« قررأن يصعد الجبل يعصمه من الدماء، ولا يزال علي صخرته يتفكر في مآل الجماعة وما آلت إليه أمورها بعد غرور»
أعلم أن كثرة من الإخوان المغيبين في دخان الجماعة الأزرق، يلعنون الدكتور محمد حبيب علي حبات المسبحة مع كل مقال يكتبه لائماً علي قيادة الجماعة الإرهابية التي ألقت بزهرة شبابها إلي التهلكة، ونفر من الإخوان المتعقلين يطوي الصحيفة لائما علي الدكتور محمد حبيب، فليقل خيرًا أو ليصمت !.
ويندر أن تجد إخوانياً متعاطفاً مع ما يكتبه الدكتور حبيب، يبتعد بمسافة مقدرة عن مآلات الجماعة، بقدر اقترابه بالمسافة عينها من الوطن، دوما يقف من الشعب والجيش منصفاً، وهذا ما لا يرتضيه الكارهون للوطن، المحرضون علي الجيش داخلياً وخارجياً.
الغريب أن ما يكتبه الدكتور حبيب مخلصاً، بعد أن تبين الحق لا يلقي قبولاً، مجرد القبول حتي من ألد أعداء الإخوان، أليس إخوانياً، كيف تأمنون لمن كان نائباً للمرشد ومرشحاً للإرشاد، ما خرج عليهم إلا في خلاف، ولو نصبوه عليهم لكان مرشدهم يصلينا العذاب، الإخواني لا يتوب.
فريق منهم يشكك في نواياه، إن يريد إلا إحياء للجماعة، ولم يغادر مربع التنظيم، وإن غداً لناظره قريب، وفريق يراه يخلص ثأرات مع قيادة إخوانية عقور شلحته يوم قوتها، وفريق ثالث يرقب ما يكتبه بحذر بالغ، ويحمل كتاباته ما لا تحتمل من خطط الإخوان، يتهامسون : مقالات حبيب محملة بشفرات سرية لا يعلمها إلا الإخوان،
ويذهب التفسير مبلغه بأن حبيب هو الوريث لهذه القيادة التي تتهددها أحكام الإعدام، وأنه يحوم حول الحمي!.
أزعم معرفة بالدكتور حبيب، تكفي لكي أراه جيدا، هو إخواني مخلص للجماعة لا ريب، وعلي سنة إمامه ومرشده حسن البنا لا يغادر رسائله، ولم يخرج من عباءة الجماعة وإن خرج علي قيادتها قبلا، ناجياً بنفسه من مصير كان يتهددها يومئذ، قرر في لحظة أن يصعد الجبل يعصمه من الدماء، ولا يزال علي صخرته في جزيرته يتفكر في مآل الجماعة وما آلت إليه أمورها بعد غرور.
كتابات الدكتورحبيب في سنوات الجماعة العجاف تنضح بالحسرة علي حاضر جماعة لم ترعو لدروس الماضي ولم تحتسب في حاضرها وغرور قوتها لمستقبل مظلم كان ينتظرها علي قارعة الوطن فسارت إليه عمياء، غرتهم الأماني، استعلاء واستكبارا، مثل أصحاب الحديقة، أقسموا ليصرمنها مصبحين، ولايستثنون، والمصير في سورة « القلم».
وينزع الدكتور حبيب إلي تحميل القيادة لا الجماعة في صفها وزر الصدام، ويتحسر علي الخسارة الشعبية التي منيت بها الجماعة، خسارة غير مسبوقة تاريخياً لا قبل لهم بها، قيادة صادرت علي حاضر الجماعة ومستقبلها،ويبحث في سيرة المرشدين الراحلين عن دروس وعبر لم يستلهمها هؤلاء الحمقي، فنطحوا صخرة قاسية برؤوسهم العارية، فأدمت الجماعة، لو تدبروا أمرهم يوم «رابعة» لكتب للجماعة عمر جديد.
الدكتورحبيب اشتري نفسه باكراً قبل أن يحكم الإخوان مصر، وخرج عليهم يلفه الصمت، فلما تحقق فيهم ما خشي منه علي الجماعة، خرق جدار الصمت، ليسجل علي قيادة الجماعة أخطاءها، ويستدرك ما فات، وكأنه يستحضر قولة إمامه حسن البنا نادماً : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لعدت بالجماعة إلي أيام المأثورات» أي لو عادت الأيام أو لو بقي من عمري مثل ما مضي لعدت إلي الدعوة إلي الله بالذكر والدعاء !.
هذا ما لا يعجب الإخوان والتابعين ويعدونه من المفرطين، وهذا ما لا يستوثق منه غير الإخوان، ولا يأمنون لحبيب، ويبحثون في سطوره عن الجماعة، عن التنظيم، وهو صاحب المقولة الراسخة في ذهن الجماعة، التنظيم هو العروة الوثقي !!.