إيمان أنور
إيمان أنور


مصرية أنا

السكون!

إيمان أنور

الأحد، 30 يناير 2022 - 07:46 م

فى اللحظات التى لا نستطيع فيها السكوت تكون تماما هى اللحظات التى نحتاج فيها إلى السكوت!. ومن أصعب الأشياء على الإنسان أن يسكت فى هذه اللحظات بالذات.. أو بالأحرى بتنقيص نقطة واحدة أن يسكن فى هذه اللحظات.. والسكوت ليست حالة انقطاع الكلام بل هو الصوت الحقيقى للوجود أما الكلام هو الاستثناء.. فالسكون هو أصل الأشياء. فقد خرجنا من السكون وسنعود إلى السكون ويسكننا السكون. و إذا تساءلنا عن ما أقوى من الكلام؟ فتكون الإجابة البديهية: الفعل.. فنسأل مرة أخرى: وما أقوى من الفعل؟ وهنا تكون الإجابة: الصمت الذى لا نعرف حجم قيمته.. لأننا نظن أنه غياب الكلام.. أو أنه اللاشىء. هكذا يخيل إلينا. ونحن الآن نعيش فى عصر مصاب بتخمة الضجة و الثرثرة و اللغو و التلوك بالحديث و النميمة...  ثم فى ليلة هادئة نراقب فيها النجوم نتذكر قوة السكون العجيبة. ونعرف فى تلك اللحظات أن الصمت ليس انقطاع الصوت بل هو حالة متكاملة وحاضرة تماما. فالصمت هو الهدوء الذى يحيط بنا أبديا. هو السكون العميق الذى يحيط بهذا الكوكب وبكل الكواكب. الصمت هو صوت الوجود الأبدى حتى عندما لا نقّدر سحر حضوره العجيب. الصمت ليس ساكتا كما نظن.. بل له حضوره المهيمن. ولذلك قالت العرب: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب. والقرآن الكريم يعطينا نماذج بديعة عن الصمت عندما طلب زكريا من الله آية: «قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا». ونلاحظ هنا كيف أن صمته ليس سكوتا عن الحق بل امتثال للحق وترفع عن الجدل والدفاع عن النفس. لا يشرح أو يعلل الوضع للبشر الذين لا يملكون من أمرهم شيئا. وفى هذا مغزى كبير لا ننتبه له.. لأننا نقضى كثيرا من أوقاتنا وطاقاتنا نحاول أن نشرح لبشر آخرين أنفسنا. نعظمهم ونريد استخراج الرضا والقبول منهم..


 والآن عزيزى القارئ.. هل يمكن أن تدخل إلى غرفة وتجد فيها مناقشة حامية تمشى بعكس ما تؤمن به وتبقى صامتا؟.. هل يمكن أن يؤذيك أحد بكلام جارح وتظل ساكتا وساكنا؟ هل يمكن أن تسمع شيئا وتظل ساكنا و بدون تعابير تعكس رد فعل بعينه؟ أو كما قال الحكيم الصينى لاوتسه: هل يمكن أن تبقى ساكنا حتى يستقر الطين فى القعر ويظهر الماء النقى؟!.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة