حمادة إمام يكتب: من مذكرات سجين جنائى
17 جلسة قضائية تكشف كيف سرق الإخوان ثورة يناير
حمادة إمام يكتب: من مذكرات سجين جنائى
الثلاثاء، 01 فبراير 2022 - 06:17 م
فى الذكرى الـ 11 لثورة 25 يناير صدر كتاب جديد للزميل حمادة إمام مدير تحرير جريدة الشروق تحت عنوان «مذكرات سجين جنائى»
يكشف فيه بالمستندات كيف سرق الإخوان ثورة يناير والأيام التى سبقت عملية هروبهم من سجن وادى النطرون الكاتب فى الكتاب يقدم شهادة ورؤية مختلفة عن يناير حيث يوثقها من وجهة نظر السجناء الجنائيين حيث يؤكد الكاتب فى مقدمة كتابه، ليست المرة الأولى التى يكتب عن ثورة 25 يناير2011 ولن تكون الأخيرة.
ولكن هذه المرة الكتابة مختلفة عن سابقاتها لأنها المرة الأولى التى يكتب عن الحدث من اعترافات سجين جنائى!!
فعشرات بل مئات سبقوا وكتبوا وآخرون سوف يحاولون الكتابة فى 25يناير ليس حدثا عاديا ولابد من فحصه من كل جوانبه لكن كل ما كتب عن الثورة كان من ممارسى السياسية بعضهم كان فى موقع المسؤولية والبعض الآخر كان جزءا من الحدث نفسه لعب فيها دور البطولة أو شارك بدور ثانوى أو كان أحدهم لكن أن يكتب عن 25يناير من وجهة نظر سجين جنائى فهذا هو الجديد والسير عكس الاتجاه والقفز على كافة السواتر المالوفة والمعتادة وتخطى حدود المعقول!!
مذكراتى
فما بين أيدكم ليس مذكرات بالمعنى التقليدى المتعارف عليه فالبطل فيها لم يمارس سياسية ولا اقترب منها ذات يوم وكذلك فهى ليست يوميات سجين قادته اراؤه وافكاره لخلف القضبان ولكنه سجين بتعريفه التقليدى بل هو مسجل خطر سرقات هكذا هو تصنيفه فى الأوراق الرسمية.
شاءت المقادير أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه وان تكون شهادته نقطة تحول فى تاريخ مصر ولن اكون مبالغا احين أقول فى العالم كله فهو فجاة وبلا مقدمات اصبح نواة لحدث التفت حوله دوائر متعددة أمنية وثقافية واجتماعية وكان سببا فى سقوط اقدم جماعة دينية. اتخذت من الدين منطلقا لها وتحولت بمرور الوقت الى اكبر تنظيم دينى فى العالم يشار لها بالبنان ويعامل قادته معاملة الرؤساء والزعماء.
كان القبض عليه بطريق الخطأ الضربة الأولى فى جدار جماعة الإخوان المسلمين وسببا فى سقوط تنظيمها الدولى وكانت عملية اعادة محاكمته لتصحيح الخطأ القانونى هى عملية اعادة كتابة التاريخ مرة أخرى.
اذا كانت المذكرات أو الذكريات أو اليوميات هى بذاتها تقديم للحدث وللمتحدث فإن تقديم التقديم هو لزوم ما يلزم واذا كان التاريخ وفقا لتعريف الاغريق هو «علم البحث عن الاحداث الجديرة بالمعرفة التى وقعت فى الماضى».
والجدير بالمعرفة ان يتعرف القارئ فى البدية على بطل المذكرات من هو؟ ولماذا اقترب من الحدث؟ وكيف اقترب؟
فالبطل هنا مجرد رقم ضمن ملايين الأرقام فى سجلات وزارة الداخلية كمسجل خطر اسمه بالكامل السيد عطية محمد عطية.
مجرد مجرم
حتى عندما تصدر المشهد كان مجرد رقم فى قضية حملت رقم 338 لسنة 2013 جنح مستأنف الإسماعيلية والمقيدة برقم 6302 لسنة 2012 جنح ثالث الإسماعيلية التى عرفت اعلاميا بقضية الهروب من السجون وقت ثورة 25يناير2011.
قدمته النيابة وآخرون وعددهم مائتى ثلاثة وثلاثون متهما بإنهم فى غضون شهر يناير2011 بدائرة محافظة الإسماعيلية هربوا حال إيداعهم السجون المصرية وكان محكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية.
على سند ما أبلغ به مأمور الضبط القضائى أن المتهم تم ضبطه بمنطقة القنطرة شرق التابعة لمحافظة الإسماعيلية عقب هروبه من سجن وادى النطرون.
القضية تداولت امام محكمة اول درجة مثل خلالها المتهم بشخصه ومعه محاميه ولم يحضر باقى المتهمين وقضت المحكمة حضوريا قبل المتهم الماثل وغيابيا لباقى المتهمين حبس كل متهم ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ.
فطعن عليه استئنافيا وتداولت القضية بالجلسات امام المحكمة على النحو المبين بمحاضرها مثل فيها المتهم بشخصه ومعه محاميه وبسؤاله عن التهمة المسندة اليه انكرها وبمطالعة اوارق الدعوى استدلالا وتحقيقا تبين للمحكمة ان المتهمين جميعا حال استجوابهم قرروا أن اشخاصا قد اقتحموا السجن عليهم مطلقين أعيرة نارية مهددين إياهم لإجبارهم على الفرار من السجن.
وقامت المحكمة باستدعاء مأمور سجن وادى النطرون وقت ثورة 25يناير2011 لسماع اقواله، وكشف للمحكمة ان المتهم الماثل ليس المتهم الحقيقى وان المتهم الحقيقى صدر له عفواً رئاسياً فى 4 أكتوبر2012 برقم 218 لسنة 2012 وقدم للمحكمة شهادة بتحركات المتهم الحقيقى داخل السجن.
شهور اثبات
واستمعت المحكمة الى ستة وعشرين شاهدا من قيادات وزارة الداخلية والمسؤلين اثناء الاحداث وجاءت أولى المفاجآت عند شهادة مأمور سجن وادى النطرون بان المتهم الماثل امام المحكمة ليس المتهم الحقيقى.
مما دعا المحكمة فى تحقيق أدلة الدعوى لظهور الحقيقة ان تستمع الى شهادة اى شخص لكشفها وقد استمعت المحكمة على مدار(17) جلسة الى العديد من الشهود المذكور وطوال الجلسات الـ17 كان القاسم المشترك فى حضورها هو السيد عطية محمد عطية التى كانت ذاكرته تحرف ماتسمعه أذنه وتراها عينه من اقوال شخصيات بعضها ترك موقعه الأمنى وانتقل لموقع آخر والبعض خرج للمعاش وفضل الانزواء بعيدا عن مناكفة ومطاردة الجماعة له.
وتكشف المحكمة من خلال الاستماع للشهود ومشاهدة الاسطوانات المدمجة المقدمة من هيئة الدفاع وكذلك المستندات ان حقيقة الواقعة المنظورة أمامها هروب السجناء، الذى كان مصحوبا بالقوة والاقتحام باشتراك عناصر اجنبية مع تنظيمات متطرفة من الجماعات الجهادية والتكفيرية والتنظيم الاخوانى وبعض أصحاب الأنشطة الاجرامية.
وتبين وجود مخطط لواقعة هروب المسجونين اثناء الثورة من السجون المصرية قام بتنفيذه عناصر أجنبية.
بالاتفاق والاشتراك مع العناصر الاجرامية داخل البلاد من البدو والتنظيمات الجهادية والسلفية والاخوانية لتهريب عناصرهم المسجونين داخل السجون المصرية.
كما تبين أن الهاربين من السجون هم
محمد محمد مرسى العياط وسعد الكتاتنى وصبحى صالح وعصام العريان وحمدى حسن ومحمد ابراهيم وسعد الحسيني ومحى حامد ومحمود أبوزيد ومصطفى الغنيمي وسيد نزيلي وأحمد عبدالرحمن وماجد الزمر وحسن أبوشعيشع وعلى عز ورجب البنا وأيمن حجازي.
والتى تبين لها أن النيابة العامة لم تتخذ ثمة إجراءات أو ثمة توجيه إتهام أو إحالة عن الوقائع بعد مرور عامين ونصف على الأحداث.
إلا أن المحكمة استخدمت حقها فى التبليغ عن تلك الجنايات وطلبت من النيابة العامة ان تأمر بالقبض عليهم!! والمفارقة أن اليوم الذى طلبت المحكمة من النيابة القبض عليهم.
كان هؤلاء هم الحكام الفعلين لمصر فالمتهم الاول كان رئيسا للجمهورية والباقين كانوا ما بين رؤساء لمجلس الشعب أو وزراء أو مستشارين لرئيس الجمهورية والمفارقة الأغرب أنه فى نفس يوم صدور الحكم كان وزير الدفاع فى ذلك الوقت عبدالفتاح السيسى قد أمهل الجميع مهلة سبعة أيام لوضع حد للفوضى التى كانت تسود مصر.
تغيير مسار القصة
كانت بداية تغيير مسار القضية بأكملها فى يناير2012 عندما وقف اللواء عصام أحمد القوصى أمام المستشار خالد المحجوب رئيس جنح مستأنف الاسماعيلية رئيس المحكمة: اسمك وسنك
الشاهد: لواء بالمعاش عصام أحمد على القوصى مأمور ليمان 430 منطقة سجون وادى النطرون سابقا
رئيس المحكمة: ايه معلوماتك عن الواقعة
الشاهد: اثناء عملى مأموراً لليمان شاهدت أعداداً كبيرة من السيارات حضرت الى السجن محملة بأشخاص ملثمين مدججين بالاسلحة وقاموا بإمطار السجن بوابل كثيف من الاعيرة النارية واقتحموا السجن هادمين بواباته باستخدام أداوات هدم (لودارات) بعد ان نفذت ذخيرة قوات التأمين وفقدت قوات التأمين القدرة على المواجهة والمهاجمين للسجن كانوا ملثمين ويتحدثون فيما بينهم بلهجات بدوية أو عربية غريبة شيئا ما عن اللهجة المصرية المعروفة كما انهم كانوا على قدرة عالية من التسليح والتدريب إذ أن هجومهم كان أشبه بالهجوم العسكرى المنظم وكانوا مستهدفين عنابر السجناء السياسيين المعتقلين من الجهاديين وجماعة الاخوان المسلمين فضلا عن تهريبهم السجناء الجنائيين نظر المستشار خالد ناحية قفص الاتهام ونادى على الحرس ان يفتح القفص ليمثل سيد امامه والذى تحرك بخفة ووصل فى ثوان امام رئيس المحكمة والتى سادها الهدوء والصمت المطبق حتى لتكاد تسمع صوت اقدامه.
رئيس المحكمة للشاهد: هو ده المتهم اللى كان مسجون وهرب وقت الاقتحام
الشاهد: لا يا فندم مش هو المتهم الحقيقى صدر له عفو وانه من الوارد أن يحدث خطأ ماديا ناتجا عن تشابه اسماء مما أدى الى زج المتهم الماثل فى هذا الاتهام
وهنا تدخل المحامى فى المنظاهرة بين القاضى والشاهد وطلب من المحكمة
المحكمة
خرجت هيئة المحكمة من غرفة المداولة وتوسط المستشار خالد المحجوب وجلس وكيل النيابة على يمين المنصة فى مكانه واحتبست الانفاس فى صدور اهالى المتهمين وزاغت العيون وتحركت فى اتجاة منصة المحكمة.
رئيس المحكمة:
بعد الإطلاع وسماع المرافعة الشفوية والمداولة قانوناً وحيث أن النيابة العامة قدمت المتهم السيد عطية محمد عطية و 233 آخرين من المتهمين بإنهم فى غضون شهر يناير 2011 بدائرة محافظة الإسماعيلية هربوا من السجون المصرية وكان محكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية وأن المتهم المذكور تم ضبطه بمنطقة القنطرة شرق التابعة لمحافظة الإسماعيلية.
ولما كانت النيابة العامة اسندت إليهم ارتكابه جريمة الهروب من سجن وادى النطرون أثناء الثورة وقدم المتهم دفاعه أمام المحكمة بجلسة 20/1/2013 حجزت المحكمة خلالها الدعوى للحكم بجلسة 27/1/2013 إلا أنه من خلال الإطلاع على الأوراق والتحقيقات والإحاطة بها عن بصر وبصيرة.
تبين أن واقعة الهروب مرتبطة بواقعة اقتحام للسجون من أشخاص مجهولين تسببت فى قتل وإصابة العديد من السجناء الأمر الذى لم تتكون معه عقيدة المحكمة للقضاء فى الأوراق والفصل فى القضية المنظورة فقررت المحكمة:
أولاً: إعادة القضية للمرافعة لاستكمال القصور الذى شاب الأوراق والتحقيقات.
ثانياً: استدعاء شهود الاثبات من قيادات وزارة الداخلية والمسئولين أثناء الأحداث بدأ المستشار خالد المحجوب من 28 يناير 2013 وهو اليوم التالى لإعادة القضية للتحقيق لاستكمال النواقص التى كشفتها طلبات الدفاع عن المتهم وأقوال الشهود والتحقيق بنفسه فى القضية من جديد وكأنها تنظر لأول مرة وقرر أن تكون جلسات مناقشة الشهود سرية حماية لهم.
أنتهاء التحقيق
فى صباح يوم 23 يونيو 2013 كان المستشار خالد محجوب كان قد انتهى من التحقيق فى قضية من جديد وكأن تنظر لأول مرة وعلى مدار 17 جلسة استمع المستشار خالد لأقوال 26 شاهداً من قيادات وزارة الداخلية والمسئولين أثناء الأحداث وحدد يوم 23 يونيو للحكم فى القضية وخرج ليعلن..
بعد الإطلاع وسماع المرافعة الشفوية والمداولة قانوناً وحيث أن النيابة العامة قدمت المتهم السيد عطية محمد عطية و 233 آخرين من المتهمين بإنهم فى غضون شهر يناير 2011 بدائرة محافظة الإسماعيلية هربوا من السجون المصرية وكان محكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية وأن المتهم المذكور تم ضبطه بمنطقة القنطرة شرق التابعة لمحافظة الإسماعيلية عقب هروبه من سجن وادى النطرون.
وتبين للمحكمة أن المتهم الماثل أمامها ليس هو الحقيقى وأن واقعة الهروب مرتبطة بواقعة اقتحام للسجون من أشخاص مجهولين تسببت فى قتل وإصابة العديد من السجناء الأمر الذى لم تتكون معه عقيدة المحكمة للقضاء فى الأوراق والفصل فى القضية المنظورة.
وقررت المحكمة إعادة القضية للمرافعة لاستكمال القصور الذى شاب الأوراق والتحقيقات وتكشف من خلال الاستماع إلى الشهود.
ولما كان نص المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه «لكل من علم بوقوع جريمة، يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأمورى الضبط القضائى عنها «وأن المحكمة طبقاً لذلك تستخدم حقها فى التبليغ عن تلك الجنايات.
(الهاربون من السجون المصرية وشركاؤهم فى ارتكاب الوقائع) وإحضارهم للتحقيق معهم فيما أثير بالأوراق عن إشتراك الأسماء الواردة.
والتى تم ذكرهم من قيادات التنظيم الإخوانى والمعتقلين الهاربين من تنظيمات الجهاد والجماعات التكفيرية والقاعدة والسلفية.
فضلاً عن تكليف وزارة الداخلية بالكشف عن باقى أسماء الأربعة وثلاثين معتقلا من التنظيم الإخوانى والمعتقلين الهاربين أثناء تلك الأحداث وإتخاذ النيابة العامة شئونها بشأن ما أثير بالأوراق.
حتى يكون جميع المواطنين متساوين فى الحقوق والواجبات ولا يفلت جانى من جريمة قام بارتكابها.
تسارعت وتيرة الأحداث فى البلاد. تخطت استمارات حركة تمرد رقم 20 مليون استمارة وتحدد يوم الأحد 30 يونيو موعداً لنزول جموع الشعب إلى الشارع لإسقاط مرسى.