 1949، المحطات الرئيسية فى حياته منذ ولادته مرورًا بتعليمه ثم تعاونه مع منيرة المهدية، وتعرفه على سيد درويش، فلقائه مع كوكب الشرق أم كلثوم، التى أبدع لها العديد من الألحان الخالدة، إلى أن وصل عدد الأغنيات التى تحمل توقيعه ملحنًا حتى لحظة كتابته ذلك المقال حوالى 600 لحن.. وفى السطور التالية نعيد نشر نص المقال:

وُلدتُ فى 15 أبريل عام 1899، أى أننى قد بلغت الآن الخمسين من عمرى. وكان والدى ـ رحمه الله ـ الشيخ على القصبجى ملحنًا مشهورًا، ردّد أغانيه أكثر مطربى عصره من أمثال يوسف المنيلاوى وسى الصفطى ومحمد السنباطى وزكى مراد وغيرهم، كما كان عازفًا على العود ومقرئًا ومنشدًا فى حلقات الأذكار. وهكذا نشأتُ فى ذلك الجو الفنى الجميل الذى كان يعيش فيه والدى منذ نعومة أظفارى.

وكان والدى يتمنى لى أن أنشأ نشأة دينية خالصة، فأدخلنى الأزهر الشريف، ولكننى لم أمكث فيه سوى عام واحد، لأننى لم أرضَ عن نظامه القديم وقتذاك، فالطالب الأزهرى كان يمضى عشرين عامًا حتى ينال شهادة العالمية، ولا يتخرج إلا فى سن الأربعين على الأقل، ولذلك تركت الأزهر، والتحقت بمدرسة المُعلمين الأوليّة، فحصلت على شهادتها عام 1914 وكان ترتيبى الثالث من بين الناجحين.

وكانت هوايتى للموسيقى يومئذ قد بلغت منتهاها، فعقدت العزم على التفرغ لها وعدم الانتظام فى سلك الوظيفة، وذلك على عكس رغبة والدى الذى لم يكن يرضى لى أن أتخذ من الموسيقى حرفةً.

وحدث أن عينتنى الوزارة، بدون رغبتى مدرسًا فى مدرسة بولاق الأوليّة، وأرسلت إلىّ خطاب التعيين، بعد نجاحى بأيام، فذهبت لأداء امتحان الكشف الطبى، إرضاءً لوالدى. ولكنى كنت قد قررت فيما بينى وبين نفسى، أمرًا.. فحينما جاء دور الكشف على النظر، تظاهرت بأننى لا أرى شيئًا لكى أسقط فى الامتحان، وهنا لم تلبث الحيلة أن انكشفت فنجحت على الرغم منى أيضًا.

ثم قضيت فى سلك التدريس ثلاث سنوات، لم أنقطع خلالها عن هواية الموسيقى، فكنت أقوم بتدريس العود للهواة والهاويات، كما كنت أضع قِطعًا موسيقية من تأليفى كانت تعد طفرة فى نظر الموسيقيين القُدامى من أهل ذلك العصر.

وكان نجم السيدة منيرة المهدية لا يزال متألقًا، فلحنت لها بعض الأدوار والطقاطيق مثل "بعد العشا" و"شال الحمام" و"يا قلب اصبر"، ثم لحنت لها بعد ذلك أربع روايات مسرحية وهى "المظلومة" و"حرم المفتش" و"كيد النسا" و"حياة النفوس"، وهى من الروايات التى تشتمل كل منها على ما لا يقل عن اثنى عشر لحنًا.

والتقيت فى ذلك الوقت الشيخ سيد درويش، وكنت من المعجبين به، وإن كان كل منا يختلف عن الآخر بلونه وطابعه، أما كيف تعرفت بالآنسة أم كلثوم وكيف التقيت بها لأول مرة؟ فقد حدث ذلك ذات ليلة من عام 1923، وكنت أستمع إليها وهى تنشد قصائد فى مدح الرسول، فى مسرح "برنتانيا القديم"، فأعجبت بصوتها، ووجدت فيه الصوت المُعبِّر الذى يساعدنى فى إخراج ألحانى.

وفى هذه الليلة تعارفنا، ولكن عملنا معًا لم يبدأ إلا فى عام 1924، حين بدأت تغنى لى بعض الأدوار والطقاطيق، على التخت القديم، الذى كان يتكوَّن من المذهبجية والمنشدين دون الاعتماد على الآلات.. وكان من بين الألحان التى غنتها لى فى تلك الفترة "إن حالى فى هواه عجب"، و"صحيح خصامك ولا هزار"، و"يارتنى كنت النسيم"، و"قلبى غدر بى"، وغيرها.

ثم جاء عام 1927 وجاءت معه فترة انتقال من القديم إلى الحديث، فغنت لى أم كلثوم أول مونولوج على آلات، وهو "إن كنت أسامح" الذى لقى نجاحًا كبيرًا، حتى بيعت منه حوالى مليون أسطوانة.. وقد ردد ألحانى جميع مطربى مصر ومطرباتها، فى المسارح والإذاعة والسينما وشركات الأسطوانات، حتى زاد عدد الأغنيات التى لحنتها على 600 أغنية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة