يحيى وجدى| جدل الترجمة إلى العامية
يحيى وجدى| جدل الترجمة إلى العامية


يحيى وجدى| جدل الترجمة إلى العامية

أخبار الحوادث

الأحد، 23 يناير 2022 - 04:15 م

تابعت خلال اليومين الماضيين الجدل حول العامية المصرية، والترجمة إليها والكتابة بها، الذي أثاره إعلان مترجم شاب، هو الأستاذ هيكتور فهمي، الانتهاء من ترجمة رواية “الغريب” للكاتب الفرنسي الأشهر ألبير كامو إلى العامية المصرية، أو إلى “اللغة المصرية” بحد وصف المترجم، الذي يرى أن العامية هي اللغة المصرية الفصحى، وليست لهجة أو “دارجة” كما تصف بعض الشعوب العربية لهجاتها المحلية.
والحقيقة أنه في هذا الجدل استوقفني أمرين: الأول هو رؤية الجمهور العام وبعض المثقفين والكتاب للغة.. اللغة بشكل عام، وتقسيمهم لاستخدامها استخدامات حصرية لها حدود صلبة لا يمكن الخروج عنها أو عليها، وإلا اعتبر ذلك كفرا من الخارجين!
 والتقسيم هو كالتالي: العامية للأفلام والمسلسلات والمسرح ولا سيما الترفيهي فقط! أما الفصحى فهي لغة المخاطبات (المحترمة!) والتأليف والكتابة والترجمة، ولا يمكن أن ينتقل فنا من هنا إلى هناك وفق هذا التقسيم والعكس، رغم أن شادي عبد السلام مثلا قدم سيناريو فيلمه الأشهر “المومياء” وحواراته باللغة الفصحى الكلاسيكية، على نحو لا يبدو أنه يتناسب مع البيئة التي تجري الأحداث فيها، ولا يتناسب بالطبع مع الأبطال الأجانب وأبناء العاصمة وأبناء جنوب الصعيد، ومع ذلك فإن الحوار بالفصحى كان أحد المميزات الجمالية لتجربة “المومياء”، ورغم أن العديد من الأعمال المسرحية المأخوذة عن نصوص عالمية جاء فيها الحوار بالعامية المصرية، ورغم أن هناك أعمالا سردية صدرت بالعامية، مثل رواية “قنطرة الذي كفر” لمصطفى مشرفة، و”مذكرات طالب بعثة” للدكتور لويس عوض، ورواية “المولودة” لنادية كامل (وأثارت هذه الرواية أيضا جدلا كبيرا) ومؤخرا صدرت بالعامية أيضا مذكرات المصممة العالمية عزة فهمي تحت عنوان “أحلام لا تنتهي”، وكتبت عنها هنا منذ عدة أسابيع.
الأمر الثاني، أن هذا الجدل انفجر قبل أن تصدر ترجمة الرواية، أو يطلع عليها أحد! فقط هجوم حاد، يرى في الخطوة التي أقدم عليها المترجم، عصفا باللغة العربية الفصحى وتهديدا لها، وتمكينا للغة “الشارع” و”العامة” من نص عالمي لطالما كانت قراءته حكرا على محترفي الأدب والمثقفين المطلعين وقراء الأعمال النوعية!
وهكذا أصبح لدينا تقسيما آخر للغة، الفصحى للمثقفين والعامية للسوقة، ولا يجب أن يقرأ الفريق الأول بلغة الثاني والعكس!
إن الآداب والفنون بفروعها المتعددة قامت على المغامرة والتجريب وتطوير المنتج والعمل عليه، بمساعدة أساسية من المتلقي باعتباره شريكا أصليا، ومعرفة رأيه وملاحظاته، وبترجمة ألبير كامو إلى العامية فنحن أمام مغامرة تجريبية، يجب أن نمنحها حقها بالكامل، ثم نرى.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة