الآثار المصرية
الآثار المصرية


المقابر المصرية القديمة.. منجم لـ«الذهب والفضة»

محمد طاهر

الخميس، 27 يناير 2022 - 10:03 ص

عرف المصري القديم الذهب والفضة منذ عصر ما قبل الأسرات، فقد عثر على خنجر ذهبي يرجع لعصر نقادة الثانية، وكان يستخرج الذهب من الحصى والرمال الطفلية الناتجة عن تفتت الصخور التي كانت تحتوي على الذهب والتي كسحتها الأمطار إلى بحار للمياه والتي جف معظمها، كما وجد أيضًا في هروق الكوارتز.

وكان الذهب متوفر في الصحراء الشرقية والنوبة والتي يعني اسمها «أرض الذهب»، وتذكر النصوص المصرية القديمة أن الملكة حتشبسوت أرسلت بعثة لبلاد بونت لإحضار الذهب الخام من هناك، وتشير النقوش التي وجدت على غرفة الكنز الخاصة بالملك رمسيس الثالث في مدينة هابو إلى أن المصري القديم حصل على الذهب من ستة مصادر وهي كوش، وادفو، وقفط، وكوم امبو، ومن الجبل، ومن الماء أي الرواسب الوديانية بجداول المياه.

تقول الباحثة الأثرية د. مي شريف العناني مفتشة آثار الدقهلية، أن المقابر المصرية القديمة وخاصة الملكية، ومقابر كبار رجال الدولة قد زخرت بتوفر معدن الذهب والفضة فيها بكثرة والمُشكلة في هيئة تماثيل وتمائم واقنعه للمومياوات وغيرها، وكان يعتقد المصري القديم أن إرتداء هذه التمائم ستدفع عنه الشر، وتمنحه القوة والحماية والحظ السعيد،لذا شُكلت بشكل معبودات ورموز دينية. 

وأطلق على الذهب في النصوص المصرية القديمة اسم «نبو»، وأُطلق على الفضة اسم «حج» وكان للذهب والفضة أهمية دينية كبيرة في مصر القديمة، حيث أنهما من المعادن النفسية التي تتسم بالقدسية وعدم الفناء.

واستخدم المصري القديم الذهب والفضة بشكل كبير، وشكل منه حلي ومجوهرات للزينة، واستخدمه الرجال والنساء، فلقد عثر على مجموعة كبيرة من الحلي الخاصة بالملك بسوسنس الأول من الأسرة الحادية والعشرون في تانيس «صان الحجر» بمحافظة الشرقية، والمعروضة حاليًا بالمتحف المصري، كما أن من ضمن الألقاب الخمسة التي كان يتخذها الملك في مصر القديمة هو لقب «حورس الذهبي».

وتوضح الباحثة الأثرية د. مي شريف العناني مفتشة آثار الدقهلية، أن المصري القديم ربط بين الذهب والشمس، وبين الفضة والقمر، حيث اعتبرهما من المعادن المرتبطة بالبعث والخلود لذا كان يغطي المومياوات بصفائح من الذهب والفضة والإلكتروم حتى يضمن لها الخلود والأبدية، بالإضافة إلى أن هذه المعادن النفيسة ترمز إلى عظام وأجساد المعبودات المصرية القديمة.

كما أن المصري القديم صنع بعض أقراص المرايا من الفضة والتي ترتبط بالقمر، وصنعت أيضًا من الذهب لارتباطها بقرص الشمس وبالتالي تعكس أقراص المرايا المصنوعة من الذهب أو الفضة لمستخدمها ضوء الشمس ونور القمر، حيث ارتبط الذهب بالمعبود رع معبود الشمس حيث ربط المصري القديم بين اللون الأصفر لمعدن الذهب ولمعانه وبين الشمس المانحة للضوء والحرارة والمتمثلة في المعبود رع، لذا فيلاحظ أن المسلات المصرية القديمة كانت أغلبها لها قمه من الذهب وبالتالي عند سقوط أشعة الشمس عليها فتصبح براقة ولامعة وكأن المعبود رع يظهر للناس كل يوم في الصباح من خلال اشعته التي تنتشر على الأرض.

ولفتت د. مي العناني إلى أن الذهب عند المصرى القديم ارتبط بالمعبودة حتحور معبودة الحب والجمال والموسيقى، والتي كانت زوجة وأم للشمس في آن واحد، والتي لقبت بالمذهبة مثلما ذكرت في بردية سنوهي، كما أن شهر هاتور المقتبس من اسم حتحور هو شهر الذهب المنثور «أي القمح»، واعتبر المصري القديم أن الشمس والقمر هما عيني المعبود رع وحور، حيث اعتبر ان الشمس هي العين اليسرى المعبود رع، وأن القمر هي العين اليمنى للمعبد حور، أي عيني الكون «الصباح والمساء». 

وتدل توفر هذه المعادن في المقابر المصرية القديمة على المكانة الإجتماعية للشخص المتوفي، فكلما زادت مكانته الإجتماعية كلما زادت استخدام هذه المعادن بكثرة، ونظرًا لأهمية الذهب الكبرى في مصر القديمة فكان يشكل منه اوسمه للشجعان مثل وسام الذبابات الثلاثة، والذي كان يمنح للقادة العسكريين. 

وفي النهاية نستطيع أن نقول أن للذهب والفضة أهمية كبيرة في مصر القديمة حيث ارتبطوا بالخلود والأبدية في مصر القديمة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة