كل استفتاء يجريه الإعلام يدور حول شخصيات بعينها، لكن إحدي  صحفنا الخاصة طرحت الجندي  المصري  في  المطلق بين شخصيات محددة وكانت هذه النتيجة الغريبة، المريبة.. الحملة علي  الجيش الثلاثاء : اتصل بي  صديق من المحاربين القدماء، خاض حروب مصر منذ عام ١٩٥٦، وحتي  ١٩٧٣ في  القوات الخاصة، كان حزينا، غاضبا، سألني  عما إذا كنت قد قرأت الصحيفة الخاصة المملوكة لبعض رجال الاعمال، قلت نعم، سألني  عما إذا كنت طالعت استفتاء العام الذي  أجرته، ثم قال مستنكرا : هل تتصور أن الجندي  المصري  يجيئ بعد علاء عبدالفتاح، قال إن شخصية العام عندهم علاء عبدالفتاح، يليه الجندي  المصري  شخصية اعتبارية، هل وصلنا إلي  زمن يستفتي  المصريون فيه علي  الجندي  المصري،  بفارق خمسة آلاف صوت، بعده أبو تريكة، سألني، أليس الجندي   المصري  في  المطلق أي  منذ الجيش في  مصر الفرعونية مرورا بكل العصور. الجندي  المصري  الذي  يستشهد يوميا الآن في  الحرب ضد الارهاب، ودفاعا عن كيان هذا البلد؟، طلبت منه مهلة لأتفحص الجريدة، لقد قرأت بعض مقالاتها ومنها مقال لأهم ملاكها يكتبه باسم مستعار شن فيه هجوما حادا علي  المثقفين، عدت إلي  الجريدة، تفحصتها بدقة، لم أجد أي  استفتاء، عدت لأتصل بالمحارب القديم، أخبرته بعدم وجود أي  استفتاء، قال لي  : إنه في  الموقع الألكتروني  للجريدة. أعتذرت عن فهمي  المغلوط، أنني  لست من مستخدمي  الإنترنت النشطاء، ليس لدي  فيس بوك أو تويتر أو أي  شيء آخر، كل ما أتقنته اضطرارا البريد الالكتروني  لان المصالح تقضي  من خلاله والبريد الورقي  أصبح من الامور المندثرة، بعد استشارة أصدقاء وزملاء من أخبار الأدب. وصلت إلي  الموقع، وجدت الاستفتاء كالآتي  :  علاء عبدالفتاح   ٨٨٦٢ صوتا.  الجندي  المصري  ٣٦٥٠ صوتا.  محمد أبو تريكة ١٤١٢ صوتا.  باسم يوسف ٩٩٥ صوتا.  المستشار عدلي  منصور ٣٠٨ أصوات.  عصام حجي  ٢٢٦ صوتا.  حسني  مبارك ١٧٦صوتا.  محمد رشاد »‬مطرب لم أسمع به» ١٣٦ صوتا. ثمة استفتاء آخر للعام نتيجته كما يلي. > اللاجئون. > عبدالفتاح السيسي. عدت لأقرأ وتوقفت أمام »‬الجندي  المصري»، لن أسيئ الظن ولن أغرق في  الاستنتاجات، ولكنني  سوف أحتكم للمقاييس المهنية، جميع الاستفتاءات التي  تجري  من هذا النوع تتعلق بشخصيات وليس شخصيات اعتبارية، ولنأخذ مجلة تايم التي  تجري  أشهر الاستفتاءات، كلها تدور حول شخصيات، حتي  عندما تعلق الامر بفيروس الايبولا، تم اختيار مكتشف المرض، وليس الفيروس، لماذا الاستفتاء علي  الجندي  المصري  في  المطلق؟ الجندي  المصري  رمز، ولذلك كان النصب للجندي  المجهول الذي  يقدس الشهادة، ما هو وقع هذا الاختيار علي  من يحاربون في  سيناء ومن يرابطون علي  أربع جهات يتهددنا منها الخطر، كيف نطلب من الرجال من شبابنا، الجيش من الابناء والاشقاء والاباء، كيف نطلب منهم أن يقدموا حيواتهم من أجل منابر تطعنهم في  قيمتهم، وتقدم مادة إعلامية دسمة للقوي  المتكالبة علي  الدولة المصرية الآن، والتي  تستهدف الجيش في  الاساس، لماذا تطرح شخصية اعتبارية في  استفتاء ؟، من حقهم أن  يعلنوا فوز هذا أو ذاك  رغم ان البعض مثير للجدل، هذا نموذج لأداء مهني  مختل أضعه أمام الاستاذ جلال عارف والزملاء في  المجلس الأعلي  للصحافة، تجاوز للمقدسات والثوابت وطعن للجيش في  الصميم، خاصة إذا عرفنا كيف تجري  الاستفتاءات وكيف يتم النقر علي  مفاتيح اللاب توب، وكيف تعمل الكتائب الالكترونية، ما الفرق إذن بين كتائب الجماعة والاعلام الخاص جدا؟ الفندق الذي أصبح قصرا السبت : تعاقبت الظروف علي المبني الذي أسس كفندق كان من أشهر فنادق الشرق، ثم اصبح مقراً رئاسيا، ومركزا لتاريخ مصر الحديث.. كانت مصر الجديدة في الخمسينات لمن يسكن القاهرة القديمة تبدو عالماً مختلفاً، بعيدا جداً، حتي بداية الستينات لم أكن زرتها أو عرفتها، ولأنني كنت من رواد جماعة الأمناء التي تعقد كل يوم احد في غرفة بمبني قديم بشارع الجمهورية يقوم مكانه الآن البنك المركزي، قرر الشيخ أمين الخولي مؤسس الجماعة وهو أحد الكبار الذين تأثرت  بهم في بداية الطريق، قرر إقامة حفل استقبال بمناسبة عيد صدور مجلة الأدب التي نشرت لي اول مقال، وكان ذلك في يوليو ١٩٦٣، قدمت فيه عرضا لكتاب هام عن »‬القصة السيكولوجية» للناقد ليون أيدل، وهو من الكتب التي أثرت في، دعاني الشيخ الجليل إلي الحفل، ولم أكن حضرت أي حفل استقبال في حياتي، ولم أعرف مصر الجديدة، حدثني الاستاذ نجيب محفوظ عن فسحته هناك في العشرينات، في عام ١٩٠٦ افتتحت الضاحية التي شيدتها شركة فرنسية يرأسها البارون امبان، والغريب أن الأجانب صمموا المدينة علي الطراز العربي الاندلسي، أماالمصريون فأقاموا العمارة علي الطرز الحديثة التي لاتتناسب البيئة أو المناخ. ذهبت بمفردي أبحث عن البيت رقم ١٣ شارع العجم، لم تكن الضاحية قد اتسعت بعد، كانت قاصرة علي الجزء الاصلي الذي اقامته الشركة وهو المحصور الآن بين روكسي وحتي الميرغني، قال لي نجيب محفوظ أن الشركة كانت تلجأ إلي وسائل دعاية للترغيب في السكني، منها اقامة ملاه  ضخمة اسمها »‬لونابارك» وكان الانتقال مجانا في المترو السريع الذيأعد  »‬خصيصا لخدمة الضاحية» وكان يعرف بالمترو الابيض، ويتميز بالسرعة والنظافة وقد عرفته في أوجه وعاصرت تدهوره إلي أن أصبح عالة علي الطرق. مازلت أذكر ابنهاري بالشوارع الفسيحة والمعمار الجميل اثناء بحثي عن شارع العجم حتي وصلت إلي فيللا الشيخ امين الخولي، كان الحضور من تلاميذه، وكلهم اساتذة جامعيون وسفراء ورجال دولة، دائما يقال أنه لم يترك كتبا كثيرة، ولكنه ترك رجالا، وقفت  بين الضيوف صامتا، منطويا علي نفسي، في الحديقة مائدة مستطيلة عليها أنواع مختلفة من الطعام الريفي الأصيل، فطير مشلتت، طواجن، بط، حمام محشي، خجلي منعني من التقدم، الشيخ الجليل يبدو أنه لاحظ، تقدم مني، امسك بمعصمي، قادني إلي مقعد ومنضدة، طلب مني الجلوس، اتجه إلي المائدة، امسك طبقا، راح يختار منه مالذ وطاب، عاد به إليّ، وقفت تأدباً، قال:  »‬كل كأنك في بيتك.. لا تخجل.. الا تري البهوات كيف يقدمون؟» شكرته متأثراً، قال إنه فضل أن يكون البوفية شرقيا.. كل هذه الأصناف من البلد، الحق أنني أقدمت علي الأكل خمن  عاداتي انني بطيئ المضغ، لذلك استغرق وقتا، لذلك ارتبك في المآدب الرسمية وفي معظم الأحيان لا اشعر بالطعام، ولكن إذا أكلت في بيت صديق حميم لايعنيني أن يقوم كل الجالسين وأن اظل وحيداً حتي أفرغ. من آداب المؤاكلة أن يكون المضيف آخر من يغادر المائدة حتي يأكل الضيوف براحتهم، لكنني مع الاصدقاء اخذ راحتي علي الآخر. لعل بوفيه الشيخ امين الخولي هو الوحيد الذي عرفته بأصنافه  الريفية المصرية، الصميمة حتي الآن، كان ذلك بداية تعرفي بمصر الجديدة، ثم ترددت علي اصدقاء كانوا يقيمون قرب ميدان الجامع، إلي أن عرفت قصر الاتحادية في منتصف الستينات تقريبا. الاتحادية في عام ١٩٦٢ تخرجت في مدرسة العباسية الثانوية الصناعية بعد أن درست فن السجاد الشرقي عموماً والايراني خاصة لثلاث سنوات، وتخصصت اكثر في نوع بعينه، السجاد البخاري نسبة إلي المدينة العريقة في جمهورية اوزبكستان، اثناءعملي رساما ومصمما في مؤسسة التعاون الانتاجي بالدقي طلب مني تصميم سجاد لفرش قصر الاتحادية، وتم تحديد اللون بالأخضر، استلزم الأمر قيامي بعدة زيارات إلي المبني الكبير، ولأن اهتمامي بالعمارة مبكر، رحت اتأمل الزخارف والنقوش، وحاولت الإلمام بتاريخه. شيد المبني ليكون فندقا لزوار الضاحية، كان اسمه في البداية »‬جراند اوتيل» وتملكه الشركة الفرنسية التي أسست الضاحية، افتتح للنزلاء عام ١٩١٠، صممه المعماري البلجيكي ارنست جاسبار، احتوي علي اربعمائة غرفة اضافة إلي خمس  وخمسين شقة وقاعة دائرية ضخمة خصصت للرقص وللحفلات، تولي البناء شركتان من كبري شركات المقاولات في مصر، هما »‬ليورولين» و»‬بادوفا دينتا مارو وفيرو» اما التوصيلات الكهربائية فقامت بها شركة ميسيس سمينز »‬الالمانية». تم تأثيث المبني بأثاث فاخر من طرازي لويس الرابع عشر والخامس عشر. أما القاعة الكبري فزينت بثريا ضخمة من الكريستال وكل النجف علي الطراز الشرقي، اما القبة التي تعتبر من اهم معالم القصر فارتفاعها ٥٥ مترا، وتبلغ مساحة القاعة  ٥٨٣ مترا وصممها الكسندر مارسيل، وتولي ديكوراتها جورج لوي كلود، وفرشت بسجاد شرقي نادر، وكسيت الجدران بمرايا من الارض إلي السقف. أيضا مدفئة ضخمة من الرخام، كما وضع ٢٢ عمودا من الرخام الايطالي الفاخر. طبقا لموسوعة ويكيبديا العربية الحرة، توجد قاعة وواجهة للطعام تتسع ١٥٠ مقعدا، وقاعة أخري ضمت ٣ طاولات بلياردو منها اثنتين كبيرتين من طراز نادر »‬ترستون» اما الاثاث فمن خشب الماهو جني، جئ بها من لندن، اما الحجرات العلوية فيها مكاتب وأثاث من خشب البلوط جئ به من محلات كريجر في باريس، الطابق السفلي كان فسيحا، ولاتساعه تم تركيب خط حديدي داخلي تنتقل عليه مركبات لنقل العاملين ومعدات الخدمة. لفخامة الفندق، واندلسية الطراز، أصبح مقصداً لاثرياء العالم، نزل به ميلتون هيرشي مؤسس اكبر شركة شيكولاتة في العالم، وجون بيريونت مؤسس المصرف الشهير ج.ب. مورجان، عاصر الفندق الحربين الاولي والثانية، وتحول إلي مستشفي عسكري خلال الحرب العالمية الثانية، عندما دخلته كان مقرا لما عرف بالحكومة الاتحادية، احد مشاريع الوحدة العربية بين مصر والعراق وسوريا كما كان يضم مكاتب لمن خرجوا من مناصبهم، أو يشغلون مناصب شرفية، أحد هؤلاء، من أجمل الشخصيات التي تعرفت اليها وكان سبباً في ترددي المنتظم لزيارته كما صحبته مرات إلي الجمالية، واعني حسين ذوالفقار صبري الشقيق الاكبر لعلي صبري رئيس وزراء مصر في زمن ناصر، ولتعرفي به تفصيل. حسين ذوالفقار صبري عقب هزيمة يونيو، صدر  كتاب »‬يا نفس لا تراعي» لحسين ذوالفقار صبري، وجدته نصا أدبيا رائعا، ولأنني مهتم بتنوع اللغة وأساليبها، توقفت عند لغته الفريدة التي لم أقرأ مثلها عند أي كاتب قبله أو بعده، قرأت مقالا بديعا عن الكتاب لاستاذنا الجميل يحيي حقي وكنت من المترددين، المصاحبين له منذ بداية الستينات وهو الذي لفت نظري إلي الموسيقي التركية التي أصبحت من هواتها ومستمعيها، يحيي حقي اشبه تعامله مع اللغة بفنان المجوهرات الذي يتعامل مع أندر الأحجار الكريمة من زمرد وعقيق وياقوت وماس، استفسرت منه عن المؤلف، قال لي إنه الشقيق الاكبر لعلي صبري أحد رجال الدولة البارزين في عصرجمال عبدالناصر، وأنه من الضباط الوطنيين الذين تتلمذوا علي يدي الفريق عزيز المصري الذي كان بمنزلة الاب الروحي للضباط الأحرار، خلال الحرب العالمية الثانية أعجب بعض الضباط الشباب بالعسكرية الالمانية نكاية في الانجليز الذين كانوا يحتلون مصر وتقاومهم الحركة الوطنية، لم يكن منطلقهم تضامنا مع النازي العنصري، بل من منطلق وطني ملخصه »‬عدو عدوي صديقي»، ومن هؤلاء انور السادات، الفريق عزيز المصري تزعم هذا الاتجاه وخلال معركة الجبهة  الغربية حاول الهروب إلي الالمان الذين كان يقودهم روميل، انطلقت طائرة يقودها حسين ذوالفقار صبري الضابط الطيار وقتئذ من مطار الماظة، وعليها عزيز المصري، ولكن خللا فنيا اضطرها إلي الهبوط في حقول امبابة، ولم تتم المحاولة، وهرب الاثنان إلي أن قبض عليهما، أقترح عليّ يحيي حقي أن نزور حسين ذوالفقار صبري معا، رحبت رافقتهإلي مكتب الرجل وكان في الاتحادية، اذن.. تلك المرة الثانية التي أدخل فيها القصر بعد دخولي اليه أول مرة كخبير للسجاد لكي أحدد اللون ونوعية السجاد الذي سيصنع خصيصا، وإن اخترت اللون الأخضر، كان المبني وقتئذ اشبه بالجراج الوظيفي للمسئولين الكبار الذين يتم عزلهم إلي أعلي، أي ترقيتهم إلي مواقع لايمارسون منها اختصاصات محددة، كان حسين ذوالفقار صبري من هؤلاء، والي جواره كان يقع مكتب الدكتور عبدالقادر حاتم الذي كان يتبادل وزارة الثقافة مع الدكتور ثروت عكاشة، كان القصر مهملا، غير ان عمارته ونقوشه الاندلسية كانت مركزجذب لبصري، رافقت الرجل مرات إلي القاهرة القديمة مرات بصحبة استاذي يحيي حقي، وعندما كتبت عن كتابه الفريد طلب مني الصحفي العظيم موسي صبري أن يتعرف به، وجري لقاء بينهما في اخبار اليوم بحضوري، كان كتابه »‬يانفس لاتراعي» ردا روحيا علي الهزيمة، ولكم أتمني أن يصدر الدكتور احمد مجاهد طبعة جديدة منه. خلال الثلاثين عاما الاخيرة  تطورت علاقتي بالاتحادية. قصررئاسي من الامور الايجابية في مرحلة حكم مبارك تخصيص مقر رئاسي، يتبدل عليه الرؤساء، ولاتتبدل المقار طبقا لاهوائهم، كان المقر في مرحلة الرئيس جمال عبدالناصر قصر كوبري القبة، وربماكان اختياره لأنه قريب من منزل الرئيس بمنشية البكري الذي لم يكن يمتلكه والذي استولي عليه السادات في أحد اعماله المشيئة  وأخرج الاسرة منه التي بادرت بتسليمه إلي الدولة، ويقال انه سيصبح متحفا ولكن لم يتم ذلك، عندما تولي السادات أختار قصر عابدين لأنه كان مغرما بالأبهة، وربما كان يتشبه بالملك الذي كان يمارس العمل السياسي ضده، وان كانت علاقته بالحرس الحديدي التابع للملك معروفة وتحيطها  تساؤلات، قصر عابدين من أجمل قصور العالم، لقد زرت اهمها، من المدينة المقدسة في بكين إلي الكرملين الذي رأيته جيدا، إلي قصور المغرب المبهرة، إلي اللوفر وفرساي والاليزيه، قصرعابدين فيه ثراء الثقافة وليس ثقافة الثراء، بعد تولي الرئيس مبارك الاسبق أختار قصر الإتحادية، ولكنه كان إذاأراد إبهار أحد ضيوف مصر الكبار يستقبله في عابدين، هكذا استقبل فيه شاه ايران، والرئيس فرانسوا متيتران الذي يعتبر احد كبار المثقفين في القرن العشرين، للحقيقة أنه جرت عملية ترميمات للقصور الرئاسية اشرف عليها ا لدكتور زكريا عزمي وتم اصدار مجلدين عن قصرين هامين، عابدين والطاهرة، هذا الترميم المتقن أسهم في الحفاظ علي ذاكرة مصر التاريخية، فتلك القصور ملك للشعب. دخلت الاتحادية مرتين في المرحلة الاولي من تولي الرئيس الاسبق وكنت بين مجموعة من المثقفين، وجري اللقاء في القاعة  البيضاوية، وقد تذكرت هذا اللقاء، يوم السبت الماضي بمناسبة التقشف الشديد في ضيافة الرئاسة، إذ كان الساخر الاعظم محمود السعدني حاضرا في احد اللقاءات وبعد  ساعتين من النقاش، صاح فجأة »‬ياريس.. مافيش كباية شاي وشوية مية..» يوم السبت الماضي »‬قدم الينا الشاي والماء مرة واحدة، وكنا سعداء لصراحة اللقاء وحميميته، ولعل هذا التقشف يصبح مثالا يحتذي، فقد لاحظت ان بعض المؤسسات والهيئات تقدم الحلويات الفاخرة في اجتماعاتها، وربما الوجبات ايضا. حضرت في الاتحادية حفل منح نجيب محفوظ قلادة النيل وتم في القاعة الرئيسية والتي كانت مخصصة للرقص عندما كان المبني فندقا، ثم حضرت منح قلادة النيل للقديس مجدي يعقوب في ١٧ يناير ٢٠١١، وكان الحفل بسيطا، أنيقا، حرصت خلاله علي تأمل الترميم الذي جري في المبني، وأتاح لي السفير المحترم سليمان عواد المتحدث الرسمي وقتئذ فرصة التجول في المبني، الطابق الاول اثناء الافطار الذي دعي اليه الحضور، والحق ان الترميم كان رائعا، الملاحظة التي أذكرها دائما، أن أعتي اجهزة مخابرات الدنيا لوحضرت هذا الحفل لارسلت إلي اصحاب القرار في بلادها ما يؤكد أن النظام باق أبدا، مستقر ولاشيئ يهدده، بعد اسبوع واحد اندلعت ثورة يناير العظمي بمنطلقها النقي قبل أن يظهر اصحاب الادوار الخفية والاخوان وحماس ومن والاهما، اقول دائما: هذا هو الشعب المصري، يصمت طويلا، ويعبر  كثيرا، حتي يظن من يحكمه أنه استكان وخنع، وفي اللحظة التي لا يمكن التنبؤ بها يهدر ويكتسح. دخلت القصر للقاء الرئيس المؤقت عدلي منصور مع عدد من الادباء المحترمين، المرة الوحيدة التي رفضت فيها دعوة من رئيس كانت في زمن الاحتلال الاخواني -هكذا كنت اسميه في ظل وجودهم وليرجع من يشاء إلي الاخبار- لم اكتف بالرفض، بل صرحت لموقع اليوم السابع، أن الاجتماع مظاهرة شكلية وان الرئيس الاخواني لايحترم الثقافة، التصريح بنصه مازال موجودا في ذاكرة الموقع، مازلت أذكر صورة لدخول الرئيس الصوري محمد مرسي وخلفه شخص له لحية، وكلاهما يتطلعان إلي الكرسي والمكتب الرئاسي، كأنهما ينويان أخذ شيئ منه، استبيح القصر زمن الاحتلال الاخواني وخصصت بعض قاعاته ليأكل فيها اعضاء الجماعة الاستاكوزا والكباب والاصناف الفاخرة، وعلاقة هؤلاء بالطعام في حاجة إلي فحص وتأمل، غير  أن الشعب الأبي انتفض في يونيو مع جيشه وطهر القصر ليدخله من يتسق مع المسار التاريخي للشعب والدولة.