لم يفرط في حبة رمل، وقبض علي الجمر، ووقف منافحاً عن الحدود، يكمل رسالة الشهيد الذي روي بدمائه الحدود».

المثل الشعبي القائل «في الهم مدعيين، وفي الفرح منسيين» ينطبق علي حالة العلّامة القانوني الدكتور مفيد شهاب، انتحي العلّامة جانباً، اكتفي بما قدم لوطنه، ونال عنه احتراماً مستحقاً، يوم كرمه الرئيس «عدلي منصور» وفريق المفاوضين المنافحين عن حق مصر في « قضية طابا».
يقول العلامة : «هذا الوطن يستحق منا الكثير..ولم انتظر يوما التكريم علي واجب أديته تجاه وطني..ويكفيني تكريم الشعب المصري». دوره في مفاوضات «طابا» مذكور في كتب التاريخ، محفور في ذاكرة الوطن، ذاكرته الوطنية قوية وحاضرة، لم تصب بعد بـ»الألزهايمر».
وهن العظم منه، واشتعل الرأس شيبا، متعه الله بالصحة والعافية، اكتفي من الدنيا راضياً بما قدم، يجلس اليه طلابه وأولاده وأحفاده يقص عليهم من سطور التاريخ المصري آيات بينات من النضال من أجل صون الحقوق المصرية والعربية، حمل الأمانة مع فريق (18 مفاوضا مصريا) لم يفرط في حبة رمل، وقبض علي الجمر، ووقف منافحاً عن الحدود، يكمل رسالة الشهيد الذي روي بدمائه الحدود.
خسر الدكتور مفيد شهاب كثيراً من ألقه الأكاديمي عندما اقترف العمل السياسي، توزر وصار وزيرا، ولو لم يستجب لنداهة السياسة لكان أيقونة مصرية، ورغم أنه لم يرتكب من المعاصي السياسية ما يشينه إلا أن الحساب كان قاسياً علي الرجل، ومعلوم السيئة في السياسة «تعم» والحسنة «تخص»، وقد ناله مَس من نقمة ثورة شعب علي عصر انتمي إليه سياسياً، ولم يغفر له الميدان الغاضب تاريخاً وطنياً مشرفاً.
المنصفون لا ينسون للدكتور مفيد وثلة من الوطنيين دورهم في مفاوضات طابا، تأسست علي هدي منها مدرسة مصرية قانونية خبيرة بالحق المصري، قادرة علي صون الحقوق، وشهادات منصفة موثقة تؤشر علي عقلية مصرية عصية علي التطويع، قوية في الحق، متمسكة بحرفية نص الوثيقة، حافظة للحقوق، حقوق الوطن.
العودة إلي ما سجله الدكتور مفيد شهاب محفوظاً في وثائق الخارجية المصرية في قضية جزيرتي «تيران وصنافير»، عودة إلي اجتهادات «الأب الروحي» في قراءة الوثائق المصرية، إيماناً بصدقيته التي تأسست علي سابق إنجاز تفاوضي في قضية استعادة طابا، ظهر اسم الدكتور مفيد شهاب مجدداً، اعتمدت الخارجية علي ما سجله بمداد قلمه سابقا، هل تكذّبون من صدقكم في طابا؟!
في الحزن، قضية الجزر، الدكتور مفيد شهاب مدعو إلي البرهنة علي صدقية الموقف المصري، أخيراً تذكروا الرجل في عزلته، يقول السفير السعودي احمد القطان «.. واسألوا الدكتور مفيد شهاب» يقيناً يستغرب البعض هذا الاستدعاء المصري / السعودي لشهادة الدكتور مفيد شهاب، إذا كان الدكتور مفيد هكذا مفيداً، يصعب تصور عدم الاستفادة من علمه، وما كان قد تأخر، لا يتأخر عن نداء الوطن وطني مثل مفيد.
بعيداً عن السياسة، وفيها الكثير، إذا كانت حدود الوطن محلاً للخلاف، فالدكتور مفيد أحد المؤتمنين، ومن اقترب من الدكتور مفيد يعرف غيرته علي الحدود، ندرة من الرجال من يفهمون في علوم تحقيق وترسيم الحدود، وبعد مفاوضي طابا العظماء أخشي فقدنا علامات علي الحدود.
أطال الله في عمره مرجعاً للحدود، إذا كان الوطن في حاجة إلي مرجع حي محفور في عقله ووجدانه تضاريس خريطة القطر المصري، بين ظهرانينا الدكتور مفيد، واسألوا الدكتور مفيد شهاب، يحفظها عن ظهر قلب.. أطال الله في عمر الدكتور مفيد، في وجوده لا نخشي ابدا علي الحدود