نادر عيسي
نادر عيسي


صباح ومسا

عالم مجنون.. مجنون

نادر عيسى

السبت، 22 يناير 2022 - 05:24 م

شاهدت فيلم «عالم مجنون.. مجنون» إنتاج 1963 صغيراً، أيام نادى السينما فى سهرة السبت، يومها سألت والدى متعجباً لماذا اختار المخرج أن يكرر كلمة مجنون مرتين. كان هذا فى أواخر الثمانينيات، لماذا لم يكتف بوصف العالم بمجنون مرة واحدة؟، أجابنى والدي: لأنه فيلم كوميدى ويحتمل المبالغة فى كل شيء بدءً من عنوانه.


الآن أكرر السؤال لكن هذه المرة على نفسى وعليك أنت يا صديقى «أمال لو كان عايش سنة 2022»، وأتعجب كان ممكن يحط كام مرة كلمة مجنون ليصف هذا العالم؟، لأجد صوت من داخلى يقول «بس ما تقولش عالم بس». فى النهاية أصبح الكل فى هذا «اللا عالم» المجنون يريد الشهرة.. الفلوس.. التريند.. اللايكات..الريتش يا أسطى.. وحاسب من الريبورتات.


ماذا تفعل لكى تجنى كل هذا؟ هنا يجب أن تأخذ «لفة» بسيطة فى عالم السوشيال ميديا.. لكن يجب أن تبقى غريباً.. إلى أقصى حد..

فكيف سيراك المتابعون إن كنت منطقياً أو واقعياً أو مهنياً وليعاذ بالله مثلاً.. سيقول لك قائل «فكر خارج الصندوق».. حتى أصبح الدخول للصندوق هو الغريب الآن. 


لن استغرب أن يبدأ البعض فى عرض أمعائهم والحديث عن ألوان ملابسهم الداخلية على السوشيال، لينتقلوا بكل سهولة ويسر إلى شاشات الإعلام وتتم استضافتهم ليتحدثوا عن أدق تفاصيل التفاصيل فى حياتهم الشخصية، لتجد نفسك مثل الأبله تردد بينك وبين نفسك «وأنا مالى بالهم ده كله..

بس هتفرج بردو».


تشعر بأنك لابد أن تعلم كل تلك الأحداث، كأنك مقدم على امتحان الثانوية العامة. لذا فعليك أن تدخل إلى هذا العالم. لتشاهد هؤلاء الذين تخلوا عن كل شيء؛ أحذيتهم، عقلهم، مبادئهم، وحتى ملابسهم. ويبدأ عداد اللايكات فى النمو، أما الانطلاقة الحقيقية فهى عندما يتقدم أى محام ضدك بقضية لازدرائك الأديان، أو التعدى على الأخلاق أو قيم المجتمع، وقتها تخرج فى فيديو لايف لتبكى وتشرح كيف كانت الفترة الماضية عصيبة عليك، وانت مكتئب أو تعانى من أى أمراض من ثلاث أحرف باللغة الإنجليزية، وتدفع لبعض الصفحات الأخرى كى تقف إلى جوارك وتنشر كلمات مشجعة لك، وكيف أن لك الحق فى التخلى عن ملابسك، والدخول عارياً، لأنها الحق فى المعرفة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة