وائل المزيكي
وائل المزيكي


رحل «الأستاذ» بجسده وبقي بروحه وسيرته العطرة 

وائل المزيكي

الخميس، 27 يناير 2022 - 07:30 م

 

حقيقة لم أكتب رثاءً في أحد من قبل، رغم رحيل الكثير من الأهل والأصدقاء على مدار عمري وحزني الكبير لفقدانهم، إلا أنني اليوم أجد نفسي أحتاج إلى متنفس لي ليخرجني من حالة الحزن على فقيد الصحافة المصرية ومؤسسة أخبار اليوم «الأستاذ» الكاتب الصحفي وصاحب المدرسة الصحفية المتميزة في عصرنا الحديث الأستاذ ياسر رزق.

عرفته بشوش الوجه طيب القلب محب للجميع الصغير والكبير خدوم بطبعه لأي شخص يحتاجه يبادر بتقديم يد العون للجميع من يعرفه ومن لا يعرفه.. رأيت سيرته العطرة في المشيعين لجنازته إلى مثواه الأخير.

عرفته لأول مرة قبل أن التحق بجريدة الأخبار، عندما تقدمت للحصول على عضوية نقابة الصحفيين وكان وقتها عضو لجنة القيد والأستاذ جمال فهمي، برئاسة الأستاذ الراحل إبراهيم حجازي الذي توفي منذ أيام قليلة أيضاً.

عرفته عن قرب وأنا في قسم التصحيح والمراجعة اللغوية قبل 16 عامًا، عندما شرفت بالالتحاق بمؤسسة أخبار اليوم.. وقتها كان نائب رئيس تحرير الأخبار ومحرر رئاسة الجمهورية.. كان يتمتع بملكات ومهارات فريدة يجذبك إليه بمهارته الصحفية.. يهتم بأدق التفاصيل كان يأتي بنفسه إلى قسم المراجعة اللغوية ليصحح كلمات مكتوبة في غير موقعها أو إعرابها خطأ.. كان دقيق في كل كلمة يكتبها ويوظف كلمات اللغة العربية بمهارة وحرفية تعبر عن ما يريد الحديث عنه.

شاهدته في فترة ثورة 25 يناير، كان يأتي إلى صالة التحرير بالأخبار ويستمر في متابعة لكل صغيرة وكبيرة ولا يخرج من الصالة إلا مع وصول الجريدة إلى المطبعة.. لم يكن ينزل التليفون من أذنه يبحث عن السبق والانفراد والمعلومة المدققة وانعكس هذا على مبيعات الأخبار التي حققت طفرة غير مسبوقة.

كنت أراه في عيون مصادري الصحفية بعد أن انتقلت إلى بوابة أخبار اليوم في بداية تأسيسها، فلم أتعامل مع أي مصدر أو مسئول إلا ويسألني عن «الأستاذ».. أنت مع أستاذ ياسر.. عامل إيه سلملي عليه.

كتاباته الصحفية ومقالاته كان الكل ينتظرها.. الناس في الشارع كانت تنتظر مقاله لمعرفة ما يجري في مصر وخارجها ومعنى أن ياسر رزق تحدث عن هذا الموضوع وهذا رأيه فيه، فإن رأيه هو الذي سيحدث لأن القاصي والداني يعرف علاقات «ياسر» القوية مع صناع القرار بحكم خبرته ومهارته ومهنيته التي كما قلت تجعل أي شخص يعرفه ينجذب إليه ويكون صديقا له قبل أن يكون مصدره.

شاهدته في أحد مؤتمرات الرئاسة كنت بجواره في إحدى الجلسات ورأيته وهو يخرج مذكرة من جيبه صغيرة ليدون ما يقوله الرئيس السيسي، وفي اليوم الثاني قرأت مقاله في الأخبار يعرض فيه شرحا وافيا وقراءة تحليلة لكل ما قاله الرئيس السيسي في المؤتمر وانعكاسات ذلك داخليا وخارجيا.. لم يكن مثل باقي الحضور مستمع فقط.

أحد الأصدقاء يعمل بقطاع السياحة ذكر لي واقعة حدثت معه فقد كان عائدًا من إحدى الدول الأوروبية والتقى «الأستاذ» ياسر رزق على الطائرة مصادفة كان بجواره في مقعد الطائرة.. بعد التعارف والترحاب أخذ يطرح عليه الأسئلة عن السياحة والوضع السياحي داخليا وخارجيا وعندما بدأ صديقنا في الحديث أخرج «الأستاذ» من جيبه ورقة وقلم وأخذ يدون ما يقوله الرجل عن السياحة ووضعها وما هي عليه.. انتهى الحديث ووصلت الطائرة إلى أرض المطار وافترقا ليفاجأ بعدها هذا الرجل بيومين، بمقال على صفحة كاملة بصحيفة الأخبار يطرح فيه «الأستاذ» أوجاع وآلام قطاع السياحة والحلول المقترحة، كما أنه لو كان صحفيًا متخصصًا في مجال السياحة لمدة 30 عامًا.. «حقاً كان الأستاذ ياسر رزق صحفياً حتى النخاع».

رحم الله الأستاذ والمعلم.. رمز الصحافة الحقيقية في العصر الحديث «ياسر رزق».

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة