محمد فريد
محمد فريد


كنوز |«الأخبار» تضىء الشمعة 154 لميلاد الزعيم الخالد محمد فريد

عاطف النمر

الأربعاء، 26 يناير 2022 - 05:21 م

فى 20 يناير الجارى حلت علينا الذكرى 154 لميلاد الزعيم الوطنى محمد فريد أحد زعماء الحركة الوطنية المصرية الذى تسلم زعامة «الحزب الوطنى» بعد وفاة الزعيم مصطفى كامل، وقد بذل ماله وصحته فى خدمة القضية المصرية، ولهذا خلده الكاتب الكبير عباس محمود العقاد فى كتاب «رجال عرفتهم» ووصفه بأنه من أكبر أعلام الوطنية المصرية، ومن خيرة شهدائها الذين يستحقون التمجيد والتخليد.


دراسة محمد فريد للحقوق وعمله وكيلا للنيابة لم تكن سقف طموحه، أحس أن الله خلقه لإيقاظ الوعى لدى المصريين وتحريضهم على طلب الحرية لمصر، وتصاعد لديه هذا الشعور عندما اصطدم بالمحتل أثناء دفاعه عن الشيخ على يوسف صاحب جريدة «المؤيد» فى قضية «التلغرافات» عندما اتهمته سلطات الاحتلال بإذاعة أخبارعسكرية سرية، ولم يكن محمد فريد يخشى قول الحق، واضطر للاستقالة من النيابة عندما ضيق عليه المستعمر.

وعمل بالمحاماة واتصل بعدها بالزعيم مصطفى كامل عام 1893، وشغل منصب وكيل «الحزب الوطنى» الذى تولى رئاسته بعد وفاة مصطفى كامل، ويعتبر محمد فريد من أهم الأصوات التى نادت بالحرية والتحرر من الاحتلال الإنجليزى، وكان يرى فى البداية أن «الأخوة فى الدين» يمكن أن تجمع المصريين والعثمانيين، وتبين له أن الاستعمار العثمانلى لا يختلف عن نظيره البريطانى.

فأعلن ثورته على كل أشكال الاستعمار ونادى بأن تكون «مصر للمصريين»، وعندما علم بخطط العثمانلى للعدوان على مصر فى الحرب العالمية الأولى ندد بالمؤامرة وأعلن أن مصر لا ينبغى أن تكون إلا للمصريين، فتعرض لمطاردة العثمانلى ورفض كل المساومات والتهديدات فى وقت توحدت فيه الحركة الوطنية على استقلال مصر من الاحتلال الإنجليزى، واختلفت المواقف بشأن العثمانيين.

فالزعيم مصطفى كامل كان يشجع على الاستعانة بالعثمانيين لطرد الإنجليز، بينما كان هناك تيار كبير يطالب باستقلال مصر عن العثمانيين والإنجليز معًا، وسار محمد فريد فى البداية على نهج مصطفى كامل وتبنى موقفه من عثمانية مصرفى سياق كراهيته للاحتلال الإنجليزى، فكانت السلطنة بالنسبة له ولغيره من المفكرين دولة إسلامية لها من السيادة ما يجعلها تناوئ الأوروبيين.

وفات هذا التيار أن مجرد التبعية الأسمية للسلطان فى حد ذاتها هى المشكلة، فقد منح السلطان عبد الحميد الثانى مباركته لبريطانيا لتحتل مصر، وأصدر فرمان عصيان عرابى عام 1882، وخذل مصر فى وقت كان بمقدوره مساعدتها، وعندما أعلنت الدولة العثمانية دخول الحرب العالمية الأولى بجانب دول المحور عام 1914 ضد بريطانيا، ردت بريطانيا بإعلان الحماية على مصر، واستقلال مصر عن السلطنة، ولهذا أعلن محمد فريد رفضه للاحتلال الإنجليزى والعثمانيين ورفع شعار «مصر للمصريين».

ودعا المصريين للتمسك بمبدأ «مصر للمصريين» حتى لا يفهم من تأييدهم للسلطنة أنهم يقبلون التبعية لها أو التنازل عن استقلال مصر، وللتأكيد على موقفه صنع دبوسا، مكتوبا عليه هذا الشعار، علقه على بذلته، وحمله هو ورفاقه فى إسطنبول إعلانا بتمسكهم بالقومية المصرية، وقال للعثمانلى وهو فى عقر داره بإستانبول: «مصر كبيرة عليكم»، وجلب عليه هذا الموقف عداء السلطات العثمانية وأبلغه سيف الله باشا يسرى ..

«أن الصدر الأعظم ناقم منك ومن الحزب الوطنى، لقولكم الدائم «مصر للمصريين»، وأنه يريد إبلاغكم، لو انتصرنا فى الحرب لن يمكث الجيش العثمانى فى مصر أكثر من 24 ساعة، ثم يجلو عنها»، وهددت السلطات العثمانية محمد فريد بأن يقلع عن ترديد شعار استقلال مصر، وإلا سيتم اتخاذ إجراءات عقابية ضده، لكنه رد بأنه ثابت على موقفه وشعاره «مصر للمصريين».

وأكتشف محمد فريد نية الغدر بمصر، فزاد من تمسكه باستقلال مصرعن الإنجليز والعثمانيين، وجهر بذلك فى النمسا وسويسرا وألمانيا، وخطط العثمانلى لتدبير مؤامرة لاعتقاله أثناء عودته إلى إسطنبول عام 1916 فرحل من إسطنبول للإقامة فى برلين، واستمر فى نضاله، وفقد ثروته فى سبيل وطنه، وظل ينادى بأن «مصر للمصريين» حتى وافته المنية فى برلين 15 نوفمبر 1919 وكان وحيداً فقيراً.

حتى أن أهله بمصر لم يجدوا مالاً كافياً لنقل جثمانه إلى أرض الوطن، وقد تولى الحاج خليل عفيفى أحد كبار التجار نقله بنفسه على نفقته الخاصة بعد أن باع بعض ممتلكاته وسافر لإحضار جثمانه لدفنه فى مصر!!


من كتاب «ذكريات ومذكرات»
 

إقرأ أيضاً|«هاتف الروح».. قصة أول جهاز تليفون للتحدث مع الموتى

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة