مايكروسوفت تخطط لإنشاء ألعاب ميتافيرس
مايكروسوفت تخطط لإنشاء ألعاب ميتافيرس


وسط سيطرة عمالقة التكنولوجيا| «ميتافيرس».. حروب العالم الافتراضى القادمة

آخر ساعة

السبت، 29 يناير 2022 - 01:44 م

دينا توفيق

يكافح العالم لتحرير نفسه من براثن جائحة عالمية؛ انقضت عليه منذ أكثر من عامين ولايزال يعافر لفك أسره منها.. فيروس أنهكه صحيًا وكبّله اجتماعيًا وكبَّده خسائر فادحة اقتصاديًا.. وفى ظل انشغال العالم بمحنته، نفذ عمالقة التكنولوجيا مخططهم وأحكموا قبضتهم على شبكة الإنترنت والهيمنة على البنية التحتية لكابلاتها.. اكتسبت أربع من شركات التكنولوجيا الكبرى قوة غير مسبوقة فى امتلاك 95% من الإنترنت عالميًا، فيما بدأت تشتعل معركة المليارديرات على الميتافيرس metaverse، ومع تعالى التحذيرات من مخاطر الأوبئة القادمة، وضرورة الاستعداد لها، من الواضح أن العالم الافتراضى سيفرض نفسه أكثر فى غضون السنوات القليلة المقبلة.

قد يبدو القول إن شركات التكنولوجيا الكبرى تتحكم فى البشرية عن طريق الإنترنت مبالغة، حتى أصبحت حقيقة، وفقًا لصحيفة اوول ستريت جورنالب الأمريكية. اليوم ومن خلال هذه الخدمة هناك الكثير من الأعمال التى يمكن القيام بها، إذا لم يكن كل شيء نحتاجه فى حياتنا من شراء السلع والعمل وحضور المؤتمرات والحفلات. ولكن كل هذا يتطلب شبكة عملاقة وسريعة النمو من الروابط المادية. امتلكت شركات التكنولوجيا الكبرى كابلات الألياف الضوئية، التى تحمل 95% من حركة الإنترنت الدولية، المرتبطة بكل مراكز البيانات تقريبًا فى العالم. وحتى وقت قريب، كانت الغالبية العظمى من الكابلات المثبتة تحت سطح البحر تخضع لسيطرة واستخدام شركات الاتصالات والحكومات، إلا أن اليوم لم يعد الأمر كذلك. وفى أقل من عقد، أصبحت كلٌ من شركة ميكروسوفت وميتا افيسبوك سابقًاب وأمازون وألفابيت، المستخدمين الرئيسيين لسعة الكابلات البحرية والمسيطرين عليها.

 

قبل عام 2012، كانت حصة السوق العالمية من سعة الألياف الضوئية البحرية التى تستخدمها هذه الشركات أقل من 10%، واليوم بلغت نحو 66%. ووفقًا للمحللين وتقرير شركة الاستشارات الرائدة اتيليجيوجرافب السنوى عن البنية التحتية للكابلات البحرية، فإن هؤلاء الأربعة سيكونون الممولين الرئيسيين والمالكين لشبكة كابلات الإنترنت بحلول عام 2024، ومن المتوقع أن يسيطروا على أكثر من 30 كابلًا بحريًا طويل المدى، يصل طول كلٍ منها إلى آلاف الأميال، وتربط جميع القارات حول العالم باستثناء القارة القطبية الجنوبية. بعد أن كانت شركة جوجل الوحيدة التى تمتلك عام 2010 كابلا واحدا فقط يُعرف باسم كابل Unity  ويربط بين اليابان والولايات المتحدة، الآن تعد جوجل المالك الوحيد لثلاثة كابلات بحرية مختلفة بين شركات التكنولوجيا الكبرى، وتتوقع شركة اتيليجيوجرافب أن يصل العدد الإجمالى إلى ستة بحلول 2023. ويمكن أن تكلف الكابلات البحرية مئات الملايين من الدولارات لكلٍ منها، ويتطلب تركيبها وصيانتها أسطولًا صغيرًا من سفن المسح وأخرى لمد الكابلات المتخصصة التى تنشر جميع أنواع التقنيات تحت قاع المحيط. 

 

على سبيل المثال، تم الانتهاء من كابل امارياب، الذى يمتد حوالى 4100 ميل من شاطئ فرجينيا فى ولاية فيرجينيا الأمريكية، حتى بلباو على الساحل الشمالى لإسبانيا. وفى عام 2017، كان مملوكا جزئيًا لشركة ميكروسوفت وميتا وتيلكسيوس، وهى شركات تابعة لشركة تليفونكو للاتصالات الإسبانية. وفى عام 2019، أعلنت تيلكسيوس توقيع أمازون عقدًا لاستخدام واحد من ثمانية أزواج من خيوط الألياف البصرية فى كابلها. من الناحية النظرية، يمثل هذا ثُمن سعة 200 تيرابايت فى الثانية، وهو ما يكفى لبث ملايين الأفلام عالية الدقة فى وقت واحد. فيما قال نائب رئيس تيلكسيوس اكيفين سلفادوريب، إن شركة ميتا تعمل مع شركاء عالميين ومحليين فى جميع الكابلات البحرية، وكذلك مع شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى مثل ميكروسوفت. تتيح مشاركة النطاق الترددى بين المنافسين للشركات حجز المزيد من سعة الكابلات، وذلك من أجل الحفاظ على تشغيل الإنترنت فى العالم عند قطع الكابلات أو تلفها. وفقًا للجنة الدولية لحماية الكابلات، وهى منظمة غير ربحية، يحدث هذا حوالى 200 مرة فى السنة، ويعد إصلاح الكابل التالف مهمة شاقة تتطلب نفس السفن التى وضعت الكابل ويمكن أن تستغرق هذه العملية أسابيع. كما يمكنهم تقديم خدمات بتكاليف غير مسبوقة، لذلك علينا أن نتخيل أن هذا الاستثمار سيجعلهم فى النهاية أكثر سيطرة فى صناعتهم.

 

وبالفعل بدأت ميكروسوفت باستغلال قدراتها فى السيطرة على كابلات الإنترنت لتطوير خدماتها ومنافسة شركات متخصصة فى ألعاب الفيديو، مثل شركة سونى اليابانية العملاقة للتكنولوجيا، التى تراجعت أسهمها فى بورصة طوكيو فور إعلان ميكروسوفت عن صفقتها الجديدة. وربما يصل الأمر إلى شراء حصصهم وإزاحتهم من الطريق لتظل هى المسيطر الأول والأخير على هذا السوق، الذى زاد نشاطه أثناء فترة الإغلاق مع تفشى فيروس اكوفيد-19ب. وخلال الأيام القليلة الماضية، أعلنت ميكروسوفت إنفاقها ما يقرب من 70 مليار دولار لشراء عملاق ألعاب الفيديو أكتيفيجن بليزارد.

سيرى بعض الأشخاص هذه الخطوة على أنها مجرد تصعيد آخر فى حروب وحدة التحكم، على وجه التحديد، حرب ميكروسوفت (صانعي Xbox) مع سونى (صانعى Playstation) وفى الواقع، إنه أكبر، فهو تحدٍ لمنافسة ميكروسوفت كلًا من آبل وجوجل وفيسبوك والشركة الصينية القابضة تينسنت، فإن الأمر يتعلق بـاميتافيرسب - وهى حقيقة أقرت بها ميكروسوفت بشكل أو بآخر فى بيانها الصحفى الذى أعلنت فيه عن الصفقة. وقالت إن الاستحواذ سيوفر االلبنات الأساسية للميتافيرسب، وفقًا لمجلة اذا نيشنب الأمريكية. إن الميتافيرس هى الكلمة الطنانة الحالية فى صناعة التكنولوجيا المرتبطة بمفهوم الفضاء الافتراضى حيث يتواجد الأشخاص ويتفاعلون من خلال الصور الرمزية التى تمثل ذواتهم الحقيقية. يُزعم أن الأشخاص داخل الفضاء الافتراضى أحرار فى أن يكونوا ما يريدون على عكس ما هم عليه. يتم بيعها أحيانًا كواقع افتراضى أو بديل حيث يحصل الأشخاص على فرصة ثانية ليكونوا أبطال قصصهم الخاصة؛ كما يتم بيعها كواقع معزز حيث يقوم الأشخاص بأشياء يومية مثل التسوق لمحلات البقالة وحضور اجتماعات العمل من أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم. هذا هو باختصار الميتافيرس، مساحة على الإنترنت حيث يمكن للتقنيين أن يبيعوا لك يختًا رقميًا حتى يتمكنوا من شراء يخت آخر فى العالم الحقيقي.

 

وتكمن المشكلة التى تعيق مسار الميتافيرس فى الوقت الحالى فى أن عمالقة التكنولوجيا لم يتمكنوا من إنشاء مساحة افتراضية أفضل من العالم الحقيقي، على الرغم من الفرصة التى أوجدتها الجائحة والحجر الصحى إلا أنه اختار الكثيرون من البشر أن يظلوا على طبيعتهم الحقيقية بدلاً من التمثيل الرقمي، وخلال العام الماضى علمنا مدى خطورة سيطرة حفنة من الناس على عوالمنا الرقمية؛ بعد أن أظهرت آلاف المستندات الداخلية للفيسبوك التى تم الإبلاغ عنها من قبل اتحاد مكون من 17 مؤسسة إخبارية أمريكية، كيف تجاهل التنفيذيون مرارًا وتكرارًا الأبحاث التى تظهر أن المنصة تسبب ضررًا اجتماعيًا، وعلى ما يبدو تدور رحى معركة معقدة للسيطرة على عالم مستقبلى لا يفهمه سوى القليل من الناس، ولكن هذا قد يشكل حياتنا فى السنوات القادمة، فى حين أن الميتافيرس يمكن أن يظهر على أنه استثمارات ضخمة، وتقنيات جديدة تجلب نسخة أكثر تطورًا فى متناول اليد.. الأسئلة الحقيقية التى نواجهها، من سيتحكم فيه؟ ومن مالكه؟ هل سيكون فى يد هؤلاء النخبة من عمالقة التكنولوجيا أم سيكون للحكومات دور فى إدارته؟


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة