مراكز الدروس الخصوصية
مراكز الدروس الخصوصية


أولياء أمور بين نارين| «السـناتر» تتحدى المـدارس بــ«أسعار تنافسـية»!

إيمان طعيمه

الأحد، 23 يناير 2022 - 12:18 م

رغم غلق وتشميع الكثير من مراكز الدروس الخصوصية، ووقوف الحملات الرقابية لها بالمرصاد، فإن الكثير من هذه المراكز مازال يعمل بقوة خاصة فى فترات ما قبل وأثناء الامتحانات وبدون أى مراعاة للقوانين أو الإجراءات الاحترازية للوقاية من إصابة الطلاب بفيروس كورونا. فى هذا التحقيق تلقى «آخرساعة» الضوء على الوضع الحالى لـ«سناتر الدروس الخصوصية» وما يراه أولياء الأمور تجاهها بالإضافة لآراء المختصين فى هذا المجال.


«مايسترو التاريخ» و«ملك الألمانى» ألقاب بهدف جذب الطلاب

فى البداية تقول سالى، ولية أمر طالب بالصف الرابع الابتدائى، إن سناتر الدروس الخصوصية تعمل بشكل طبيعى جدا طوال العام، ورغم ازدحامها بالطلاب فإنها مازالت أكثر توفيرا للمصاريف مقارنة بالدروس الخصوصية التى يقدمها المدرس الخاص للطالب فى المنزل، فالحصة الواحدة فى السنتر تتراوح بين 60 و70 جنيها مقابل 100 أو 120 جنيها للحصة بالمنزل، وتختلف الأسعار من منطقة لمنطقة ومن مرحلة تعليمية لأخرى.


وتضيف: المناهج الدراسية الجديدة للصف الرابع الابتدائى هذا العام والكم الهائل من المعلومات التى يجب على الطفل دراستها وفهمها جيدا كانت سبباً وراء اللجوء لهذه المراكز على عكس السنوات الماضية التى لم تشهد لجوء الأطفال للدروس فى هذه المرحلة.


أما منى، ولية أمر لطالب بالمرحلة الإعدادية، فتخشى على ابنها من تواجده فى ازدحام السناتر الخصوصية وبالتالى احتمالية إصابته بفيروس كورونا، مؤكدة أيضا أنها لا تحقق استفادة كافية بسبب زيادة أعداد الطلاب فى الحصة الواحدة، وترى أن الدرس الخصوصى فى المنزل بمفرده مكلف للغاية، لكن عند وجود 3 طلاب على الأكثر تكون التكلفة قريبة إلى حد ما من المراكز مع توفير التركيز والهدوء ليستطيع الطلاب الفهم والتحصيل الجيد للمواد.


ومن جانبها، ترى دعاء، ولية أمر طالبة بالصف الثانى الثانوى، أن مراكز الدروس الخصوصية بمثابة طوق نجاة من زيادة أسعار الدروس الخصوصية بالمنزل والتى تتعدى تكلفة الحصة الواحدة أكثر من 200 جنيه فى الساعة. أما مراكز الدروس الخصوصية فتختلف تكلفة الحصة بها حسب المادة فتتراوح من 35 إلى 70 جنيها فى الساعة الواحدة، ويتضاعف هذا المبلغ فى فترات المراجعات النهائية قبل الامتحان.


فيما تقول داليا الحزاوى، مؤسس ائتلاف أولياء الأمور: الدروس الخصوصية هى واقع مُر يعيشه أولياء الأمور، كما أنها تعد عرضاً وليست مرضاً، فقبل تجريم مراكز الدروس الخصوصية وغلقها وفرض ضرائب عليها، يجب النظر إلى سبب انتشار هذه الظاهرة، والذى يتمثل فى تراجع دور المدرسة وعدم قيامها بدورها فى تلقى الطالب للمعلومة على الوجه الأكمل، فضلا عن وجود قصور فى مراقبة أداء المعلمين داخلها وعجز فى عدد المعلمين الموجودين بالمدارس وكذلك عدم تدريبهم بكفاءة على فهم وشرح المناهج الجديدة.


هذا بالإضافة لعدم تناسب كم المناهج الدراسية مع الفترة الزمنية للفصل الدراسى الواحد، وبالتالى يتسبب ذلك فى قيام المدرس بالشرح سريعا بدون التطبيق أو إيصال المعلومة للطالب باستفاضة، وتكون النتيجة فى النهائية حصيلة دراسية ضعيفة للطالب ويكون الحل هو اللجوء للدروس الخصوصية داخل السناتر بسبب تناسب سعرها إلى حد ما مع الحالة المادية للأسرة، وتوافرها فى مختلف المحافظات بكثير من العمارات السكنية وبالقرب من المدارس ليسهل على الطلاب الوصول إليها.


وقد حرص عدد من المعلمين العاملين بهذه المراكز على اختيار أسماء جذابة لهم ليصبحوا علما معروفا يتردد على أسماع الطلاب كل عام، فعلى سبيل المثال، نجد من لقّب نفسه بفارس الكيمياء، وقاهر المعادلات، وآخر برئيس جمهورية اللغة العربية، أفلاطون الفلسفة، مايسترو التاريخ، معد أوائل الجمهورية، وملك الألماني، وانتشرت بعض الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعى لتروج لهذه الأسماء والتأكيد على حجز الأماكن مسبقا قبل اكتمال العدد، هذا فضلا عن إعلانات الشوارع المنتشرة بكثرة فى مختلف الأماكن.

 


وتعمل سناتر الدروس الخصوصية بالاتفاق مع المعلم على توفير الأماكن والقاعات التى تسع هذا العدد الكبير من الطلاب، مقابل تقديم نسبة قيِّمة له فى نهاية اليوم التى تصل لآلاف الجنيهات.


وترى الحزاوى أن قرار مصلحة الضرائب بفرض ضريبة على مراكز الدروس الخصوصية لن يأتى إلا بالضرر على ولى الأمر وهو من سيدفع الثمن، ولكن يمكن الحد من اللجوء لهذه المراكز بعدة طرق أخرى أهمها تفعيل مجموعات التقوية بالمدارس بأسعار تنافسية مع جذب المعلمين المدربين الأكفاء بها ووجود رقابة على الأداء داخل هذه المجموعات وكذلك توفير وسيلة للتواصل مع ولى الأمر ليكون مطلعا بشكل مستمر على أداء نجله ومستواه التعليمى بالإضافة لتوفير اختبارات دورية لتحديد مستوى الطلاب، وكذلك إعادة النظر فى تقليل بعض المناهج الدراسية لإعطاء فرصة للمعلم أن يقوم بالشرح والمراجعة داخل الفصل.


وتشير إلى ضرورة قيام وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع أولياء الأمور فى المرحلة الثانوية وتوفير اختبارات دورية لتدريبهم على شكل الأسئلة وطريقة الإجابة الصحيحة ليكون بمثابة تقييم وطريقة لمعرفة نقاط القصور والعمل على حلها مبكرا قبل الامتحانات النهائية.


وتؤكد أن التعليم عن بُعد لم يعد حلاً جيداً ويحتاج تدريبات كثيرة ليعتاد الطلاب التركيز من خلاله، وعلى الوزارة توفير باقات إنترنت مخفضة للطلاب لتساعدهم على الدخول على منصات التعليم والاستفادة منها بشكل جيد، ولكن فى النهاية إغلاق سناتر الدروس الخصوصية ليس حلا مطلقا، بل يتسبب فى إيجاد حل آخر وهو اللجوء للدروس الخصوصية باهظة الثمن التى تستنزف جيوب أولياء الأمور.


وعلى النقيض تماما، ترى داليا الحزاوى أنه يوجد حاليا مجموعة من المعلمين الذين قرروا مواجهة الدروس الخصوصية والتطوع لتعليم الطلاب مجانا من خلال وسائل الإنترنت، وهذا ما شجعها على إطلاق مبادرة "معلم فى الخير" والتى لاقت إقبالا كثيرا من المعلمين على لتقديم خدمة توعوية تعليم الطلاب فى مختلف المراحل التعليمية من خلال منصات وقنوات تعليمية مجانية ليكون ذلك بمثابة حل خارج الصندوق يخفف ولو بجزء من عبء مصاريف الدروس الخصوصية فى بعض المواد، حيث يقوم المعلم بشرح المواد الدراسية والنظر إلى أسئلة الطلاب فى التعليقات والإجابة عليها، علما بأن المبادرة لا تهدف للتعليم فقط وإنما لتوفير الدعم المعنوى للطلاب أيضا.

 

من جانبها تؤكد النائبة إيناس عبدالحليم، عضو مجلس النواب، أن السناتر أصبحت منتشرة بقوة فى كثير من العمارات والمنازل وأصبح الطالب لا يستغنى عن الدروس سواء كان فى مدرسة حكومية أو خاصة أو دولية، حيث إن العامين الماضيين أثرا بشكل سلبى على الطلاب بسبب جائحة كورونا، وأصبح لا يوجد تأسيس تعليمى للطلاب خاصة للسن الصغيرة، فضلا عن الحجم الكبير للمناهج الدراسية وصعوبة بعض الدروس ليصبح العبء الأكبر فى الشرح والفهم يقع على المنزل، الأمر الذى يجعل ولى الأمر يبحث عن حل آخر بعيدا عن المدرسة التى أصبحت مجرد مكان يذهب إليه الطفل دون الحصول على التحصيل اليومى اللازم، وترى عبدالحليم، أن منظومة التعليم بأكملها تحتاج لإعادة هيكلة من جديد، والنظر للمدارس الحكومية التى تضم أكثر من 80 طالبا فى الفصل الواحد، لذا لابد من المراقبة الجيدة على المدارس الخاصة والدولية التى أصبح فيها الترفيه أهم من طلب العلم.

 

وقد قدمت النائبة طلب إحاطة إلى الحكومة بشأن ما أصدرته مصلحة الضرائب بخصوص تسجيل سناتر الدروس الخصوصية ضمن منظومة الضرائب وفرض ضرائب عليها مثلها مثل الكيانات التجارية الأخرى.


وتؤكد أن هذا يعتبر اعترافا واضحا بأن المراكز التعليمية أصبحت كيانا موازيا يتحدى وزارة التربية والتعليم، وأن هناك تضاربا وتخبطا فى مواقف الحكومة بشأن الدروس الخصوصية، فكيف تكون وزارة التربية والتعليم رافضة فكرة الدروس الخصوصية والإعلان عن إغلاقها خلال العام الدراسى، وتطالب مصلحة الضرائب سناتر الدروس الخصوصية بفتح ملفات ضريبية؟!


كما أشارت إلى ما أعلنته وزارة التربية والتعليم، بأنه لا يوجد شيء يُسمى "مراكز مرخصة للدروس الخصوصية"، وأن كل السناتر مخالفة للقانون، وتشن الوزارة ضبطيات قضائية عليها، مع غلقها وتشميعها بالشمع الأحمر، وإحالة أصحابها لجهات التحقيق. ولذلك فإن هذا القرار يضرب سياسة الدولة بمنع الدروس الخصوصية فى مقتل، كونه عكس ما تقوم به الدولة من جهود لمحاربة هذه الدروس.


فى السياق، يقول د.حسن شحاتة، الخبير التربوى أستاذ المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس: إن سناتر الدروس الخصوصية لا تقدم أية تدريبات على الامتحانات النهائية المعدة على أساسا النظام والفكر الجديد، وإنما الطالب الذى يريد النجاح بالفعل عليه أن يتدرب دوما على الأسئلة المتاحة على بنك المعرفة ومنصة حصص مصر. 


ويشير إلى أن المدرس الخصوصى والكتاب الخارجى وسناتر الدروس الخصوصية يمكن تسميتها «مثلث الفشل»، حيث إن الاعتماد الأساسى بها لا يزال يتعامل بالنظام القديم القائم على الحفظ، بينما النظام الجديد يعتمد على مهارات العقل والتفكير، وأسئلة الامتحان توضع فى هذا الإطار لذلك هذا المثلث لا يصلح أن يكون مرجعا للتدريبات النهائية قبل الامتحان.
ويعتبر شحاتة أن السبب وراء تضخيم حجم الكتب الدراسية ليس بسبب عدد الدروس وإنما لوجود العديد من التدريبات والأنشطة والصور التوضيحية التى تسهل على الطالب الفهم، ويمكنه الحصول على إجابات الأسئلة الصعبة من خلال بنك المعرفة ومنصة حصص مصر.


وأجاب عن سؤال أولياء الأمور بخصوص عدم توفير مناهج مواد اللغة الثانية على منصات وزارة التربية والتعليم، قائلا: إن المنصات توفر المواد الأساسية فقط كاللغة العربية والإنجليزية والعلوم والرياضيات، منوهاً إلى أن ولى الأمر عليه أن يتواصل مع موقع الوزارة الإلكترونى وإرسال طلبات بشأن توفير مناهج وتدريبات لمواد اللغات الثانية، مؤكداً أن الوزارة تقوم بالفعل بدراسة الأمر وإعداد تدريبات لذلك، ونصح ولى الأمر والمعلمين بضرورة النظر لطريقة الشرح لمنهج اللغة الإنجليزية المتاح على بنك المعرفة وتوفير نماذج تضاهى ذلك للغات الأخرى لحين توفيرها بشكل رسمى.

اقرأ ايضا | «السناتر» تهرب إلى «الأونلاين» لجذب طلاب الثانوية

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة