السبت، 22 يناير 2022 - 04:39 م

..كرة القدم لم تعد مجرد رياضة يمارسها الملايين حول العالم ويستمتع بمشاهدتها المليارات داخل المدرجات وأمام الشاشات.
كرة القدم أصبحت صناعة وبزنس بمليارات الدولارات وأصبح هناك آلاف البشر يرزقون من ورائها ، فبخلاف اللاعبين والمدربين والإداريين والأطقم الطبية هناك وكلاء اللاعبين والمواقع الرياضية والقنوات الفضائية وغيرهم وغيرهم.
وبخلاف الدور الاقتصادي الذي تلعبه كرة القدم باعتبارها الدخل الاساسي والمباشر لآلاف البشر، فهناك أدوار سياسية أخرى تلعبها كرة القدم لا تقل أهمية وخطورة، فالساحرة المستديرة أسهمت كثيرًا في التقريب بين الشعوب ونبذ بذور الخلافات التي عجز عنها الساسة والدبلوماسيون.

الكرة أصبحت تتحكم في المزاج العام لغالبية الشعوب، فانتصارات الفرق الرياضية والمنتخبات الوطنية أصبحت مصدرًا للفخر القومي وتدفع آلاف البشر إلى الشوارع في احتفالات صاخبة لا تنتهي .. الفرحة التي تصنعها الكرة لا تضاهيها فرحة أخرى.

ليس هناك قوة تستطيع أن تجمع ملايين البشر في توقيت واحد أمام التليفزيون لمدة 90 دقيقة دون أن يجرؤ أحدهم على التحرك من مكانه كما تفعل كرة القدم.
كرة القدم أشعلت حربًا دامية بين دولتي السلفادور وهندوراس أسفرت عن سقوط ثلاثة آلاف قتيل على خلفية مباراة منتخبي البلدين في تصفيات كأس العالم بالمكسيك عام 1970 .

حقيقة لم يكن هدف الفوز الذي أحرزه مهاجم السلفادور رودريجيز في شباك هندوراس هو السبب المباشر في اندلاع الحرب ولكنه كان الفتيل الذي اشعل النار، فالخلافات بين الدولتين الجارتين كانت على أشدها ولا ينقصها سوى الضغط على الزناد واطلاق الرصاصة الاولى.

وجاء هدف رودريجيز الذي أعلن تأهل السلفادور إلى كأس العالم على حساب هندوراس ، وخرج ملايين السلفادوريين الى الشوارع احتفالا بفوز معنوي على الجارة اللدود.

واستفزت هذه الاحتفالات المبالغ فيها بعد مباراة كروية مشاعر الشعب الهندوراسي وجرحت كبرياءه، فكان الرد مزلزلا واندلعت المواجهات العسكرية التي أسفرت عن مقتل ثلاثة آلاف شخص من الجانبين.
ولا ينسى أحد حالة الاحتقان والشحن الجماهيري التي حدثت بين مصر والجزائر على خلفية مباراة المنتخبين في مدينة أم درمان السودانية خلال تصفيات كأس العالم 2010 ، واستمرت هذه الحالة سنوات وسنوات ، وكما أشعلت مباراة كرة نار الخلاف والاحتقان بين البلدين الشقيقين نجحت مباراة اخرى في إذابة الخلافات وعودة المياه إلى مجاريها عندما التقى المنتخبان في بطولة كأس العرب بقطر في شهر نوفمبر الماضي وشهدت روحا رياضية عالية بين لاعبي الفريقين الذين تبادلوا الاحضان بعد انتهاء المباراة.
كل هذا يؤكد على قيمة كرة القدم وأهميتها السياسية والاقتصادية.
كرة القدم سلاح استرتيجي خطير يشبه عصا موسى القادرة على ابتلاع أي أزمات يومية أو ضغوط نفسية يعاني منها أفراد الشعب الذين يعشقون الكرة .. يصرخون ويضحكون ويسخطون ويصفقون.
بالكرة ومعها ينفثون طاقات الحب والسعادة وأيضا الغضب .. يمزحون ويتجادلون ويتسامرون.