الإثنين، 31 يناير 2022 - 12:21 م

يرتدي البشر الدروع منذ آلاف السنين، وقامت القبائل القديمة بتثبيت جلود الحيوانات والمواد النباتية حول أجسادهم عندما خرجوا في الصيد، وقام المحاربون في روما القديمة وأوروبا في العصور الوسطى بتغطية جذوعهم بألواح معدنية قبل الدخول في المعركة، وبمرور السنين، أصبحت الدروع في العالم الغربي متطورة للغاية فمع الدرع المناسب فإن الإصابات تكون قليلة تقريبا.

ومع تطور الأسلحة فإن المقذوفات تنطلق بسرعة عالية، مما يمنحها طاقة كافية لاختراق طبقات رقيقة من المعدن. ويمكنك زيادة سمك مواد الدروع التقليدية، لكنها سرعان ما تصبح مرهقة وثقيلة للغاية بحيث يتعذر على الشخص ارتدائها، ولم يكن حتى الستينيات من القرن الماضي عندما طور المهندسون درعًا موثوقًا مقاومًا للرصاص يمكن لأي شخص ارتدائه بشكل مريح. على عكس الدروع التقليدية، فإن هذا الدرع الناعم للجسم ليس مصنوعًا من قطع معدنية بل يتكون من ألياف منسوجة متطورة يمكن خياطتها في سترات وغيرها من الملابس الناعمة.

أما درع الجسم الصلب، المصنوع من السيراميك السميك أو الصفائح المعدنية ، يعمل بشكل أساسي بنفس الطريقة التي يعمل بها البدلات الحديدية التي يرتديها فرسان العصور الوسطى ومن الصعب بدرجة كافية أن تنحرف رصاصة أو سلاح آخر، أي أن مادة الدروع تدفع الرصاصة بنفس القوة التي تنطلق بها الرصاصة، وبالتالي لا يتم اختراق الدرع.

وعادةً ما توفر الدروع الواقية للبدن حماية وقد يرتدي ضباط الشرطة والعسكريون هذا النوع من الحماية عندما يكون هناك خطر كبير من التعرض للهجوم ، ولكن بالنسبة للاستخدام اليومي، فإنهم يرتدون عمومًا دروعًا ناعمة للجسم، وحماية مرنة يرتدونها مثل القميص أو السترة العادية.

سيراميك؟

لماذا تصنع الدروع الواقية للبدن من ألواح السيراميك؟ بلاط الحمام مصنوع من السيراميك وهو هش للغاية فما الفائدة من تصنيعه من هذه المادة ؟

اتضح أن هناك الآلاف من المواد المختلفة المصنفة على أنها سيراميك ويسمى السيراميك المستخدم في الدروع الواقية للبدن الألومينا «الياقوت»، مع الصيغة الكيميائية Al2O3 حيث أن الياقوت مصنوع من الألومينا ، والياقوت مادة قوية جدًا ويمكنك أيضًا العثور على ألواح صلبة مصنوعة من بلاستيك البولي إيثيلين. إنه أكثر سمكًا من السيراميك وليس بنفس القوة ، ولكنه أخف.

وتعتبر الدروع الواقية من الرصاص مفهومًا محيرًا إلى حد ما: كيف يمكن لقطعة من الملابس الناعمة أن توقف الرصاص؟ المبدأ في العمل هو في الواقع بسيط للغاية. في جوهرها ، قطعة من المواد المضادة للرصاص هي مجرد شبكة قوية جدًا.

لترى كيف يعمل هذا، فكر في هدف كرة القدم. يتكون الجزء الخلفي من المرمى من شبكة مكونة من عدة أطوال طويلة من الحبل، متشابكة مع بعضها البعض ومثبتة في إطار المرمى. وعندما تركل كرة القدم في المرمى ، فإن الكرة لديها قدر معين من الطاقة، وعندما تصطدم الكرة بالشبكة ، فإنها تدفع للخلف خطوط الحبل عند تلك النقطة بالذات. ويمتد كل حبل من جانب واحد من الإطار إلى الجانب الآخر، مما يؤدي إلى تشتيت الطاقة من نقطة التأثير على مساحة واسعة.

ويتم تشتيت الطاقة بشكل أكبر لأن الحبال متشابكة وعندما تضغط الكرة على طول أفقي من الحبل، فإن هذا الحبل يسحب كل حبل رأسي متشابك وهذه الحبال بدورها تسحب كل الحبال الأفقية المتصلة وبهذه الطريقة، تعمل الشبكة بأكملها على امتصاص طاقة القصور الذاتي للكرة، بغض النظر عن مكان اصطدام الكرة.

وإذا قمنا بتحليل قطعة من مادة مضادة للرصاص فسنرى هيكلًا مشابهًا. بحيث تتشابك خيوط طويلة من الألياف لتشكل شبكة كثيفة. وبالطبع الرصاصة تتحرك أسرع بكثير من كرة القدم ، لذا يجب أن تكون الشبكة مصنوعة من مادة أقوى وأشهر المواد المستخدمة في الدروع الواقية للبدن هي ألياف KEVLAR خفيف الوزن ، مثل ألياف الملابس التقليدية، لكنه أقوى بخمس مرات من قطعة فولاذية من نفس الوزن. وعندما تتشابك في شبكة كثيفة، يمكن لهذه المادة أن تمتص كمية كبيرة من الطاقة. بالإضافة إلى منع الرصاصة من الوصول إلى الجسم، ويجب أن تحمي قطعة من الدرع الواقي من الصدمات الحادة التي تسببها قوة الرصاصة.

ما هو الكيفلار ؟

الكيفلار هو الألياف الأكثر شيوعًا والمستخدمة في صناعة الدروع الواقية للبدن، ولكن هناك مواد أخرى قيد التطوير.

ويُطلق على الألياف البديلة الأكثر توفرًا اسم Vectran، وهي أقوى بمرتين تقريبًا من ألياف Kevlar. وأقوى من الفولاذ بـ5 إلى 10 مرات.

الألياف الأخرى سريعة الظهور هي حرير العنكبوت. حيث تم تحليل هندسة خيوط العنكبوت وراثيًا لإنتاج المكونات الكيميائية لحرير العنكبوت، وتسمى المادة الناتجة Biosteel. ويمكن أن تكون خصلة من  أقوى حتى 20 مرة من خصلة مكافئة من الفولاذ.

وعندما تسدد كرة في مرمى كرة قدم ، يتم دفع الشبكة للخلف بعيدًا جدًا، مما يؤدي إلى إبطاء الكرة تدريجيًا. هذا تصميم فعال للغاية لهدف لأنه يمنع الكرة من الارتداد إلى داخل الملعب. لكن المواد المضادة للرصاص لا يمكن أن تعطي هذا القدر لأن السترة ستدفع بعيدًا جدًا في جسم مرتديها عند نقطة التأثير. ويمكن أن يتسبب تركيز الصدمة الحادة الناتجة عن الصدمة في منطقة صغيرة في حدوث إصابات داخلية خطيرة.

حيث يجب أن تنشر السترات الواقية من الرصاص الصدمة الحادة على السترة بأكملها حتى لا يتم الشعور بالقوة بشدة في أي مكان واحد. للقيام بذلك ، ويجب أن يكون للمادة المضادة للرصاص نسيج ضيق للغاية. عادةً ما تكون الألياف الفردية ملتوية، مما يزيد من كثافتها وسمكها في كل نقطة. لجعلها أكثر صلابة، ويتم طلاء المادة بمادة راتنجية وتقع بين طبقتين من البلاستيك .

سيظل الشخص الذي يرتدي الدروع الواقية للبدن يشعر بقوة تأثير الرصاصة بالطبع، ولكن على الجذع بأكمله بدلاً من منطقة معينة. إذا كان كل شيء يعمل بشكل صحيح، فلن تتعرض الضحية لأذى خطير.

ونظرًا لعدم قدرة طبقة واحدة على التحرك لمسافة جيدة ، يتعين على السترة إبطاء الرصاصة باستخدام طبقات عديدة مختلفة. كل «شبكة» تبطئ الرصاصة أكثر قليلاً، حتى تتوقف الرصاصة في النهاية. وتتسبب المادة أيضًا في تشوه الرصاصة عند نقطة التأثير. في الأساس، وتنتشر الرصاصة عند الحافة ، بنفس الطريقة التي تنتشر بها قطعة من الطين إذا رميتها على الحائط. هذه العملية، التي تقلل من طاقة الرصاصة، تسمى «التكاثر».

ولا توجد سترة واقية من الرصاص لا يمكن اختراقها تمامًا ، ولا توجد قطعة من الدروع الواقية للبدن تجعلك غير معرض للهجوم. وهناك بالفعل مجموعة واسعة من الدروع الواقية للبدن المتاحة اليوم، وأنواعها تختلف اختلافًا كبيرًا في الفعالية.

وفي الولايات المتحدة، تم اعتماد مستويات الدروع الواقية للبدن من قبل المعهد الوطني للعدالة (NIJ) ، وهو وكالة تابعة لوزارة العدل الأمريكية. المستويات هي I و II-A و II و III-A و III و IV. بناءً على الاختبارات المعملية المكثفة، ويصنف الباحثون أي تصميم جديد للدروع الواقية للبدن في واحدة من سبع فئات: توفر الدروع الواقية للبدن من الفئة الأولى أدنى مستوى من الحماية ، وتقدم الفئة الرابعة أعلى مستوى. غالبًا ما يتم وصف فئات الدروع الواقية للبدن بنوع الأسلحة التي تحمي ضدها. ولا يمكن الاعتماد على الدروع الواقية للبدن ذات المستوى الأدنى إلا للحماية من الرصاص من عيار صغير نسبيًا(قطر الرصاصة) ، والتي تميل إلى أن تكون أقل قوة على التأثير ويمكن لبعض الدروع الواقية للبدن عالية الجودة أن تحمي من نيران البنادق القوية. الفئات من 1 إلى III-A ناعمة ويمكن إخفاؤها. النوع الثالث هو أول من يستخدم ألواح صلبة أو شبه صلبة.

وبشكل عام ، توفر الدروع التي تحتوي على طبقات أكثر من المواد المضادة للرصاص حماية أكبر. مع بعض السترات الواقية من الرصاص ويمكنك إضافة طبقات. ولعل أحد التصميمات الشائعة هو تصميم الجيوب داخل أو خارج السترة. عندما تحتاج إلى حماية إضافية ، أدخل الألواح المعدنية أو الخزفية في الجيوب. وعندما لا تحتاج إلى قدر كبير من الحماية ، يمكنك ارتداء السترة مثل الدروع الناعمة العادية.

ولتحديد مدى فعالية تصميم درع معين ، يقوم الباحثون بإطلاق النار عليه بكل أنواع الرصاصات ، في جميع أنواع الزوايا والمسافات.ولكي تعتبر قطعة من الدروع فعالة ضد سلاح معين في نطاق معين، يجب أن توقف الرصاصة دون التسبب في صدمة حادة خطيرة. وحدد الباحثون الصدمة الحادة عن طريق صب طبقة من الطين داخل الدرع. إذا تم تشويه الطين أكثر من كمية معينة عند نقطة التأثير، فإن الدرع يعتبر غير فعال ضد هذا السلاح.

وقد يبدو غريباً أن يرتدي ضابط الشرطة الدروع الواقية للبدن من الفئة الأولى ، والتي ستوقف فقط الرصاص من العيار الصغير نسبيًا، وعندما يكون لديهم حماية فائقة من الدروع ذات التصنيف الأعلى لابد أن يكون هناك سببا وجيها للغاية لهذا القرار. وعادةً ما يكون الدروع ذات التصنيف الأعلى أثقل بكثير وأثقل من الدروع الأقل مرتبة ، مما يؤدي إلى العديد من المشكلات أهمها :

- التقليل من المرونة والراحة في الدروع الضخمة ، مما يعيق عمل الشرطة بحيث لا يمكنك مطاردة مجرم جيدًا عندما تحمل وزنًا كبيرًا .

- قد يزيد الدروع الأثقل من فرص إصابة الضابط بجروح خطيرة وسيكون المهاجم أكثر وعيًا بوجود سترة مدرعة ثقيلة أكثر من سترة رقيقة مخفية ، وبالتالي قد يستهدف جزءًا غير مُدَرَّع من الجسم، مثل الرأس.

-عدم الراحة من الدروع الثقيلة يزيد من احتمالية عدم ارتداء الضابط أي حماية على الإطلاق وتحرص أقسام الشرطة بشدة على اختيار السترات الواقية من الرصاص المريحة نسبيًا من أجل تشجيع الضباط على ارتدائها بالفعل.

ومن المؤكد أن تتحسن فعالية الدروع  في المستقبل حيث تقوم شركات التكنولوجيا بتطوير مواد أقوى وأخف وزناً.ونحن بالتأكيد بعيدين عن الدروع التي لا يمكن اختراقها. ولكن في غضون السنوات القادمة ، ستمنح الدروع المتقدمة ضباط الشرطة مستوى أكبر من الحماية وسنرى أيضًا زيادة في الدروع الواقية للبدن المدنية في السنوات المقبلة. فهناك سوق متنامي باستمرار للدروع الواقية للبدن المريحة والناعمة التي يمكن ارتداؤها تحت الملابس، أو حتى يمكن ارتداؤها كسترة خارجية. مع تزايد عنف السلاح ، حيث يشعر العديد من المواطنين في بعض الدول التي تشهد صراعات أنهم يسيرون في ساحة المعركة كل يوم ، ويريدون ارتداء الدورع الواقية وفقًا لذلك.